تسهم مسارات المحتوى الرقمي التي تم إطلاقها مؤخراً ضمن مسابقة خاصة لاستقطاب التطبيقات والمشاريع العلمية الرائدة، في دعم إحدى المجالات المعرفية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم والثقافة والفنون والإعلام والتنمية البشرية والاقتصاد وإدارة الأعمال والسياحة والآثار وغيرها الكثير، وذلك انطلاقاً من هدف المسابقة التي أطلقتها الجامعة الافتراضية مع اتحاد طلبة سورية لاكتشاف مواهب كامنة في صناعة المحتوى المرئي أو المسموع أو في صناعة تطبيقات داعمة لنشر هذا المحتوى الرقمي.

ولعل المشروع البحثي الذي يحمل عنوان (تطبيق تاسع – تطبيق بكلوريا) الذي كان أحد المشاريع الفائزة بالمرتبة الأولى لكلا الباحثين المهندس قتيبة الخلف والمهندس جوني رباط، فكرة رائدة في مجال تطوير المحتوى الرقمي التعليمي لطلاب الشهادتين في سورية ضمن مسار تكنولوجيا التعليم.

الفكرة بأفضل صورها

تحدث الباحثان عن الظروف والأوضاع التي ساعدت على ولادة فكرة المشروع، وكان أهمها مفرزات الأزمة السورية وتأثيراتها على القطاع التربوي من تعطل الدراسة في عدد من المناطق والمحافظات السورية، وانقطاع الكثير من الطلاب عن مدارسهم، وما نتج عن ذلك من فاقد تعليمي وخسائر كبيرة في أعداد المدرسين والمدرسات. وما أتى بعد ذلك من أزمات تتعلق بجائحة كورونا والتي رفعت من نسبة العزلة والتعطل عن التعليم المباشر في المدارس. فكان هذا التطبيق بديلاً قوياً لترميم وتعويض النقص الحاصل في مجال التعليم. ويعتبر من أول التطبيقات المرخصة من قبل وزارة التربية السورية التي تحمل محتوى مدققاً بشكل كامل سواء بالفيديوهات أو اختبارات الكلمة.

تطبيق على الجوال

يقول المهندس جوني الرباط: من يشاهد الفيديوهات قد يعتقد أنها عبارة عن مُدرس يشرح درسه على اللوح. في حين هي عبارة عن فيديوهات أعدت باستخدام شاشة حديثة متطورة مع استخدام بعض تطبيقات الذكاء الصناعي لإنتاج محتوى تعليمي ذي قيمة معرفية سهلة الفهم. وإن الشق الثاني من المشروع هو الشق المتعلق باختبارات التقييم الذاتي. وهو اختبار للطالب بعد حضوره الفيديو والتأكد من حجم المعارف التي وصلت إليه. وقد خصص في التطبيق، اختبار خاص بكل درس بشكل مستقل، كما أن نتائج الاختبارات ليست (صح أو خطأ) وإنما إذا أخطأ الطالب هناك أيقونة في التطبيق خاصة بالشرح والتوضيح، وبالضغط عليها تبين له لماذا هذه الإجابة صح أو لماذا هي خطأ.

وأشار الرباط إلى أن التطبيق موجه إلى طلاب الصف التاسع وطلاب البكلوريا، لكنه بنفس الوقت يتضمن شرائح كثيرة تفيد الطلاب القاطنين خارج سورية أو البعيدين عن المدارس وليست لديهم إمكانية الوصول إلى المناهج السورية الوطنية، وكذلك الجرحى الذين لديهم وضع صحي خاص ولا يستطيعون متابعة المناهج عن قرب، وبالتالي هو يصل إلى أي مكان بشكل كامل ومفصل، ويمكن تحميله على الجوال بكل بساطة.

التوقيت المناسب

في السياق نفسه يبين المهندس قتيبة الخلف الدور الذي لعبه الوضع الاقتصادي الراهن الذي أدى إلى ارتفاع أجور الدروس الخصوصية وأسعار المعاهد والدورات، فكان هذا التطبيق أحد البدائل عن هذه الخدمات وبتكلفة منخفضة يستطيع الجميع الوصول إليه وخاصة الطلاب. كما أنه وسيلة سهلة، يقدم المناهج بأفضل صورها للطلاب المتواجدين خارج القطر ممن يرغبون في تقديم الامتحانات في سورية، وخاصة مع وجود أجهزة المحمول الحديثة في أيدي الغالبية العظمى من طلابنا وتعلقهم بها مع ما يحمله من مخاطر إضاعة الوقت في أشياء غير مفيدة. فكانت الخدمة أحد الوسائل التي تجعل من الجهاز المحمول وسيلة نافعة تخدم مستقبلهم من خلال تقديم تطبيقات تعليمية مفيدة.

بدء التنفيذ

يقول المهندس خلف: بعد اكتمال أساسيات فكرة المشروع في ذهني قمت بالاستعانة بعدد من زملائي المهندسين في جامعة دمشق من المختصين في مجال البرمجة لإعداد المحتوى البرمجي للتطبيقات، كما عملت على صعيد آخر وبالتعاون مع عدد من المدرسين الاختصاصيين التابعين لوزارة التربية لإعداد المحتوى العلمي للتطبيقات، لنصل في النهاية إلى تأمين فرصة رائعة للطلاب لحضور فيديوهات تحتوي على شروحات كاملة ووافية وذات مستوى عال لجميع دروس المنهاج في جميع المواد تقدم لهم على يد عدد من أفضل المدرسين وبتجهيزات تقنية متطورة، كما تقدم التطبيقات عدداً كبيراً من الاختبارات المنهجية المنظمة من أجل التقييم الذاتي، وهذه الاختبارات مدعومة بشرح وافٍ لكل سؤال.

الهدف النهائي

لعل تحميل هذا التطبيق البحثي العلمي بما يتضمنه من محتوى هام لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية بفرعيها العلمي والأدبي يعتبر نصيحة لتوديع الدروس الخصوصية وتكاليفها الثقيلة. وقد أكد القائمون على هذا المشروع أنهم مستعدون للأخذ بجميع المقترحات والأفكار التي تُقدم لهم بغية تطوير هذا العمل الرائد والوصول إلى الهدف النهائي وهو تقديم أفضل خدمة تعليمية منخفضة التكلفة وبمرونة كافية للوصول إلى الكمال وتلبية كافة المتطلبات التعليمية لكافة الطلبة وإيصالهم إلى أعلى المستويات.