يولد الإبداع من العزيمة والإصرار وتتحقق الاختراعات من قوة الحاجات، هذا ما يمكن قوله حول الإنجاز العلمي الذي حققته المهندسة المخترعة حكمة جبولي المتمثل (ببدلة آلية ذكية لمساعدة مرضى الشلل النصفي على الوقوف والمشي من جديد).

حصل اختراع المهندسة حكمة جبولي على براءة اختراع عام 2018 وميدالية الويبو الذهبية من المنظمة العالمية للملكية الفكرية في سويسرا عام 2019 وشاركت فيه إلى جانب مخترعين من 63 دولة في مسابقة اليوم العالمي للملكية لتعود وتشارك فيه من جديد في معرض الاختراع والإبداع بجامعة دمشق.

فكرة المشروع

عن مسيرتها العلمية وخطواتها الجدية نحو هذا الإنجاز، بينت حكمة الجبولي وهي خريجة قسم الهندسة الطبية من جامعة دمشق، أنها تمكنت من اختراع جهاز تقويمي إلكتروني ذكي لمرضى الشلل النصفي بهدف دعم أختها الصغيرة غزل جبولي التي تعرضت لشظايا قذيفة هاون عام 2015 في منطقة القصور بدمشق وأصيبت على أثرها بالشلل النصفي. تقول الجبولي: من رحم الألم يولد الأمل، فكيف إذا كان هذا الألم يخص أحد أفراد العائلة، حيث كان الدافع كبيراً للبحث عن أي فرصة لعلاج أختي غزل التي طلبت مني تصميم واختراع جهاز يساعدها على الوقوف والجلوس، وخاصة أن الأجهزة الموجودة في الأسواق أسعارها مرتفعة جداً وبنفس الوقت هي يدوية ولا تؤدي الغرض المطلوب منها، حيث يحتاج المريض لمن يساعده في الجلوس والقيام وغيرها من الأمور، وكلما كبر المريض في العمر يحتاج إلى جهاز جديد بقياسات جديدة. لذلك كانت فكرة الاختراع وكنت بحاجة إلى فريق يعمل معي، وعليه تم التعاون مع المهندس الالكتروني محمد، وابتكرنا أول جهاز يساعد مرضى الشلل النصفي على الوقوف والجلوس وتم تطويره ليصبح إلكترونياً يساعدهم على المشي.

بدلة روبوتية

مراحل الإنجاز

حول اختراعها قالت حكمة: "استغرق إنجاز الجهاز ثلاث سنوات وخضع لمراحل عدة من التطويرات ليساعد مريض الشلل على قبض وبسط مفصل الركبة بتقنية إلكترونية سهلة الاستخدام ليتمكن من خلاله بالوقوف والجلوس والمشي وهو مصنع من مواد محلية غير مستوردة". وطبعاً الأمور لم تسر بهذه البساطة فعندما فشل المشروع في البداية استسلمت للبكاء، ولكن أختي غزل طلبت مني إعادة المحاولة من أجلها ومن أجل كل من يعاني مثلها. وبعد عدة محاولات وتطبيقات أصبح الحلم حقيقة، وتمكنت من اختراع الجهاز وكلي أمل أن يحدث ثورة عالمية في الهندسة الطبية. ومن هنا بدأت التفكير بالمشاركة في المسابقات العالمية. وكانت سعادتي كبيرة عندما ارتدت أختي الجهاز لأول مرة وتمكنت من الوقوف والمشي وأصبحت قادرة على العطاء والعمل.

مواصفات الاختراع

يتميز هذا الجهاز بان المريض يستطيع تعديل الرنج الخاص به، حيث يستطيع المريض تعديل الحوامل الشاقولية الموجودة بالهيكل طولاً وعرضاً بما تناسب مع نمو طرفه، بمعنى إذا كبر المريض لا داعي لشراء جهاز جديد، وتم توفيره بكلفة مقبولة بما أنه تصنيع وابتكار محلي. تبين الجبولي أنها مع فريقها تمكنوا من تطبيق وتنفيذ أول اختراع (بروتوتايب) وهو عبارة عن جهاز إلتروا ميكانيكي يساعد المرضى على القيام والجلوس وحصل على براءة اختراع من سورية وعلى الميدالية الذهبية من سويسرا، وكان أول جهاز يتم ابتكاره وتنفيذه على أختها المصابة.

وبخصوص الجديد الذي يتعلق بهذا الاختراع، أوضحت بأنهم قاموا بتطويره إلى بدلة اكس سكيرتن وهي هيكل روبوتي بمعنى بدلة روبوتية يرتديها المريض وتساعده على الوقوف من جديد. مشيرة إلى أن هذه التقنية ليست جديدة بشكل عام فهي موجودة منذ عام 2001 ولكنها لم تنتشر في الدول العربية لأن سعرها مرتفع جداً، ولكن نحن كشباب سوريين قررنا ابتكارها بتكاليف مقبولة حالياً مستهدفين فئتين وهما فئة الناس الذين ليس بإمكانهم شرائها لأن تكلفتها تعادل ألف دولار، حيث يحصل المريض على الجهاز الذي يساعده على الوقوف والجلوس، وأما البدلة فستكون تكلفتها أعلى، وهناك الجهاز الميكانيكي تكلفته أقل وهو يناسب كل الفئات.