ضمن الابتكارات الأكثر حداثة في القرن الحادي والعشرين والتي شهدت ثورات طبية متعددة لتحسين المواد وطريقة التصنيع وتقييم القراءات، تلك التي تتعلق بطرق وتقنيات تطبيق الذكاء الصناعي في مجال تصنيع مفصل الورك الكامل وإعادة بناء الورك.

كان تصنيع مفصل الورك هو العنوان الرئيسي للبحث الذي تحدث عنه الدكتور خالد نمورة اختصاصي في جراحة العظام والمفاصل للبوابة المعرفية، مبيناً الغاية الإنسانية الهامة التي حققتها هذه التقنية في تسريع العملية الجراحية والشفاء لدى المريض من حيث إزالة الألم وتحسن الحركة وتحسن الحياة الاجتماعية والحالة النفسية، الناتجة عن الدقة في تصنيع المكونات وتركيب المفصل.

أكثر ثبوتية

يحقق الذكاء الاصطناعي تقدماً ملحوظاً في مجال طب العظام، وبالتالي إذا كان الحد الوسطي لعمر المفصل يصل إلى 20 عاماً في ظروف الجراحة التقليدية الجيدة ونوعية المفصل الجيد، فإن دخول الذكاء الاصطناعي والذي يهتم بموضوع دقة تركيب المكونات ويستخدم خوارزميات تستند إلى تحليل كميات كبيرة من البيانات وتعطي قياسات رقمية دقيقة، فإن ذلك يعني ثبوتية كبيرة للمفصل وعمراً أطول له، إذ إن الجراح في ظل هذه التقنية لا يحتاج للقيام بعملية تجريب القياسات الخاصة للمفصل، فهناك تصحيح ذاتي لتضييق الخيارات وتجنب الأخطاء.

مفصل الورك

تقدم سريع

الذكاء الاصطناعي لديه إمكانات متعددة لإحداث ثورة في مجال طب العظام من خلال تحسين التشخيص والتخطيط الجراحي والرعاية. وبحسب الدكتور نمورة فإن هناك الذكاء الاصطناعي بالأشعة الرقمية عن طريق برامج خاصة لتحليل الصورة الإشعاعية حيث يحصل الطبيب من خلالها على قياسات الجذع وطول العمق والشكل الهندسي للمفصل، إلا أن العيب الوحيد لهذه الطريقة أنها تعطي القياسات باتجاه واحد. وهناك المرحلة الأكثر تطوراً في تطبيق الذكاء الصناعي عبر الطبقي المحوري الذي يعطي شكلاً ثلاثي الأبعاد للأنموذج؛ حيث يكون الرسم يحاكي موضوع الحالة الطبيعية لدى المريض. وبهذه الطريقة تكون الأشعة موجهة عن طريق تصوير الجهاز القوسي للعمليات، حيث يقوم نظام السوفت وير بجمع هذه الصور كلها ليرسم من خلالها أنموذجاً ثلاثي الأبعاد عن طريق البرنامج الخاص بذلك، وفي الوقت نفسه يحدد القياسات كلها، وعليه فإن الشرط الأهم للنجاح الكامل للعملية هو عدم تحرك المريض أثناء العمل الجراحي حتى لا يحدث أي اختلاف بالقياسات.

بين الدكتور نمورة بأن جميع الطرق تعتمد على برامج تقنية السوفت وير التي تعطي قياسات دقيقة جداً في كل الاتجاهات (الميلان - الزوايا - قياسات المفصل بشكل دقيق) وقد تطور هذا النوع من العلاج بشكل أكبر، حيث دخل موضوع الحاسوب الذي يعتمد على الصور الشعاعية أو الطبقي محوري وعلى الوسائل الأكثر حداثة. ولفت إلى أننا في سورية لم نصل إلى تطبيق هذه التقنيات فيما يخص الجراحة العظمية، فحتى الآن لا يوجد برامج سوفت وير خاصة بذلك نتيجة ثمنها الباهظ.

الذراع الروبوتية

يؤكد الطبيب الجراح خالد نمورة بأن الروبوت وهو الأكثر تطوراً في مجال الذكاء الاصطناعي لطب العظام، فهو لا يعطي فقط الدقة في المقاسات والأحجام، بل له ذراع معقمة يتصل بالبرنامج يقوم بحفر زوايا محددة وفقاً لبرمجة القياس ويعطي صورة على الشاشة ويحرك الذراع نحو الوضعية الأصح؛ إذ يستمر بالعمل حتى يحصل على هذه الزوايا يكون المفصل قريباً من الطبيعي. ومن هنا يتم التركيز على الوضعية الصحيحة للمريض لأن أي خطأ فيها يعطي قياسات غير صحيحة .

ويبين بأن الذراع الروبوتية تساعد الجراحين على الاستعداد لعمليات استبدال المفاصل بدقة وكفاءة أعلى. وبعد خضوع المريض للتصوير المقطعي المحوسب ينتج نظام التصوير أنموذجاً رقمياً ثلاثي الأبعاد للمنطقة المستهدفة يمكِّن الطبيب الجراح من استكشاف حالة المفصل من جميع الجوانب عبر شاشة الحاسوب. وتتيح هذه التقنية المبتكرة للجراحين إلقاء نظرة شاملة على المفصل وبناء تصور واضح عن وظائفه وكيفية حركته. ومن خلال تقييم عملية استبدال المفصل قبل الوصول إلى مرحلة الجراحة الفعلية، يتمكن الطبيب من تحديد الأسلوب الجراحي الأمثل لإجراء الجراحة.

التحديات المحتملة

بالرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب العظام هناك أيضاً تحديات محتملة أشار إليها الدكتور خالد نمورة. فمن إحدى المخاوف هي احتمالية وجود أخطاء في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ما قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ، يبنى عليه علاج غير صحيح، كما أن هناك الكثير من البرامج المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لطب العظام في الوقت الحالية والمنتشرة على مستوى العالم، وبالتالي اختيار الأفضل يشكل أحد التحديات المحتملة.

وبين بأن الجراحة العظمية تختلف عن أي جراحة ثانية، فهي تتضمن جوانب علمية متعددة منها: علم الحركة والهندسة الفراغية وعلم البيو مكيانيك المرتبط بالهندسة الطبية. وعليه فإن أي خطأ في الزاوية المحددة تختلف القياسات، وهذا يتطلب التحضير الجيد من قبل الجراح وتطبيق برامج الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، بحيث تكون نسبة المضاعفات خفيفة جداً.