يتحدث أطباء الأوعية الدموية على مستوى العالم حول تضاعف الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم خلال العشرين سنة الأخيرة، فقد وصل العدد إلى أكثر من مليار شخص بين البالغين والذين تترواح أعمارهم ما بين 30 و79 عاماً.

المشكلة الكبرى التي يتحدث عنها الأطباء والباحثين حيال هذا الأمر، هي أن نصف هؤلاء الأشخاص لم يعرفوا أنهم مصابون بارتفاع ضغط الدم، والكثير منهم لا يعلم أن ارتفاع الضغط هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة مع أنه يمكن اكتشافه بسهولة وهو يزيد من ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والدماغ والكلى.

تقول الدكتورة رزان طرابيشي مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة إن هناك أهمية كبيرة في موضوع مراقبة ضغط الدم خاصة للمصابين به أو المصابين بحالات مَرَضية أخرى تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، مثل داء السكري أو أمراض الكلى، مؤكدة على متابعة جدوى العلاج، وفحص الضغط بانتظام على أنها الطريقة الوحيدة للتحقق مما إذا كان تغيير نمط الحياة أو أخذ الأدوية يأتيان بنتائج إيجابية أم لا. وأشارت إلى الدور المهم للرسائل الصحية التي تطلقها وزارة الصحة ضمن الحملة الوطنية لقياس ضغط الدم المستمرة حتى نهاية شهر آب وتشمل جميع المحافظات السورية من خلال جميع المراكز الصحية المشاركة بالحملة إضافة إلى الفرق الجوالة بشكل مجاني.

وأشارت طرابيشي إلى ما أظهرته الحملة من أعداد كبيرة للمصابين دون أن يدركوا ذلك. وهذا يعني ضرورة قياس ضغط الدم ومراقبته بشكل متكرر لكشف أي ارتفاع فيه، وخاصة للأشخاص الذين يشكون من الصداع في الجزء الخلفي من الرأس في أوقات الصباح.

السكة الدماغية

كثيراً ما نسمع أن فلاناً من الناس توفي بشكل فجائي ولم يكن يعاني من شيء. هذا الامر حوله إشارة صحية استفهامية تتعلق بفرط ضغط الدم كأهم عامل خطورة للسكتة الدماغية واحتشاء عضلة القلب وقصور القلب وأمرض الشرايين المحيطية، حيث يترافق الارتفاع المعتدل في الضغط الشرياني بقصر العمر المتوقع.

وأوضحت مدير الرعاية الأولية أن ارتفاع التوتر الشرياني (ارتفاع ضغط الدم): هو حالة مرضية مزمنة يكون فيها ضغط الدم في الشرايين مرتفعاً، أي أن الدم يُضَخ عبر الشرايين بقوة أكبر من المعتاد. هذا الارتفاع يتطلب من القلب العمل بجهد أكبر من المعتاد لكي يتمكن من دفع الدم في الأوعية الدموية، يؤدي هذا الضغط المرتفع بعد فترة زمنية الى إتلاف الأوعية الدموية في الدماغ والقلب والكلى والعين، مما يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية (خثرة/ نزف) أو قصور القلب أو الفشل الكلوي، بينما يقلل تخفيض ضغط الدم من هذه المخاطر.

يحدث ارتفاع ضغط الدم عندما يكون الضغط في الأوعية الدموية مرتفعاً جداً (140/90 مليمتر زئبق أو أكثر). وهو مرض شائع ولكنه يمكن أن يكون خطيراً إذا تُرك دون علاج.

دراسات

والشيء بالشيء يذكر، ففي دراسة شاملة غطت 99% من سكان العالم وشملت الفترة الواقعة بين 1995 إلى 2019 جرى استخدام قياس ضغط الدم وبيانات علاجية لأكثر من 100 مليون شخص. وجد الباحثون أن هناك تغيرات طفيفة في المعدل الاجمالي لارتفاع ضغط الدم، حيث تحول عبء هذا المرض من الدول الغنية إلى الدول منخفضة الدخل والفقيرة، وهي الدراسة التي قادتها منظمة الصحة العالمية وتم نشرها في المجلة الصحية lhe lancet .

الكشف المبكر

يتحدث أطباء الأوعية الدموية عن ضرورة التشخيص المبكر والتوعية حيال ارتفاع ضغط الدم لإنقاذ حياة آلاف من الشباب وذلك وفقاً لرؤيتين الأولى أنه مرض خفي أشبه بأمراض الأورام، والثاني أنه قابل للعلاج في حال اكتشافه مبكراً، وخاصة بعد أن توفرت جميع وسائل التشخيص والعلاج، الأمر الذي جعل التوعية مرحلة مهمة في إطالة العمر والعيش حياة طبيعية.

وفقاً للدكتورة منار كامل من مديرية الرعاية الصحية الأولية، فإن أهم أهداف الحملة تخفيض معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم بنسبة 33% خلال الفترة الزمنية التي بدأت عام 2010 ومستمرة حتى 2030 وخاصة أن الفئة المستهدفة هم جميع المواطنين ممن هم أكبر من 18 عاماً؛ حيث يتم تقديم خدمة قياس الضغط في المراكز الصحية والفرق الجوالة ويتم تلقي المشورة الطبية المبكرة.

ونبهت كامل إلى ضرورة هذه الإجراءات، لأن ارتفاع ضغط الدم مرض خطير إذا لم يتم كشفه وعلاجه بشكل مبكر، فقد كشفت الدراسات 46% من البالغين المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يعلمون أنهم مصابون به.

أما من الناحية الطبية فإن ارتفاع الضغط يحدث عندما يكون الضغط في الأوعية الدموية مرتفعاً جداً ما بين 90 حتى 140 مليمتر زئبقي أو أكثر. وتعتبر مضاعفات ضغط الدم هي أحد الأسباب الرئيسية للوفاة المبكرة في العالم، وخاصة أن الأشخاص المصابون قد لا يشعرون بالأعراض، وبالتالي الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان المرء مصاباً بارتفاع ضغط الدم أم غير مصاب هي الفحص بشكل متكرر.

وتبين الدكتورة كامل أن فرط ضغط الدم من أهم عوامل الخطورة للسكتة الدماغاية سواء كان نزفاً أم خثاراً، وهو ما يطلق عليه احتشاء عضلة القلب أو القصور القلبي، وهو أحد أسباب الإصابة بمرض الكلى المزمن.

لا يوجد سبب محدد للإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى معظم البالغين، ويطلق عليه فرط ضغط الدم الأساسي الأولي. وهناك ضغط الدم الثانوي الذي يحدث بسبب حالة مرضية كامنة كالأمراض الغدية والكلوية.

يسبب ضغط الدم المرتفع الصداع وتغيم الرؤية وألماً صدرياً وأعراضاً أخرى. والطريقة الوحيدة للكشف عن ارتفاع ضغط الدم هي اللجوء إلى قياس الضغط عند أحد العاملين الصحيين، واتباع نمط الحياة الصحية مثل الامتناع عن التدخين وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي والابتعاد عن التوتر.

يمكن أن تساعد التغيرات في نمط الحياة على الوقاية من ارتفاع ضغط الدم ومنها تناول المزيد من الخضروات والفواكه وممارسة المزيد من النشاط البدني تخفض الوزن الحرص على أخذي الأدوية وفقاً لتعليمات مقدم الرعاية الصحية المتابعة الصحية. ويمكن التقليل من مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم عن طريق فحص ضغط الدم بانتظام وتدبر الحالات الصحية الأخرى علاجياً.

كثيراً ما تبرز الضرورة للعلاج الدوائي لدى الأفراد الذين تحدث التغيرات على أسلوب الحياة لديهم، ويتم العلاج الدوائي بإشراف طبي حصراً، ويكون لذلك دور في الوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية وتلف الكلى.

مسح مجتمعي

انطلاقاً من الحقائق السابقة، تركز الحملات في كافة الدول وكذلك الحملة في سورية على إجراء مسح مجتمعي لدراسة معدل ارتفاع ضغط الدم لدى الفئات المستهدفة وإحالة من يشتبه بإصابته بارتفاع ضغط الدم إلى العيادات المختصة للمتابعة والحصول على الإشراف الطبي والعلاج المطلوب، ويأخذ مجال التوعية جانباً رئيسياً ضمن الرسائل الصحية التي تطرحها هذه الحملات وخاصة فيما يتعلق باللقاحات.