يعمل التصوير الحراري، وهو أساس العديد من أنظمة الرؤية الليلية، عن طريق الكشف عن الحرارة. كما أنه يميل إلى تقديم القليل من التفاصيل. لذلك غالباً ما تبدو الكائنات المصورة غامضة أو حتى شبحية. لكن مثل هذه الصور الباهتة ذات اللونين قد تصبح قريباً شيئاً من الماضي. لقد قام الباحثون الآن بربط الذكاء الاصطناعي (AI) بالرؤية الحرارية. يمكن لنظامهم الجديد تقديم صور واضحة ومفصلة - حتى في ظلام دامس.

التكنولوجيا الجديدة مكلفة ولا تزال قاسية وغريبة، كما لو أنها من عصور قديمة بعض الشيء. ولكن في يوم من الأيام، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز قدرة المركبات ذاتية القيادة على التنقل بشكل أفضل.

تبدو صور الأشعة تحت الحمراء – الحرارية – الأنموذجية لنظارات الرؤية الليلية ضبابية. يرجع ذلك إلى "الظلال"، حيث تطغى حرارة الجسم على أي تفاصيل تتعلق بنسيجه. (يشبه الأمر كيف أن تشغيل الضوء قد يجعل من الصعب فك رموز أي طباعة على لمبة زجاجية).

فانجلين باو هو عالم فيزياء نظرية في جامعة بوردو في غرب لافاييت بولاية إنديانا. وكان جزءاً من فريق استخدم نوعاً من الكاميرات الحرارية التي يمكنها معرفة الفرق بين ألوان الأشعة تحت الحمراء المختلفة، أو الأطوال الموجية. قام الباحثون بربط تلك الكاميرا ببرنامج كمبيوتر يستخدم الذكاء الاصطناعي لفصل المعلومات من بيانات الكاميرا. يكشف هذا عن درجة حرارة وملمس وتركيب الكائنات المصورة.

يمكن لهذه التقنية تحويل المشاهد الليلية المظلمة إلى صور مشرقة ومفصلة. ويمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أيضاً مطابقة ما يراه في الصورة - مثل الماء أو الرمل أو الأشجار - مع اللون الذي قد تكون عليه المادة في وضح النهار. ثم يقوم برسم تلك الصور على الشاشة بألوان نهارية واقعية إلى حد ما.

وصف الفريق هذا النظام في 26 يوليو/ تموز في مجلة Nature. يقول محمد علي فاروق: "لا توجد قيود على الظروف الجوية القاسية أو سيناريوهات الليل". وهو مهندس كهربائي في جامعة غالواي في إيرلندا، ولم يشارك في العمل. ويضيف: هذا يعني أنه يمكنك الحصول على بيانات جيدة جداً وواضحة جداً - حتى في الإضاءة المنخفضة".

يمكن للعديد من الكاميرات قياس المسافات نسبة إلى الأشياء التي تركز عليها. يمكن لنظام الكاميرا الجديد أيضاً أن يفعل ذلك، وإن كان بطريقة مختلفة، ولكن بنفس الدقة تقريباً. وهذا يعني أنه قد يكون مفيداً يوماً ما في المركبات ذاتية القيادة. عليهم فقط أن يعرفوا مدى بعد شيء ما. وهذا ما يسمح للسيارة بالفرملة تلقائياً في الوقت المناسب لتجنب الاصطدامات.

غالباً ما تقيس المركبات ذاتية القيادة الحالية المسافة عن طريق ارتداد الإشارات من الأشياء. وهذه أيضاً هي الطريقة التي يعمل بها الرادار والسونار. لكن السيارات ذاتية القيادة قد تسبب الإرباك لبعضها البعض إذا كانت جميعها ترسل إشارات في وقت واحد. إن التقنية الجديدة لا ترسل أية إشارات. لذلك قد يكون من الآمن التوسع في عالم تمتلئ فيه الطرق بالسيارات ذاتية القيادة، كما يقول فريق باو.

ومع ذلك، لا تتوقع رؤية سيارات تعمل وفق هذا النظام سوف تجوب الشوارع المزدحمة في أي وقت قريب. ذلك أن الكاميرا التي يعتمد عليها ضخمة، إذ يبلغ طولها حوالي نصف متر (1.6 قدم) على كل جانب. ويشير باو إلى أن النظام بأكمله يكلف أيضاً أكثر من مليون دولار. وأخيراً، يستغرق إنتاج كل صورة حوالي ثانية واحدة. وهذا بطيء للغاية بالنسبة إلى مركبة ذاتية القيادة تحتاج إلى الاستجابة لظروف الطريق الفورية.

ومع ذلك، يتطلع باو إلى رؤية ما يمكن أن تفعله الإصدارات المستقبلية من هذه التقنية للمركبات ذاتية القيادة أو الروبوتات. ويظن أنهم سيتمكنون قريباً من تفسير المشاهد - والتنقل في الليل - بشكل أفضل بكثير مما يستطيع الناس اليوم.

نقدم هنا تعريفاً لبعض المصطلحات التي وردت في المادة: الذكاء الاصطناعي: نوع من اتخاذ القرار المبني على المعرفة والذي تظهره الآلات أو أجهزة الكمبيوتر. يشير المصطلح أيضاً إلى مجال الدراسة الذي يحاول فيه العلماء إنشاء آلات أو برامج كمبيوتر قادرة على ممارسة السلوك الذكي واتخاذ القرار.

المقياس: جهاز لقياس أبعاد الشيء أو حجمه. على سبيل المثال، تقوم أجهزة قياس المد والجزر بتتبع الارتفاع المتغير باستمرار لمستويات المياه الساحلية على طول اليوم. أو أي نظام أو حدث يمكن استخدامه لتقدير حجم أو قياس شيء آخر.

الأشعة تحت الحمراء: نوع من الإشعاع الكهرومغناطيسي غير مرئي للعين البشرية. يشتمل الاسم على مصطلح لاتيني ويعني "تحت اللون الأحمر". للأشعة تحت الحمراء أطوال موجية أطول من تلك التي يراها الإنسان. وتشمل الأطوال الموجية الأخرى غير المرئية الأشعة السينية وموجات الراديو وأجهزة الميكروويف. يميل ضوء الأشعة تحت الحمراء إلى تسجيل التوقيع الحراري لجسم ما أو بيئة معينة.

عالم الفيزياء النظرية: هو عالم يدرس طبيعة وخصائص المادة والطاقة من خلال الرياضيات، والتي يتم إجراؤها عادة بواسطة أجهزة الكمبيوتر. ستعتمد تحليلاته أو تقييماته على المعرفة الموجودة بالفعل حول كيفية تصرف الأشياء. يميل مثل هذا البحث النظري إلى التنبؤ بكيفية ما سيحدث لسلسلة محددة من الشروط. وستكون هناك حاجة لاحقة إلى إجراء اختبارات تجريبية أو ملاحظات للأنظمة الطبيعية لتأكيد التنبؤات التي وصل إليها من خلال دراسته النظرية.

----

بقلم: لويس ميليسيو زامبرانو

ترجمة عن موقع: Science News Explorers