قام الباحثون بتعديل الجينات الوراثية للدجاج، ليمكنوا الدجاج من مقاومة عدوى أنفلونزا الطيور. كان الدجاج المعدل يتمتع بصحة جيدة مثل الدجاج غير المعدل.

تشير دراسة إلى أن الدجاج المعدل وراثياً حين يكون مقاوماً لأنفلونزا الطيور قد يمنع انتشار المرض في المزارع، إذ إن مجرد تعديلات صغيرة على جين واحد جعلت الدجاج مقاوماً لعدوى أنفلونزا الطيور، حسبما ذكر الباحثون في العاشر من شهر تشرين الأول في مجلة نيتشر كوميونيكيشن-Nature Communications.

يوفر الجين، المعروف باسم ANP32A، التعليمات التي تجعل خلايا الدجاج تصنع البروتين الذي تعتمد عليه فيروسات الأنفلونزا للاستيلاء على الخلايا بنجاح. أدى تعطيل قدرة فيروس الأنفلونزا على السيطرة على البروتين إلى منع إصابة معظم الطيور المعدلة وراثياً بالعدوى.

يقول جاكوب يونت، عالم المناعة الفيروسية بجامعة كولومبوس في ولاية أوهايو: "إن اختبار تعديل الجينات في مثل هذا الحيوان الزراعي المنتشر في كل مكان والمعرض لأنفلونزا الطيور يجعل هذه الدراسة مؤثرة و في غاية الأهمية".

يمكن للفيروس أن ينتشر بسرعة بين الطيور في مزارع الدواجن، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى عواقب وخيمة. ابتداءً من عام 2022، أثر تفشي المرض على صناعة الدواجن العالمية بشدة، مما دفع المزارعين إلى إعدام ملايين الطيور في الولايات المتحدة وحدها. وبعد فترة هدوء صيفية، في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أكدت مزرعة للديوك الرومية في داكوتا الجنوبية أول حالة إصابة في مزرعة دواجن أمريكية منذ نيسان، مما أثر على حوالي 47300 طائر.

في حين أن العديد من سلالات أنفلونزا الطيور لا تسبب سوى مرضاً خفيفاً لدى الطيور، فإن بعض السلالات القاتلة مثل تلك التي تسببت في تفشي المرض عالمياً يمكن أن تقتل الطيور بأنواعها المختلفة. كما ينقل الدجاج أحياناً الأنفلونزا إلى حيوانات المزرعة الأخرى مثل الخنازير في كثير من الأحيان، أو قد ينقله إلى البشر بنسب أقل.

ويمكن لهذا التعديل الجيني أن يمنع الفيروس من التكاثر داخل الحيوانات في الحالات المثلى، وبذلك لا يمكن أن يشكل خطراً على الطيور أو البشر على الإطلاق. في حين أظهرت الدراسة الجديدة، أنه لا تزال بعض الدجاجات المعدلة وراثياً مصابة بالعدوى، مما يعني أن هذه التقنية ليست فعالة بنسبة 100% بعد.

يقول يونت: "إن البحث الجديد لم يصل إلى النجاح الكامل بعد، لكنني أعتقد أنه بداية مذهلة وخطوة أولى مثالية".

قال عالم الأحياء التنموي مايك ماكجرو من جامعة إدنبره في مؤتمر صحفي يوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر: "إن اللقاحات اللازمة لحماية الدواجن من الأنفلونزا متوفرة، لكن الآلية مكلفة جداً، والفيروس يتكيف بسرعة للتهرب من تلك الحماية. ومن ناحية أخرى، يوفر تعديل الجينات طريقة لإجراء تغييرات دائمة تجعل الحيوان مقاوماً لمرض معين.

قالت عالمة الفيروسات ويندي باركلي من جامعة إمبريال في لندن خلال المؤتمر الصحفي إن ANP32A هو جين مثالي للتعديل في الدجاج لكونه عامل أساسي لتكاثر الفيروس.

وفي الدراسة، قام باركلي وماكجرو وزملاؤهم بإجراء تغييرين على ANP32A باستخدام المقص الجزيئي CRISPR-Cas9، بحيث لم يعد بروتين الجين قادراً على التفاعل مع فيروسات أنفلونزا الطيور. وقال المهندس الوراثي أليو إيدوكو أكوه من جامعة بريستول في إنجلترا في المؤتمر الصحفي إنه بعد مراقبة الطيور لمدة عامين، كانت الدجاجات المعدلة وراثياً تتمتع بالصحة الجيدة، ووضع الدجاج البيض بشكل طبيعي مثل الدجاج غير المعدل وراثياً.

بعد ذلك، وضع الفريق 10 صيصان طبيعية و10 صيصان معدلة جينياً في حاضنات منفصلة وعرضوها لجرعة تبلغ حوالي 1000 جزيء معدٍ من أنفلونزا الطيور مباشرة في التجويف الأنفي. وكانت الفيروسات من السلالة التي يمكن أن تصيب الطيور، ولكنها لا تجعلها مريضة بشدة. وبعد يوم واحد، انضم إلى مجموعتي الصيصان البالغة من العمر أسبوعين 10 أقران غير معرضين للجرعة، يطلق عليهم اسم الحراس. تم إقران الطيور غير المعدلة مع حراس غير معدلة، وتم إقران الطيور المعدلة مع حراس معدلين.

أصيبت جميع الصيصان العشرة غير المعدلة بالعدوى، وكان لديها مستويات عالية من الفيروس في أجسامها، وكذلك سبعة من حراسها. بينما أصيب بالفيروس واحد فقط من الصيصان المعدلة جينياً.

كان لدى هذا الصوص المعدل المصاب مستويات منخفضة من الفيروس، ولم ينقل الفيروس إلى أي من الحراس المعدلين. لكن الدراسة لم تتوقف هنا وأرادت ويندي باركلي وزملاؤها التأكد من أن هذه الدجاجات مقاومة حقاً.

لذلك كرر الباحثون التجربة، حيث عرّضوا الدجاج لفيروس أكثر بألف مرة مما كان عليه من قبل، ونحو مليون جزيء معدي، وهي جرعة عالية بشكل غير طبيعي تحتوي على فيروسات أكثر مما قد تتعرض له الطيور في مزارع الدواجن. قام الفريق أيضاً بوضع الحراس غير المعدلين والمعدلين مع الدجاج المصاب.

في إحدى الحاضنات، أصيبت جميع الدجاجات الطبيعية بالعدوى ونقلت الفيروس إلى كل حارس غير معدل. لم تصب أي طيور حراسة معدلة في تلك الحاضنة بالأنفلونزا. وفي الحاضنة الأخرى، أصيبت خمسة من أصل 10 صيصان معدلة بالعدوى بعد التعرض لها، مما أدى إلى نقل الفيروس إلى حارس واحد غير معدل، ولكن لم يتم نقله إلى صيصان معدلة. ويشير ذلك إلى أنه على الرغم من أن الفيروس يمكن أن يصيب الصيصان بجرعات عالية، إلا أن الحيوانات لم تكن معدية للغاية.

تكيفت الفيروسات المأخوذة من الدجاج المعدل جينياً الذي أصيب بالعدوى بطرق سمحت للفيروسات بالتخلي عن اعتمادها على بروتين ANP32A، وبدلاً من ذلك اختارت بروتينين آخرين من نفس العائلة للتكاثر. وهذا يعني أن تعديل أكثر من جين واحد قد يكون ضرورياً لجعل الدجاج مقاوماً بشكل كامل للأنفلونزا.

وقال ماكجرو: "إذا كان هذا مرضاً يصيب الدجاج فقط، فإن المقاومة التي خلقناها ستكون أفضل مما سنحصل عليه باللقاح. ولكن نظراً لأن هذا مرض حيواني المنشأ ويمكن أن ينتقل إلى البشر، فنحن بحاجة فعلاً إلى الوصول إلى المقاومة الكاملة".

أدى القضاء على جينات ANP32 الثلاثة من خلايا الدجاج المزروعة في طبق المختبر إلى منع الفيروس من التكاثر بشكل كامل. ولكن نظراً لأن وجود بعض بروتينات ANP32 قد يكون مهماً لتطوير أدمغة الصيصان وعظامها وقلوبها، فإن هذه الاستراتيجية قد تسبب مشاكل للدجاج الحي. يقول يونت إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحاً، وما إذا كانت الجينات الأخرى خارج عائلة ANP32 قد تكون أيضاً مرشحة جيدة للتعديل.

وفي النهاية إن استخدام الكائنات المعدلة وراثياً في الزراعة لا يخلو من الجدل. لكن من المهم مواصلة مثل هذه الأعمال في مجال الدجاج، كما يقول إدوكو-أكوه، "حتى نتمكن من الاستفادة من التكنولوجيا عندما يصبح مقبولاً على نطاق واسع".

----

ترجمة عن موقع: Science news