تشير دراسة جديدة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تسبب الإدمان حقيقة. فقد توصلت الدراسة إلى أن أسبوعاً من تخفيض أوقات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لم يزد أو يقلل من رغبة الأشخاص في العودة إلى الإنترنت.

يقول القائمون على هذه الدراسة إن عدم الرغبة في العودة إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام و إكس المعروفة سابقاً بتويتر، يشير إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة إلى معظم البشر قد لا يكون إدماناً فعلياً. ومع ذلك، لا يزال بعض الخبراء يشككون.

يقول ماريك فاندن أبيلي، وهو عالم الاتصالات في جامعة غينت، والذي لم يشارك في البحث: "إنها دراسة جيدة حقاً". ولأن الغالبية يصنفون الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي على أنه إدمان، فإن فكرة "التخلص من سموم" إنستغرام وإكس، أشبه بتخلص المرء من المخدرات أو الكحول، والتي حظيت بالاهتمام أيضاً.

مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدى العقد الماضي، كان التركيز عموماً على قدرتها على التسبب بإلحاق الأذى بصحتنا العاطفية وحتى إدماننا على الإعجابات والمتابعة. وقد أظهرت بعض الأبحاث علاقة بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة الاكتئاب والقلق، وفي أحيان قليلة، يمكن أن تشبّه باضطرابات تعاطي المخدرات.

لكن النتائج لم تكن قاطعة. أشارت بعض الدراسات إلى أنه بدلاً من معاناة أعراض الحرمان، يشعر البعض بسعادة أكبر أثناء "التخلص من السموم الرقمية"، في حين لم يجد آخرون أي تغيير. ولهذا السبب وغيره، يتردد بعض الخبراء في استخدام تعبير "الإدمان" على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يقول فاندن أبيلي: "نحن نعتمد بشكل كبير على هذه الوسائل. لكن هذا لا يجعلنا مدمنين بشكل مرضي".

ولاستكشاف كيفية تأثير الامتناع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العاطفية - وما إذا كان القيام بذلك يكشف عن أي علامات إدمان - طلب نيكلاس إحسن ومايكل وادسلي، عالما النفس في جامعة دورهام، من 51 طالباً متطوعاً أن يتخلوا عن وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع واحد - لكنهم لم يقيدوا قدرتهم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. على مدار ذلك الأسبوع، سجلت الدراسات الاستقصائية مقدار الوقت الذي يقضيه الأشخاص في استخدام تطبيقات الهواتف الذكية المختلفة وسلامتهم العاطفية.

قام الثنائي أيضاً بإخضاع الأشخاص لتمارين مخبرية مشابهة لتلك المستخدمة في بعض دراسات الإدمان. في إحداها، طلب الباحثون من المشاركين إما الاقتراب أو تجنب أيقونات وسائل التواصل الاجتماعي على الشاشة عن طريق الضغط على الأزرار، مثل تحريك شخصية لعبة فيديو نحو الهدف. وفي تجربة أخرى، وفروا إمكانية وصول أطول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تمكن الأشخاص الأسرع من النقر على شريط المسافة. بعد أسبوع واحد من الجهد لتجنب وسائل التواصل الاجتماعي، لم تعد احتمالية انجذاب الأشخاص أكثر أو أقل نحو أيقونات التطبيقات، أو مزج لوحة المفاتيح بشكل أسرع أو أبطأ.

بشكل عام، لم تظهر النتائج وجود تغيير في الرغبة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع، حسبما أفاد الباحثون. يقول إحسن: "ما نراه في وسائل التواصل الاجتماعي يختلف مقارنة بما نراه في حال الإدمان على المخدرات".

هذا لا يعني أن التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لم يكن له تأثير على الإطلاق. إذ إن تخفيض استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أدى إلى تقليص المشاعر السلبية لدى المشاركين، ولكن ذلك ترافق مع تراجع المشاعر الإيجابية أيضاً.

يبدو أن الدراسة لم تقنع الجميع. قال جان توينغ، عالم النفس من جامعة ولاية سان دييغو، في رسالة إلكترونية له: "إن أسبوعاً واحداً لا يعتبر كافياً لرؤية تغييرات متسقة أو ذات معنى. كما أن مشاركة 51 شخصاً لا تكفي للحصول على نتائج موثوقة". في حين يقول إحسن: "أعتقد أن تجنب وسائل التواصل الاجتماعي لفترة أطول قد لا يغير النتائج كثيراً".

كانت بضعة أيام أيضاً طويلة بما يكفي ليتمكن معظم المشاركين من العودة إلى عاداتهم القديمة. فقد فشل الجميع باستثناء سبعة بتجنب وسائل التواصل الاجتماعي تماماً. ومع ذلك، خفض معظم المشاركين من استخدامهم بشكل كبير، من حوالي 3.5 ساعة إلى 35 دقيقة يومياً في المتوسط. وعلى الرغم من أن الأرقام ارتفعت مرة أخرى في الأيام الأربعة التي أعقبت أسبوع "التخلص من السموم"، إلا أنها ظلت أقل بحوالي ساعة كاملة يومياً من ذي قبل.

يقول بعض الخبراء: "قد تشير هذه النتيجة إلى أن استراحة قصيرة المدى مثل هذه يمكن أن تكون نقطة انطلاق للأشخاص الذين يتطلعون إلى تقليص استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو كانت آثار ذلك على الصحة العقلية لا تزال غير مؤكدة".

يقول أوفير توريل، عالم نظم المعلومات في جامعة ملبورن، والذي لم يشارك في الدراسة: "عندما تخبر الناس أنه يمكنهم القيام بما هو أفضل إذا استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لمدة نصف ساعة يومياً، فقد يطورون عادات أفضل".

إن اعتماد "نظام تقليص استخدام" جديد على وسائل التواصل الاجتماعي مقارنة بالحمية عن بعض الأطعمة، والتي يفضلها العديد من الخبراء على المقارنة بالمخدرات. يقول فاندن أبيلي: "أنت بحاجة إلى الطعام للبقاء على قيد الحياة، ولكن كمية ونوعية ما تأكله أمر مهم أيضاً". وبالمثل، فإننا غالباً ما نعتمد على وسائل التواصل للتواصل الاجتماعي، ولكن من الممكن المبالغة في ذلك.

ومع ذلك، فإن استبدال بسكويت الشوكولاتة بالآيس كريم قد يبطل الغرض من النظام الغذائي. وفي غياب وسائل التواصل الاجتماعي، لاحظ مؤلفو الدراسة الجديدة أن المشاركين قضوا وقتاً أطول في لعب ألعاب الفيديو والتسوق عبر الإنترنت. ويستمر الباحثون بالبحث ونستمر نحن في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي طالما أمكننا ذلك وكل حسب اهتمامه.

----

ترجمة عن موقع: Science