على جانب صغير من أساسيات الحفاظ على التربة والحصول على زراعة صحيحة، يتوجه البحث العلمي نحو إيجاد مواد غذائية داعمة للتربة، وخاصة أنها أحد العناصر الأساسية للحياة وفقاً للعلماء، والتي تشكل التربة والمياه والنبات. وعليه فإن التركيز على تقديم إضافات للنبات من الأسمدة ليس حديث العهد، فهناك تاريخ طويل يبدأ من الأسمدة العضوية التي اعتاد عليها المزارع القديم والتي كانت تقدم بطرق تقليدية وصولاً إلى الأسمدة المعدنية الكيميائية التي تقدم غذاء صحياً وسريعاً للتربة.

في هذا البحث ركزت الدكتورة ندى غيبه رئيس قسم بحوث فيزياء وكيمياء التربة في إدارة الموارد الطبيعية، على موضوع الأسمدة المعدنية فقط، كون الدخول إلى مواضيع الأسمدة العضوية له باب كبير من التفرعات العلمية في ظل توجه العالم اليوم نحوها سواء بالبحث العلمي والنظري أو بالاستخدام التطبيقي انطلاقاً من جوانب بيئية وغذائية أكثر صحة.

عناصر كبرى وصغرى

بينت الباحثة غيبه أن أي محصول جيد يحتاج الوصول إلى تربة أو بيئة صالحة، ولكن نتيجة الاستخدام المستمر للعروة الزراعية التي تحدث في العام والتي هي أربعة مرات، بمعنى استخدام الأرض بمحاصيل متتالية ينقص من المواد الغذائية الموجودة بالتربة وتصبح ضعيفة، وبالتالي فإن الوصول إلى منتج جيد يجب أن يوضع عليه أسمدة لازمة كاملة وإضافات للأسمدة المعدنية والعضوية. مشيرة إلى وجود أنواع للأسمدة، وهي بالتعريف مواد عضوية وغير عضوية تزود المواد بعنصرين هما الكربون والهيدروجين، وتعتبر الأسمدة المعدنية التي أساسها الآزوت والفوسفات والبوتاسيوم، عناصر غذائية تحتاجها التربة، وهي تسمى العناصر الكبرى، لأن النبات يحتاجها بكميات كبيرة. في حين تعتبر حاجة التربة للنحاس والمنغنيز والكربون أقل من تلك المواد، ولهذا تسمى العناصر الصغرى.

ولفتت رئيس قسم بحوث فيزياء وكيمياء التربة بأن الأسمدة المعدنية هي عبارة عن عناصر أولية (أزوت وفوسفور وبوتاس) والأسمدة الكيميائية هي الأسمدة المصنعة في المعامل خصيصاً لخدمة التربة التي تحتوي على كمية من المواد المغذية، لكن تجد صعوبة في التمثيل لتستفيد منها النباتات، لذا فإن دور الأسمدة الكيميائية هو تنشيطها لتلبية حاجيات التربة، حيث إن الأزوت متواجد بشكل حر في الطبيعة وكذلك سلفات البوتاسيوم، في حين هناك مصانع لإنتاج اليوريا ونترات الأمونيوم ويتم استخدامها ضمن خطط وبرامج زراعية خاصة وبعد مراقبتها بالمخابر بشكل روتيني وبما يوافق هيئة المواصفات والمقاييس. فهناك قرارات وزارية لإجراء التحليل الكيميائي للأسمدة وخاصة المستوردة.

معلومات الاستخدام

ركزت الأبحاث الحديثة على طرق استخدام الأسمدة الكيميائية، فلا بد من معرفة نوع السماد المناسب الذي يختار المزارع بناء على عدة معايير كالمناخ ونوع النبات أو المحصول، كذلك حسب احتياجات التربة للمغذيات، وذلك يحتاج إلى مخابر خاصة لفحصها ومعرفة عناصر النقص حسب قانون الحد الأدنى لعالم الأسمدة Leibig الذي مفاده أن أي نقص في أحد العناصر يؤثر سلباً على النمو.

وأوضحت الدكتورة غيبه أنه في حالة زيادة عنصر على الآخر بشكل مفرط، فلا جدوى من إضافة السماد للتربة، لكن تعود الإنتاجية إلى معدلها الطبيعي مع توافق النسب المثالية بين العناصر المغذية،كما أن قانون الحد الأدنى يشمل الرطوبة والصفات الوراثية ودرجة الحرارة والضوء ومكافحة الآفات.

تاريخياً

هناك أنواع للأسمدة المعدنية وكذلك هناك تاريخ مهم يتعلق باستخدامها، فقد استخدمت الأسمدة الفوسفاتية لأول مرة في القرن التاسع عشر حيث كانت تستخرج عن طريق طحن العظام الحيوانية. وتطورت العملية فيما بعد حيث أصبحت العظام تعالج بواسطة حمض الكبريت الذي يحول العظام إلى مادة لزجة، كما كانت تضاف عليه عدة مواد أخرى كنترات الصوديوم وأملاح البوتاسيوم، ويطلق على ناتج هذا السماد بسوبر فوسفات.

كما استخدمت نترات البوتاسيوم الطبيعية منذ سنوات طويلة وكانت تأخذ من نفايات الشمندر والرماد، وهذه الأسمدة تُنتج اليوم من كلور البوتاسيوم، إذ تعتبر كبريتات البوتاسيوم ونترات البوتاس من الأسمدة البوتاسية الأساسية الغير كلورية. أما الأسمدة النيتروجينية وفقاً لمعطيات البحث، فقد كان استخدامها ثانوياً رغم أهميتها الكبيرة في اكتمال نمو النباتات، إذ كان يتم الاعتماد على النيتروجين الناتج عن المطر نتيجة مخلفات دورة المحاصيل الزراعية، ولكن في العصر الحديث أصبح اللجوء إلى مصادر النيتروجين الطبيعية مثل الفضلات العضوية وسماد الجوانو.

وأكدت الدكتورة ندى غيبه بأن الأسمدة المركبة تعتبر من أكثر الأسمدة شيوعاً بين المزارعين لأنهم يفضلون استخدام سماد مركب بدلاً من كل سماد على حدة، كما أن البعض يفضلها لعدم قدرته على معرفة النسب المناسبة للخلط بين المواد المكونة للحصول على سماد مركب قوي وفعال.

التوجه الجديد

يتوجه العالم اليوم نحو الأسمدة العضوية بشكل كبير وبعد اجتماعات ودراسات كثيرة أثبتت أهمية العودة إلى الطبيعة من خلال استخدام الأسمدة العضوية، فهناك مخابر خاصة لتطوير هذه الأنواع من الأسمدة وخاصة السماد الترابي (كمبوستالفيتي) وهو السماد العضوي الجديد الذي يتم الحصول عليه من روث الدود يستخدم للتسميد بهدف الحفاظ على البيئة.