بهدف الدخول إلى عالم النانو في مجالات لم تكن تخطر على بال الكثير من الطلبة الخريجين أو الباحثين، عملت كل من الطالبة المهندسة بتول خالد صقر وزميلها المهندس فهد محمد محمود من قسم الهندسة الميكانيكية للصناعات النسيجية وتقاناتها، على إدخال النانو في صناعة أقمشة خاصة لمعالجة الحروق بهدف المساهمة بشكل أسرع في تحقيق العلاج للمرضى وخاصة عندما تكون هذه الحروق والجروح في حالاتها المتقدمة.

انطلقت الفكرة من رغبة الطالبين بالدخول إلى مجال النانو الطبي، وانطوت آلية مشروعهما الذي حمل عنوان (معالجة الأقمشة بالمواد النانوية للمساعدة في علاج الحروق والجروح) على إنتاج عينة قماشية مشربة بمواد نانوية ( ثنائي أكسيد التيتانيوم ومواد مساعدة) وذلك للمساعدة في العلاج بشكل أسرع. قاما بعدها بتجربتهما المخبرية.

آلية التطبيق

تم إنتاج العينية الطبية بتحميل مواد نانوية وخاصة ثاني أكسيد التيتانيوم الذي هو أساساً مادة بكتيرية، على قماش، بحيث تم تحويلها إلى ركيزة لضماد يساعد بشكل تدريجي على العلاج. وقد جُربت العينة تحت إشراف طبيب بيطري على بعض الحيوانات. وعند تطبيقها على حروق فأر التجربة، تبين أن مدة الحرق قلّت إلى النصف خلال أيام أقل بكثير مما يحتاجه الضماد العادي، وخاصة أن الحرق الذي تمت التجربة عليه يحتاج إلى 15يوماً للشفاء. وقد تشكلت طبقة بكتيرية بشكل أسرع. تقول المهندسة بتول إن تطبيق العينة على مكان حرق الفأر قلل الوقت إلى النصف، وبدأت الخلايا بالتجدد من اليوم الثاني لوضع القماش النانوي، كما بدأت الطبقة البكتيرية بالتشكل مباشرة.

وأشارت إلى أن المنتج لم يساعد المريض على تسريع العلاج فقط بل يساعده على عدم تشكل الندب، ويمنع حدوث التهابات في مكان الإصابة التي قد تؤدي في حالة الجروح للانتقال إلى كامل الجسم.

زوال الطبقة المتصلبة

أظهرت نتائج المشروع وفقاً للمهندسة بتول أن هذا المنتج النسيجي الطبي قد منع تشكل الثقافة البكتيرية، وقام بدور مطهر جيد عن طريق اختصار المراحل التي يحتاجها المريض للقضاء على الحالة الالتهابية وعلاجها، والتي عادة تأخذ فترة زمنية من 5 إلى 6 أيام في حال تشكلها في مثل هذه الحروق البسيطة. كما ساعد المنتج الطبي على زيادة سرعة تجديد الخلايا حيث تم زوال الطبقة المتصلبة وهي فعلياً الطبقة الجلدية التي حُرقت، وقد ظهرت بدلاً عنها طبقة جلدية ناعمة وردية تبين بداية إعادة تشكيل الخلايا.

يقول المهندس فهد إن هذه النتائج تبين فاعلية الآلجينات في عملية تجديد الخلايا كما تظهر أيضاً امتصاصية عالية لإفرازات الحروق وأن هذا المنتج النسيجي الطبي قد اختصر المدة الزمنية اللازمة لعلاج الحرق بما يقارب الـ7 أيام.

على الهامش

تجدر الإشارة إلى أن قسم الهندسة الميكانيكية للصناعات النسيجية وتقاناتها افتتح بكلية الهمك بجامعة دمشق عام 2001/2002 ويقوم على تأهيل الكوادر العلمية من المهندسين القادرين على قيادة العمليات الإنتاجية وتطويرها في المجالات الصناعية وتطوير قطاع الغزل والنسيج الذي يعتبر من الركائز الأساسية في بيئة المجتمع السوري.

وتعد الأقمشة النانوية منسوجات مصممة باستخدام جزيئات صغيرة تمنح المواد العادية خصائص مفيدة مثل الكراهية الفائقة للمياه وإزالة الرائحة والرطوبة، وزيادة المرونة والقوة، ومقاومة البكتيريا تبعًا للخاصية المطلوبة، وتُصنع الأقمشة النانوية إما من ألياف بمقاييس نانومترية تسمى الألياف النانوية، أو تُشكل عن طريق تطبيق محلول يحتوي على جسيمات نانوية على نسيج عادي. تعد جهود الأبحاث في مجال الأقمشة النانوية متعددة التخصصات، وهي قادرة على إحداث ثورة في تصنيع النسيج ومجالات الطب.