عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم عن طريق الخطأ بعضاً من خلاياه السليمة، فإن ذلك يدخل فيما يسمى داء بهجت والذي يشكل اضطراباً مناعياً ذاتياً تم اكتشافه من قبل الأطباء في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد اعتبروه مؤلفاً من ثُلاثي شهير هو (القلاع الفموي وتقرحات القلاع التناسلي والتهاب طبقات العين).

ولكن مع تطور الطب والعلم تبين أن هذا المرض له إصابات واسعة تشمل عدة أجهزة في الجسم يمكن أن تشمل أيضاً الشرايين.

هذا أيضاً ما أكده الدكتور كاسر الدو أخصائي أمراض مفاصل ورومايتزم في تناوله آخر المستجدات المتعلقة بعلاج هذا المرض والبرتوكولات المتبعة لكل إصابة. موضحاً أن داء بهجت العصبي يعتبر الاختلاط الأكثر شدة في سياق هذا الداء ويتطلب تدبيراً فعالاً وسريعاً لتجنب العجز على المدى البعيد. ونظراً لقلة الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع، فإن العلاج يتم بناءً على النتائج المستخلصة من علاج الإصابات العصبية في سياق بعض الأمراض المناعية الذاتية الأخرى أو اعتماداً على علاجات بعض الإصابات الجهازية.

طرق غير ثابتة

لا يمكن استنباط نتائج ثابتة من خلال علاجات بعض الإصابات الجهازية وتطبيقها على الإصابة العصبية. ففي الوقت الذي يعتبر فيه الـ Cyclosporine فعالاً لعلاج الإصابة العينية، يمكن أن يؤدي إلى أزيات عصبية برانشيمية إذا استخدم عند مرضى داء بهجت ذوي الإصابة العصبية، ولهذا فإن استخدامه عند مرضى داء بهجت العصبي يعتبر مضاد استطباب قطعياً. بينما تعالج الحالة الالتهابية الحادة بجرعات كبيرة من الستيروئيدات ما أمكن بشكل وريدي يليها استخدام مثبطات المناعة مثل السيكلوفوسفاميد وأضداد الـ TNFa عند المرضى الناكسين. يشير الدكتور الدو إلى وجود بروتوكولات عديدة لعلاج الهجمات الحادة، ويعتبر إعطاء ميثلبرودنيزولون بجرعات نبضية 100ملغ، هو بمثابة حجر الزاوية في جميع هذه البروتوكولات؛ حيث تُعطى هذه الجرعة لمدة 5 أيام متتالية. يتلوها إعطاء البريدنيزولون فموياً بجرعات كبيرة ( 60 ملغ أو 32 ملغ ) بالترتيب ويتم بعدها تخفيض الجرعة بشكل تدريجي على مدار عدة أشهر. مبيناً أن الفعل البيولوجي التراكمي للأدوية المعدلة لسير المرض لا يصل إلى ذروته إلا في غضون 6 أشهر وعليه يُنصح بالاستمرار بالعلاج الفموي بالستيروئيدات لفترة تتراوح بين 3 – 6 أشهر.

علاج النكس

يعد نكس الإصابات العصبية البرانشيمية شائعاً بنسبة تزيد عن الضعف بالمقارنة مع إصابة الجيوب الوريدية. ويرى الدكتور كاسر الدو: أنه يجب وضع جميع المرضى على الأدوية المعدلة لمتابعة المرض منذ الهجمة الأولى. يعتبر أزاثي وبرين المعيار الأول ويجب البدء بالعلاج المثبط للمناعة في أسرع وقت ممكن بعد الهجمة الأولى وذلك نظراً لأن فعلها الحيوي لا يأخذ بعده النهائي إلا بعد مرور عدة أشهر، وخلال هذه الفترة يجب أن يوضع المرضى على جرعات متفاوتة من القشرانيات السكرية حسب شدة الإصابة سريرياً. كما يمكن استخدام ميثو تريكسات كخيار أول رغم قلة الدراسات التي تشير إلى فعاليتها في سياق داء بهجت العصبي. ويوضح بأن استخدام أدوية الخط الثاني عند المرضى المعندين، يتضمن أضداد الـ TNFa وسيكلوفوسفاميد، ويمكن اللجوء إلى زرع الخلايا الجذعية الذاتية عند المرضى المعندين على جميع العلاجات بعد إعطاء جرعات كبيرة من العلاج الكيماوي.

يقول الباحث الدو إن إضافة العلاج المضاد للخثار في هذه الحالة موضوعاً جدلياً. وذلك لأن مرضى بهجت المصابين بهذا الخثار مهيئون لأن يكون لديهم إصابات مرافقة على مستوى الأوعية الكبيرة (أمهات دم رئوية محيطية) والتي يمكن أن تتمزق. وكذلك فإن إخماد الالتهاب بحد ذاته يمكن أن يؤدي إلى إعادة تقنين كلاميزين للأوعية المسدودة، ولهذا ينصح بأن تعطى المميعات للمرضى المعندين على العلاج بالقشرانيات السكرية ومثبطات المناعة كعلاج إضافي. ولا توجد دراسات عالمية لتقييم فائدة هذا المركب في سياق P-NBD أو CVST ورغم ذلك ينصح بإعطائه كدواء خط أول في العلاج الوقائي من داء بهجت العصبي الجرعة الموصى بها، كما أنه يجب الانتباه بحذر إلى المرضى ذوي التغيرات الوراثية.

هناك بروتوكولات علاجية حديثة عديدة تأخذ دور الطليعة مثل ميكوفينوليس أسيد حيث يمارس هذا الدواء فعله المثبط عن طريق الاصطناع الجديد للنكليوتيدات كما ويثبط تكاثر الخلايا اللمفاوية ويثبط إنتاج بعض الغليكوبروتينات وجزيئات الالتصاق مانعاً بذلك هجرة اللمفاويات ووحيدات النوى إلى مواقع الالتهاب.

بروتوكولات أخرى

حسب التوصيات الحديثة يجب أن يعطى الـ Infliximab في حالات انتقائية للآفات الجلدية المخاطية أو إصابة الجزء الخلفي من العين (التهاب العنبة الحاد المهدد للرؤية أو الخثار الوريدي المعند، الإصابة الشريانية المعندة) كذلك الإصابة العصبية الشديدة أو المعندة NBD حيث يؤدي العلاج به إلى هوادة سريعة ومطولة وبشكل يقل فيه الاعتماد على القشرانيات السكرية.

وبحسب الدكتور الدو فإنه الوحيد من بين أضداد الـ TNFa الذي أجريت عليه التجارب في داء بهجت، حيث بينت هذه الدراسة أنه كان فعالاً في السيطرة على التقرحات الفموية والآفات الجلدية العقيدية أو البثرية، كما حد من حدوث التقرحات التناسلية وخفّض شدة الإصابة المفصلية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التقرحات المعوية.

وبالسياق نفسه بينت بعض الدراسات السريرية فعالية المركب كاسيريبورتس في علاج داء بهجت العصبي من الأنموذج البارانشيمي PNBD ولهذا فقد أوصي باستخدامه كخيار علاجي في NBD كما توجد عدة حالات سريرية عند الأطفال تشير إلى النتائج الإيجابية في استخدامه دون آثار ثانوية.