ضمن مساعيهم لإثبات ما توصلوا إليه من معلومات نظرية وعملية خلال فترة دراستهم الجامعية في كليتهم العلمية، استطاع خريجون جدد من كلية الهندسة الطبية بجامعة دمشق إعادة الحياة لمضخات تحاكي عمل القلب والرئة لدى المرضى خلال العمليات الجراحية. وبالطبع هو ليس جهازاً جديداً أو اختراعاً لم يكن موجود مسبقاً، بل على العكس هو جهاز قديم كان يستخدم في غرف العمليات في مشفى الأسد الجامعي بدمشق وتم وضعه في ركن المهملات منذ سنين طويلة نتيجة بعض الأعطال وعدم التمكن من استيراد مستلزمات الإصلاح، إلا أن هؤلاء الطلبة الخريجين استطاعوا إصلاحه بالكامل بمستلزمات وأدوات محلية وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تحد من عملية استيراد الكثير من الأجهزة التي تحتاجها المستشفيات أو المخابر وغيرها.

المشروع الذي عمل عليه كل من الطالب الخريج عبد الرحمن حبيب الخولي اختصاص هندسة طبية والخريج عامر جنيد هو صيانة لجهاز طبي مخصص لمتابعة المرضى أثناء العمليات وهو عبارة آلة يتابع من خلالها عمل القلب والرئة أثناء العملية الجراحية، إذ من المعروف في هذه الحالات أنه يتم إيقاف عمل كل من القلب والرئة من خلال محلول يحتوي على تركيز عال من البوتاسيوم لتوقيفهم لفترة زمنية محددة بحسب الوقت الذي تحتاجه العملية للانتهاء.

ولأن القلب عبارة عن مضخة يحتاج عمله لأكثر من حجرة، فقد تم استخدام خمس مضخات تحاكي عمل القلب؛ الأولى وهي الأساسية تسمى المضخة الشريانية، ودارة الجهاز هي عبارة مضخة أكسجة أو مستودع ومن ثم مبادل المستودع يؤخذ من الوريد والمؤكسج الذي يبادل الغازات، ومن ثم يتم الانتقال إلى مبادل الحرارة لتصحيح حرارة المريض وجعلها مناسبة كي لا تكون هناك عمليات استقلاب. وبعدها يأتي عمل المضخة الشريانية التي هي أهم مضخة تسحب الدم وتأخذه إلى الشريان وتوزعه على باقي الجسم، والمضخة الثانية الماصة وهي التي تقوم أثناء العمل بتنظيف مكان العملية من خثرات وبقايا الدم أثناء العملية، وهي أشبه بآلة سحب اللعاب من الفم عند طبيب الأسنان.

يبين صاحب المشروع الخولي: أن المضخة الثالثة هي مضخة التنفيس وهي لتصفية القلب من النقط والخثرات المتناثرة بداخله، أما المضخة الإضافية فيتم استخدامها في حال حدوث عطل لأي مضخة أخرى.

تفكير عكسي

يوضح المهندس عامر جنيد أن الجهاز قديم يعود إلى عام 1967 وقد كان موجود في مشفى الأسد الجامعي وتوقف عن العمل منذ سنوات وهو منسق، وقد تم استلامه في الكلية لتدريب الطلاب ولكنه كان معطلاً ولا يمكن أن يقدم أي فائدة. وكذلك الأمر لعدد من الأجهزة التي تحتاج إلى إصلاح، إلا أن اختيارهم لإعادة هذا الجهاز إلى العمل كان تحدياً كبيراً بالنسبة إليهم لما يشكله من أنموذج قديم جداً ولا يملكون حوله أي معلومات مسبقة ويحمل كمية كبيرة من الدارات الخاصة بالتحكم ودارات قيادة ودارات تغذية وقيادة ورغم ذلك عملوا على إصلاحه بطريقة الهندسة العكسية.

ويشير جنيد أنهم عملوا نقلة نوعية من تحويله من جهاز خردة إلى آلة يستفاد منها بطريقة التفكير العكسي في آليات الإصلاح ورسم داراته على البلوتوث وتشغيله. لافتاً إلى إمكانية إعادته إلى المستشفيات والاستفادة منه. إلا أن المقترح ثبت على استخدامه في مخابر الكلية كأداة تعليمية لتدريب الطلاب في الهندسة الطبية والميكانيك والميترونكس والإلكترون حتى طلاب التمريض يمكنهم الاستفادة منه.