قد يقول البعض: لماذا يهتم الباحثون الزراعيون محلياً وعالمياً بنبات السعد الأرجواني؟ ولعل الإجابة تتضح من خلال معرفة أن هذا النوع من الحشائش هو الأكثر خطورة على الإطلاق والأكثر قدرة على الانتشار السريع ويصيب النباتات الاقتصادية. إذ يشكل رقماً واحداً في خطورته وتأثيره السلبي على المحاصيل سواء كان ذا لون أرجواني أو أصفر.

يطلق على حشائش السعد علمياً cyperus rotundus وهي من النباتات المعمرة، ويمكن وصفها مورفولجياً بحسب الباحثين بأن أوراقها ذات لون أخضر داكن وساقها لها شكل مثلث وزهورها ذات لون بنفسجي أو أحمر بني، ولها نظام جذري كثيف جداً وهو ريزومي درني،. وهنا تكمن خطورة هذا النبات من حيث كثافة الدرنات والتكاثر السريع لها ومن حيث نموها على عمق قصير جداً لا يتجاوز الـ 15 سم، وهي قادرة على أن تكون في حالة كمون، وهذا الكمون يساعد نبات السعد على أن يجتاز جميع الظروف المناخية الصعبة والعنيفة.

المكافحة بالنبات

الشهرة الواسعة لنبات السعد دفعت الكثير من الباحثين للاهتمام به والعمل على إيجاد طرق للتخلص منه لا تعتمد فقط على عملية الحش الدوري التي لم تعد كافية في التقليل من أضراره على الرغم أنها تؤدي إلى انخفاض انتشاره إلى النصف تقريباً. فقد أكد المهندس الزراعي محمد عدنان أحمد وهو طالب دكتوراه بقسم المكافحة الحيوية للأعشاب الضارة بكلية الزراعة بدمشق من خلال بحثه الذي يتركز على دراسة التأثير التناذري لمساحيق ثلاث نباتات هي البطاطا الحلوة وعباد الشمس والموز بالتأثر مع المبيدات المستخدمة في مكافحة نبات السعد الأرجواني المنتشرة في سورية، لافتاً إلى خطورة هذا النبات على المزروعات الأساسية والرئيسية في مختلف المحافظات الزراعية لما لهذا النبات من قدرة عالية جدًا على تحمل الظروف القاسية مثل الجفاف والحرارة العالية.

الآلية البحثية

يؤكد عدنان أحمد إمكانية التطبيق الجيد لهذا المنتج في عملية المكافحة لكونه يتألف من مواد بسيطة تم تحضيرها في مخابر كلية الزراعة بدمشق مركز المكافحة الحيوية بتراكيز معينة بعد خلطها مع مبيدات الأعشاب الموجودة في السوق السورية والتي تستخدم عادة للتأثير على نبات السعد. وقد أعطت التجارب نتائج واعدة جداً من حيث تخفيض انتشار هذا النبات والسيطرة عليه بنسبة 90%.

من جانبه بين الدكتور غسان إبراهيم مدير مركز بحوث ودراسات المكافحة الحيوية بكلية الزراعة بدمشق في حديثه حول تفاصيل وآلية القيام بالبحث أنهم انطلقوا بجمع المعلومات من خلال تجارب المزارعين، بعد أن قاموا بتوزيع استمارة بحثية اجتماعية على 500 مزارع في أغلب المحافظات السورية لتوضيح رؤيتهم كيف يعملون على أرض الواقع لمكافحة هذا النوع من النبات أو العشب والذي حتى الآن لا توجد له مكافحة نافعة على مستوى العالم، أو مكافحة مُرضية لأي شخص سواء كان فلاحاً أم باحثاً في المخابر. وأوضح إبراهيم أن تدقيق الاستمارات ودراستها أوضحت الطرق البسيطة التي يعمل بها الفلاحون، وتم التوصل إلى 70 معاملة أو طريقة وكل معاملة تم تكرارها ثلاث مرات وتحديد المساحة التي تأخذها بالحقل، وعليه تم انتقاء أفضل هذه الطرق والتي يتم فيها خلط بعض المبيدات المتواجدة في السوق بالتعاون مع المستخلصات النباتية (الموز والذرة والبطاطا الحلوة) وقد أعطت فعالية كبيرة في حين لم يتم الحصول على أي فعالية عندما أخذ كل جزء من هذه المستخلصات النباتية مع المبيد، كما أن المستخلص النباتي بمفرده لم يعط أي نتيجة. ولكن عندما أضيفت المستخلصات النباتية الثلاثة مع بعضها البعض ومع المبيد تم التوصل إلى السر الجديد في مكافحة نبات السعد حيث كمن هذا السر في إضافة (اليوريا) وهي عبارة عن سماد طبيعي متوفر لدى جميع الفلاحين أعطى نتائج شبه سحرية في مكافحة هذا العشب.

يقول الباحث أن هذه نتيجة رائعة جداً تقدم خدمات كبيرة في الزراعة وتخلص الفلاحين من معاناتهم مع هذا العشب المعند والمؤثر على طبيعة ونوعية الإنتاج الزراعية بشكل سلبي، إضافة إلى إمكانية تبني هذا البحث بشكل تطبيقي وسريع وخاصة من قبل قسم البحوث العلمية الزراعية في وزارة الزراعة.