يشكل الغار أحد مكونات الغطاء النباتي في سورية، فهو ينتشر في البرية، ويستزرع في مختلف المدن والمحافظات كنبات تزييني، يُستفاد من أوراقه كأحد التوابل المهمة ويُستخلص من ثماره زيت الغار المستخدم قي بعض الصناعات التجميلية وصناعة الصابون.

أما الجديد الذي عمل عليه الباحثان: الدكتور زكريا الناصر أستاذ وقاية النبات في كلية الزراعة بجامعة دمشق والدكتور نورس الأبرص باحث مساعد في الهيئة العامة للتقانة الحيوية، هو اكتشافات ما تحتويه أوراق الغار من زيوت عطرية تحمل الكثير من الخواص الطبية ضد عدد من الفطور والبكتريا.

يقول الدكتور زكريا: يتم استخلاص الزيت العطري بطريقة التقطير، فهو يحوي العديد من المكونات الكيميائية المهمة في المجال التجميلي والعطور إضافة إلى استخدمه منكهاً وحافظاً للأغذية. أما الخاصية الثانية له والتي تم اكتشافها بدقة من خلال هذا البحث هي الحد من نمو بعض حشرات المخازن، نظراً للتركيب الكيميائي الذي يمتلكه الزيت من مادة 1,8-Cineole وهو المركب الرئيس في مكوناته وقد تصل نسبتها إلى ما يقارب 68.8%

طرائق بحثية

أجريت التجارب المخبرية كافةً في مخابر الهيئة العامة للتقانة الحيوية وكلية الزراعة بجامعة دمشق في عامي 2014- 2015. حيث تم جمع العينات الورقية لنبات الغار النبيل المزروع في منطقة النبك السورية في خريف 2014. وتم تحضير الوسط المغذي ودراسة تأثير تراكيز مختلفة من الزيت العطري لأوراق الغار في نمو خمسة أنواع من فطور التخزين. وقد تم الحصول على العزلات الفطرية مصنفة بدقة عالية.

يوضح الدكتور زكريا أنه تم استخلاص قطرات العينات الورقية للغار وهي طازجة في جهاز تقطير مصمم وفق الدستور الأوروبي، وفي التحليل الكيميائي استخدمت تقانة الكروموتوغرافيا الغازية GC في مخابر الهيئة العامة للتقانة الحيوية، وذلك من خلال تطبيق خمس معاملات في هذه التجربة وأربعة تراكيز من الزيت العطري للغار. ومع تكرار التجربة مرتين تم اكتشاف أن الزيت العطري لأوراق الغار النبيل، يتكون من 11 مُركباً، كثرها فعالية هو المركب 1,8-Cineole أحادي التربين والأعلى نسبةً حيث بلغت نسبته 48.99 %، وذو فعالية معروفة بالحد من نمو أحياء دقيقة متعددة من الفطريات، وبمقارنة هذه النتيجة مع الأبحاث الأخرى نلاحظ أن النسبة تتوسط تلك التي وردت في الأبحاث السابقة.

جوانب الفعالية

أشار الباحث إلى جانب آخر أظهرته التجارب وهو تأثير الزيت العطري لأوراق الغار النبيل الطازجة في نمو مشيجة بعض الأنواع الفطرية المرافقة للحبوب في المخازن وكذلك المُفسدة للغذاء وقد أعطى أعلى فاعلية في ذلك. ولفت إلى أنهم عملوا على دراسة السمية عند تراكيز مختلفة للزيت على الفطريات المختبرة. إن فعالية الزيوت الطيارة في النباتات الطبية والعطرية تعود إلى المكونات الأساسية لها مثل التربينات الأحادية والثنائية والفينولات والكحولات، إذ تؤثر في تركيب ووظيفة الغشاء الخلوي للفطريات. وقد أثبتت بعد التجارب التي أجريت عام 2002 أنّ التراكيز المنخفضة للزيوت العطرية تغير في التركيب الكيميائي ونفاذية الجدار الخلوية للفطور وتثبط التنفس، في حين أنّ التراكيز العالية تسبب ضرراً بالغاً بالجدار الخلوي وتؤدي لموت الخلية الفطرية. كما أثبت باحثون آخرون في عام 2006 أن تثبيط نمو المشيجة الفطرية يعود لوجود مركبات التربينات الأحادية في الزيوت العطرية إذ تزيد من تركيز أكاسيد اللبيدات مما يؤدي لتدمير الخلية الفطرية.

ومن نتائج التحليل الكيميائي لزيت المختبر لاحظ الباحثان أن التربينات الأحادية تشكل النسبة العظمى من الزيت العطري وخاصةً المركب 1,8 Cinole الذي قاربت نسبته 50% من الزيت. الأمر الذي أثبت أن هذه الزيوت غنية بالمركبات التربينية الأحادية ذات فاعلية عالية في تثبيط نمو الفطريات. وهي نتائج تتوافق مع كثير من الأبحاث التي أجريت سابقا على الزيوت العطرية وكان لها فعالية في حماية مواد التخزين من فطريات الأعفان ومنها زيت الريحان في حماية بذور الرز من الإصابة بالفطر بنسبة 95 إلى100%.

نتائج مُثبتة

في خلاصة هذه التجارب أكد الباحث والدكتور زكريا الناصر أن تأثير الزيت العطري لأوراق الغار في تثبيط نمو مشائج الفطريات المدروسة بزيادة تركيز الزيت في الوسط المغذي، وأن سرعة نمو المشائج الفطرية للفطريات المدروسة تباينت في الوسط المغذي المضاف له الزيت العطري لأوراق الغار وفقاً لتركيز الزيت ولنوع الفطر المدروس خلال فترة التحضين. وعليه تم استنتاج أنّ زيت أوراق الغار يمكن أن يستخدم كمبيد فطري حيوي صديق للبيئة، ومادةً فعالةً آمنة لاستخدامها كمادة حافظة للأغذية المخزنة لحمايتها من الفطريات المسببة للتلف، وكذلك في صناعة مبيدات فطرية صديقة للبيئة لوقاية الحبوب المخزنة من فطريات الأعفان.