هناك اختلاف ملحوظ في حوارات الكتاب والباحثين حول إن كانت الموهبة هي الأهم ليصبح الشخص كاتباً أم لا، في حين أثبتت العديد من التجارب أن الموهبة وحدها لا تكفي، فلا بد من أن يخوض الكاتب التجارب العديدة ويطلق العنان لخياله مغذياً أفكاره بقصص الواقع وحكايا من تأثر بهم. وحيث أن الكثير من الكتاب والباحثين الكبار تحدثوا عن نسب موزعة بين الموهبة والجهد الشخصي لكي يصبح الشخص مُبدعاً أو كاتباً، نجد هذه الحقيقة مع هذه المجموعة من الشباب الذين اكتشفوا موهبتهم بعد التدريب على أشكال الكتابة ومهاراتها وشروطها وأهدافها لعدة أشهر.
ست روايات هي نتائج لشباب من مختلف المحافظات السورية تصدوا لفكرة إنتاج سلسة تحمل عنوان "يقيناً كله خير" اندمجت فيها قوة الإيمان بالفكرة مع الموهبة من خلال الإحاطة بشخصيات مرموقة لشهداء قدموا الكثير من المنجزات لتحقيق الانتصار. يقول رئيس مجلس أمناء مؤسسة صباء "محمد أديب" وهي مؤسسة تعنى بالفن والأدب وقد تولت رعاية هذه المواهب وتكريم الفائزين الشباب الستة في هذه السلسة: إن الكتابة من أصعب الأشياء والمهن وقلة قليلة من تنعم بالنجاح في هذا المجال، ورغم ذلك فإن النجاح كان حليفاً لهذه المجموعة الشابة التي اختارت أن تكتب قصصاً تحكي وجع الأمة وتشير إلى معاناة وفرح الشهادة في الوقت نفسه وما يحيط بهذا الإنسان الشهيد من هواجس نفسية مختلفة بين وبين نفسه.
ولفت أديب إلى أن تكريمهم على هذا الإنتاج الفكري والمجتمعي هو دعم للمواهب الشابة أولاً، ولأن هذه الروايات تشكل توثيقاً لبطولات الجيش العربي السوري على مستوى الجغرافيا وتحفر في وجدان الأمة نهج المقاومة في تحرير الأرض.
وأشار إلى الجهود الكبيرة التي بذلت في موضوع التدريب والبحث عن المحتوى بإشراف مجموعة من الخبراء والمؤلفين، موضحاً آلية استقطاب الشباب الموهوبين من محافظات سورية مختلفة لتصبح هذه السلسلة التي تتألف من ست روايات توثيقاً شاملاً لما تعرض له السوريون خلال الحرب التي شنت على بلدهم والتضحيات التي بذلوها لتحقيق النصر.
بينت صاحبة رواية "عودة الروح" آية ضاشو ورئيسة قسم بيت الأدب في المؤسسة كيف تم انتقاء مجموعة الشباب الموهوبين الذين قدموا رواياتهم من جميع المحافظات بعد اكتشاف ما يمتلكون من مواهب في الكتابة والتأليف وأن لديهم في أعماقهم الرغبة في توثيق قصص الشهداء الذين بذلوا الغالي والنفيس للذود عن وطنهم ليبقى صامداً وكريماً، مشيرة إلى أن الاهتمام بما يكتب الشخص يجعله يغرق في الإلهام والتأمل فيأخذ تفاصيل الشخصيات التي يتناولها بطريقة تلامس الواقع والمحيط الذي عاشت فيه هذه الشخصية وكيف دارت الأحداث بينها وبين محيطها وفي خيالها، فكانت الرواية حديث عن الروح والخيال بشكل يوثق الأفكار حولها ويجعلها ترسخ في ذاكرة من يقرؤها.
الروائي جعفر خضور ومدير فرع دمشق لمؤسسة صباء، يعبر عن روايته التي حملت عنوان "وغفا السرو" عن الحالة الوجدانية لمرحلة صعبة عاشها الإنسان السوري خلال فترة الحرب على بلده، وهي تعبر عما قدمه المجتمع بكل أطيافه من تضحيات في سبيل العزة والكرامة، موضحاً أن روايته لا تتحدث فقط عن قيمة الشهادة باعتبارها هي الرسالة الحقيقية لطريق النصر، بل تناول فيها المستقبل الذي يحلم به الإنسان في هذا البلد الجريح.
نهج ملتزم
كان انتقاء الأحدث حذراً واختيار المحتوى له أهمية كبيرة، فلم يأتِ بهذه السهولة وفقاً لما أكده المشرف على التدريب اللغوي والأدبي أيمن الحسن، لافتاً إلى أن هناك تفاوتاً في مستوى الشباب المتقدمين على المسابقة، وقد تم اكتشاف مواهب شابة تستحق الاهتمام والرعاية. وعليه فإن أهمية تكريم الشباب الروائيين الذين أنتجوا هذه السلسلة هو جزء من دعم الشباب على الالتزام بقضايا أمتهم ومجتمعهم من جهة ولكونهم قاموا بتوثيق القيم والمبادئ التي تقف جنباً إلى جنب مع السلاح للمحافظة على الوطن وبنيته، فكان نتاج المرحلة الأولى من هذا المشروع الذي يعني بتنمية مواهب الكتابة لدى الشباب هو سلسلة "يقيناً كله خير" والتي تضمنت "خاتم عقيق، وطيف من ذهب، وطيف من نور، وغفا السرو، ومن رماد القمر، وعودة روح".