غالباً ما يتركز العمل البحثي الزراعي على إنتاج محاصيل أكثر وفرة وفائدة وصديقة للبيئة، وهذا ما يعكس التركيب المحصولي الأمثل من حيث أهمية التخصيص والتخطيط في استخدام الأراضي الزراعية، والذي يمكن تحقيقه من خلال تطبيق تقنية البرمجة الخطية الرياضية التي يمكنها التغلب على جميع التحديات المتعلقة بإدارة المدخلات ونوع المحصول، والتقنيات الزراعية المختلفة المطبقة لزيادة إنتاج وعائد المزرعة.

تلك الأهداف كانت سبباً مباشراً للقيام بدراسة بحثية مشتركة تشكل جزءاً من أطروحة دكتوراه وثمرة تعاون مشترك بين الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية وجامعة دمشق، ممولة بشكل كامل من قبل الهيئة العامة للبحوث العلمية والتي حملت عنوان "استخدام البرمجة الخطية الرياضية لتعظيم عائد وحدة المساحة للتركيبة المحصولية المروية".

تهدف الدراسة وفقاً للدكتورة مايا العبد الله من كلية الزراعة بدمشق إلى اقتراح تركيبة محصولية مثلى تزيد من صافي عائد وحدة المساحة في محافظة السويداء، سورية، باستخدام البرمجة الخطية الرياضية من خلال استبيان استهدف مزارعي المحاصيل المروية الصيفية والشتوية خلال موسم 2020. العينة مكونة من 106 مزارع، من خلال إعادة توزيع المساحة المخصصة لكل محصول، وجدت الدراسة زيادة بنسبة 80.8% في إجمالي الدخل الصافي مقارنة بالتركيبة الفعلية، حيث حقق 522.16 مليون ل.س، مقارنة بـ 288.76 مليون ل.س للنمط الفعلي مع تقليل استهلاك المياه حيث بلغ حوالي 5.6 مليون م3 من المياه مقابل 5.9 مليون م3 في التركيبة الفعلية.

وهي تعالج  مشكلة انخفاض كفاءة استخدام الأراضي الصالحة للزراعة المتوفرة للتركيبة المحصولية المروية الحالي والتي تعتبر من أهم المخاطر التي تواجه الزراعة في محافظة السويداء، حيث يتجه المزارعون عادة إلى إنتاج محاصيل ذات ربحية عالية دون مراعاة التوازن في توزيع المحاصيل الأخرى، ويؤدي ذلك إلى استنزاف وتدهور غير اقتصادي لأهم مورد وهو الأرض. ومن هنا تأتي أهمية الدراسة لجهة تقديم بدائل مختلفة للتركيبة المحصولية في المحافظة تعود بالنفع على متخذي القرار، وتعظم العائد ضمن الموارد الأرضية المتاحة.

تحليل وصفي كمي

اعتمد الفريق البحثي والمؤلف من (الدكتورة عفراء سلوم عميد كلية الزراعة، والدكتور صفوان أبو عساف، والدكتورة مايا العبد الله) في دراستهم على أساليب التحليل الوصفي والكمي في الإدارة باستخدام أنموذج البرمجة الخطية والذي يستخدم لتخصيص الموارد عندما تكون محدودة ويمكن استخدامها لتعظيم العائدات أو تقليل التكاليف.

وقد أكدت العبد الله: أن الدراسة شملت تركيب محصولي أمثل، وزيادة صافي الدخل، وتقليل استهلاك المياه، والتأكيد على أهمية استخدام البرمجة الخطية في صنع القرار الزراعي. مع الحفاظ على المساحة المخصصة لزراعة المحاصيل الأساسية كالقمح والبطاطا والبندورة والبطيخ.

ويمتاز هذا البحث بأنه أظهر فعالية استخدام منهجية البرمجة الخطية الرياضية في إدارة الموارد الزراعية وقابليتها للتغيير حسب الظروف التي يفرضها الإنتاج أو وفق المعايير الاستراتيجية التي يرغب بها متخذ القرار، مع إمكانية مراعاة الظروف البيئية والحفاظ على مساحات المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالي فعالية استخدام نماذج البرمجة كأحد أساليب اتخاذ القرار التي تساعد متخذي القرار في إدارة الموارد المتاحة وخاصة (الأرض والماء). إن طريقة بناء أنموذج البرمجة الخطية الرياضية من دالة موضوعية وقيود تجعل من كل قيد هدفاً جزئياً يجب تحقيقه للوصول إلى الهدف العام للأنموذج. وبالتالي فإن قيود الأنموذج المقترح يمكن أن تشمل العديد من الأهداف المتعلقة بالاستدامة أو العمل الزراعي أو الميكنة الزراعية، بما يخدم حالة الأهداف والقرارات المتعددة التي تواجه متخذ القرار.

دواعي مُوجبة

إن محدودية الأراضي الصالحة للزراعة، والتوسع في محصول واحد على حساب محاصيل أخرى، بالإضافة إلى العوامل المناخية وعامل المخاطرة في الزراعة، يجعل من الصعوبة بمكان الوصول إلى التركيب المحصولي الأمثل. ومع ذلك في بعض الأحيان يكون من الضروري إعادة توزيع المحاصيل استجابة لبعض السياسات الزراعية أو لندرة المورد خاصة الأرض أو المياه، يعكس التركيب المحصولي الأمثل أهمية التخصيص والتخطيط في استخدام الأراضي الزراعية لتحقيق أكبر قدر من الإنتاج والوصول إلى أعلى صافي دخل ممكن للمزرعة. إضافة إلى تحديات تتعلق بإدارة المدخلات، ونوع المحصول المراد زراعته، والتقنيات الزراعية المختلفة المطبقة لزيادة إنتاج المزرعة والعائد مرتبطة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية وندرة الموارد في منطقة معينة، يمكن التغلب عليها بتطبيق تقنية البرمجة الخطية الرياضية لتحسين عوائد المزرعة من خلال التخصيص الأمثل للموارد المتاحة.

لهذا وبحسب الدكتورة مايا فإن الهدف الأساسي للبحث هو تعظيم العائد الصافي للمساحة المحصولية المروية في محافظة السويداء من خلال تطبيق أسلوب البرمجة الخطية الرياضية بتحقيق "تحديد مكونات التركيبة المحصولية المروية الفعلية. الوصول إلى أفضل تركيب محصولي يعظم صافي عائد وحدة المساحة في حدود الموارد الأرضية المتاحة"

نتائج مبهرة

تحدث الباحثون عن نتائج مبهرة، فقد أظهرت الدراسة زيادة بنسبة 80.8% في إجمالي الدخل الصافي مقارنة بالتركيبة الفعلية حيث حقق 522.16 مليون ل.س، مقارنة بـ 288.76 مليون ل.س للنمط الفعلي مع تقليل استهلاك المياه حيث بلغ حوالي 5.6 مليون م3 من المياه مقابل 5.9 مليون م3 في التركيبة الفعلية.

كما أظهرت الدراسة فعالية استخدام منهجية البرمجة الخطية الرياضية في إدارة الموارد الزراعية وقابليتها للتغيير حسب الظروف التي يفرضها الإنتاج أو وفق المعايير الاستراتيجية التي يرغب بها متخذ القرار، مع إمكانية مراعاة الظروف البيئية والحفاظ على مساحات المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتالي فعالية استخدام نماذج البرمجة في إدارة الموارد المتاحة وخاصة الأرض والماء ومن هنا جاءت خصوصية هذه الدراسة.