غالباً ما يعود الإفراط في تناول المكملات الغذائية إلى رغبة الشباب في الحصول على الجسم المناسب، إلا أن طريقة تناول هذه المكملات يعود إلى مستوى التعليم الذي يحظى به اللاعب من جهة والمدرب من جهة أخرى والأفكار التي يحملها اللاعب حول تأثير المكملات الغذائية وتجارب الأصدقاء وغيرها.

يبين هذا الأمر المكانة التي يحظى بها المدرب لدى اللاعبين ودوره الهام في عملية التوعية لهم وعدم الانجراف نحو التناول العشوائي لأي نوع من المكملات. هذا ما تناولته الدكتورة عهد أبو يونس أستاذة في جامعة دمشق من خلال دراسة ميدانية عن تأثير تناول بروتينات المصل على مجموعة من اللاعبين بأعمار مختلفة ومقارنتهم مع نظرائهم ممن لم يتناولوا بروتينات المصل مع اتباع برنامج رياضي وغذائي متوازن فقط.

الأكثر أهمية

يستهلك الرياضيون بروتينات المصل على نطاق واسع بغية رفع كفاءتهم وشدة التحمل، ومع العلم أنها ليست طعاماً بحد ذاتها إنما مواد تؤخذ عن طريق الفم مكملة لحصة البروتينات الواجب الحصول عليها عبر النظام الغذائي. وعليه تبين الدكتورة عهد أن الجميع يعتقد أن استهلاك البروتين يعزز اكتساب الكتلة العضلية الخالية من الدهون، ما يؤدي إلى تحسين الأداء، وهي معلومات عادة ما يستمدها الرياضيون من مدربيهم أو زملائهم أو من الدعايات. ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي شملت 48 لاعباً ومتطوعاً تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات بحسب الفئات العمرية من 20 إلى 29 سنة وهي فئة A . ومن عمر 30 حتى 39 سنة وهي فئة b . ومن عمر 40 حتى 50 سنة وهي فئة C . وكل مجموعة قسمت إلى جزأين الأول استخدم بروتينات المصل بمقدار 25 غرام باليوم والثاني لم يستخدم المكملات البروتينية.

وبمقارنة تأثير استخدام بروتينات المصل على حجم العضلة ذات الرأسين العضدية للاعبين مع الفئات العمرية للاعبين، وجد أن اللاعبين بالفئة العمرية الصغيرة A حصلوا على زيادة في تضخيم العضلة ذات الرأسين العضدية أعلى من غيرهم من الفئات العمرية ويميلون أكثر لتناول المكملات بغية الحصول على حجم وشكل العضلة ذات الرأسين العضلية المرغوبة، في حين أن الفئة العمرية الثانية B لم يحصلوا على النتيجة المرغوبة إنما كانوا يعتمدون أكثر على البرنامج التدريبي والنظام الغذائي أكثر، وربما يعود ذلك إلى الخبرة الطويلة لهم في مجال عمليات التدريب ونوعية الأكل، فيما يخص الفئة العمرية C فكان التغير طفيف حيث إن تناول بروتينات المصل لم يترافق مع تغير واضح في تضخيم العضلة ذات الرأسين العضدية، وكان لا بد أن تتم الاستعانة بأنواع مكملات أخرى إضافية غير المكملات المستخدمة في الدراسة.

المدخول اليومي

هنالك العديد من الاحتياجات التي يتوجب على الرياضيين الاهتمام بها إضافة إلى التمارين الجيدة، إذ لا بد لهم من الاهتمام بالناحية الغذائية من حيث إجمالي السعرات الحرارية وتوقيت التغذية واستخدام المكملات الغذائية الخاصة أو العامة. وقد أشارت الدكتورة عهد يونس خلال بحثها إلى بعض ما جاء في دراسات سابقة حول هذا الجانب، ومنها دراسة أمريكية أجريت عام 2015 بينت أن المدخول اليومي الضروري من البروتين للأشخاص اللذين تجاوزت أعمارهم 19 سنة هو 8.0/ غ/كغ/ اليوم، مع التأكيد على أن اللاعبين الذين يمارسون رياضة كمال الأجسام يجب أن تصل نسبة البروتين المتناول 4.3غ/ كغ/يوم وهذه النسبة قد تنخفض إلى 4.2 غ/كغ/اليوم عند رغبة اللاعبين على المحافظة فقط على الكتلة العضلية وليس زيادتها. وفي دراسة أخرى عام 2016 نشرت كلية الطب الرياضي الأمريكي أنه يتوجب تناول 2.1 -2 غ/كغ/اليوم عند اللاعبين الذين يلعبون تمارين متوسطة الشدة مع اتباع نظام غذائي مناسب.

وبالرغم من عدم توفر معلومات دقيقة حول فوائد استخدام بروتينات المصل لسد الحاجات المرتفعة من البروتين اليومي للرياضي وخاصة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يعتمد غذاء الرياضيين ونظام التغذية التقليدي للسكان على تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضار والبقوليات والحبوب وكمية معتدلة من زيت الزيتون وكميات قليلة من الأسماك وكميات معتدلة من الحليب ومنتجاته، إلا أن هناك اعتماداً لافتاً على المكملات الغذائية.

وهنا تجدر الإشارة إلى دور الشركات المصنعة للمكملات البروتينية بإجراء مجموعة من الحملات التسويقية تستهدف الرياضيين وغير الرياضيين لزيادة مبيعاتها وأرباحها دون اقتران ذلك بأي دراسات موثقة، فأتت الحملات الدعائية متوافقة مع الكثير من مجموعة التي لديها استعداد لتحقيق حلمها الرياضي.

البحث وطرائقه

تبين الدكتورة عهد يونس أنهم استخدموا في هذه الدراسة شريحة من الرياضيين الذكور تراوحت أعمارهم بين 20-50 سنة بلغت 48 شخص موزعين على ناديين في ريف دمشق تم انتقاؤهم بأن لهم عاماً على الأقل في التدريب، جميعهم اتبعوا نظاماً غذائياً متوازناً، كذلك وضع لهم برنامج تدريب تحت إشراف مدرب مختص، وتم التأكد من أنهم جميعهم لم يتناولوا مكملات بروتينية منذ عام قبل البدء بالدراسة. وتم تقسيم العينة إلى ثلاث مجموعات عمرية كل مجموعة فيها 16 لاعب وكل منها إلى قسمين منهم 8 لاعبين أخذوا بروتينات المصل بمعدل 25 غرام من بروتين المصل و8 لاعبين اكتفوا بالنظام الغذائي والتدريبي واستمرت الدراسة مدة 60 يوماً. وقد تم التركيز من خلال الاستبيان على مصادر البروتين الغذائية التي يستخدمها اللاعبون في نظامهم الغذائي وتواتر استخدامها في الأسبوع وعن كيفية معرفتهم بالمكملات الغذائية.

الخلاصة بالتفصيل

ومن الاستبيان الموزع على اللاعبين وجد أن معظم اللاعبين يفضلون التدريب على ألعاب رفع الأثقال من أجل الحصول على شكل المرغوب للعضلات، لذلك يلجؤون إلى تناول المكملات والكثير من اللاعبين تناول مرة على الأقل المكملات وخاصة اللاعبين المشاركين في الدراسة من الفئات العمرية الكبيرة B و C وقد تم التأكد من جميع اللاعبين بأنهم لم يتناولوا المكملات منذ عام قبل مشاركتهم في هذه الدراسة، والكثير من اللاعبين لم يؤكدوا معرفته بأنهم تناولوا مكملات بروتينية أم لا، وكان الهم الأكبر الحصول على شكل العضلة ذات الرأسين العضدية والجسم المرغوب. ولفت أكثرهم إلى أنهم سمعوا ببروتينات المصل من المدربين وبشكل أقل من صديق ولم يفد أي منهم أنه راجع أخصائي تغذية. ومن الطبيعي أن يعتبر اللاعب مدربه مثله الأعلى لذلك فهو يتقبل نصحه بتناولها.

هذا وقد بينت الدراسة أن أعلى غذاء متناول لدى اللاعبين كان البيض يليه صدر الدجاج والحليب واللبن، ربما يعود ذلك إلى سهولة التحضير من جهة وتوفر المادة الغذائية من جهة أخرى، وقد وجدت الدراسة أن اللاعبين تناولوا على الأقل خمس حصص بروتينية في اليوم وهي حصص كافية من حيث المبدأ لحصول الرياضي على احتياجاته من البروتينات، إلا أن الكميات التي يتم تناولها قليلة، لذلك يلجأ اللاعبون في بعض الأحيان وخاصة في بداية الصيف أو عند تحضير بعضهم إلى البطولات والمنافسات وبإشراف المدربين، إلى تناول بروتينات المصل إضافة إلى تناول مجموعة من الفيتامينات الداعمة.

ومن الواضح أن الاهتمام بالتغذية والاعتماد على المصادر الروتينية الطبيعية في الغذاء مع تناول الكميات المناسبة منها، يساعد اللاعبين في منطقتنا في الحصول على حصص البروتين المناسبة لهم والتخفيف من المكملات الغذائية الروتينية لتجنب التأثيرات الجانبية من الإفراط في تناولها.