يُقدم الدكتور محمد إياد الشطي الباحث والمختص بالتشريح المرضي في سورية إضاءات معرفية عديدة بين الحين والحين، يخبرنا من خلالها عن أحدث التطورات البحثية والموثقة حول الأمراض السرطانية وخاصة تلك التي أصبح يمكن علاجها والشفاء منها، يُبين من خلالها أين تسير الأمور البحثية الطبية في المختبرات العالمية وإلى أين وصلت وواقع توفرها بين أيدي الأطباء.

في مجال سرطانات الثدي على سبيل المثال يبين الدكتور الشطي أن هناك 39% من الوسائل تطورت وكانت سبباً في الوصول إلى نسب شفاء تفوق الـ 90% ولكن هناك أموراً مهمة يجب الانتباه إليها من قبل أطباء الأورام أولاً، ومن حيث توعية السيدات ثانياً. إذ يجب التحذير من الإفراط في استخدام الاحتياطات، فعلى سبيل المثال هناك نساء كل ستة أشهر يقمن بإجراء صورة ماموغراف وهن لا يعلمن بأن الخلية لا تنسى الأشعة فهي تتراكم لديها. وهنا يضعن أنفسهن أمام خطورة جديدة. ولكن بالمقابل يمكن لهؤلاء السيدات أن يتابعن موضوع الاطمئنان عن طريق صورة الإيكو لأن الخلية تنسى الإيكو.

يقول الشطي: يمكن للمرأة من عمر 35 سنة أن تبدأ بالتصوير بحسب السوابق العائلية لكن بفترات متباعدة بالنسبة إلى الأشعة وبفترات أقرب يمكن اللجوء إلى الإيكو. أما فيما يخص سرطانات البروستات التي تبين أنها يمكن الشفاء منها في حال الكشف المبكر، فقد بين الدكتور الشطي أن إحصائيات مشفى البيروني وهي تمثل وتنسجم مع الإحصاء العام لواقع السرطان في سورية، أن هناك 7.6 من سرطانات البروستات. وقد يكون هناك أشخاص منهم راجعوا مشفى تشرين باللاذقية الذي أصبح جيداً جداً في خدماته.

إشكالية التعريف

عادة ما يُغني الدكتور الشطي محاضراته حول السرطان بالبراهين العلمية، وأثناء حديثه حول مجموعة التعريفات المتعلقة بمرض السرطان يقول الشطي: إن تعريف السرطان في ذهن الطب الرصين أشبه بحبة الأسبرين في ذهن المرضى، فقد أصبح هذا التعريف عجوزاً وخاصة أن هناك تطورات جينية كثيرة واكتشافات عديدة في التشريح الخاص بالسرطان حيث إن تعريفه بالطب الرصين عبارة عن خلايا شاذة وفقاً للعالم الإنكليزي ويلس الذي وضعه عام 1952 وقد استمر هذا التعريف حتى الآن مع تطورات تتعلق بالطفرات الطارئة عليه، وخاصة اكتشاف الكود الخاص بـ dna حيث أصبح التعريف عبارة عن جينات وطفرات وأصبح هناك نوع من التألق العلمي. وفي عام 1998 حدثت تبديلات بسيطة بـ dna وتحضيرات جديدة حول السرطان وإعطاء معلومات مميزة. وفي عام 2003 أصبح من المهم على أطباء الأورام أن يذهبوا إلى الجينوم للوصول إلى مزيد من المعارف الخاصة باكتشاف جديد للطفرات السرطانية. وفي عام 2006 بدأ هذا الاكتشاف يعطي مردوداً ميدانياً، ولذلك فإن أول تعريف جديد للسرطان ظهر في هذا التاريخ مبني على الجينات فقط. خاصة بعد أن أصبح هناك في المخابر التشريحية اكتشاف لعشرة طفرات وراثية على الأقل.

التأثير الجيني

يؤثر التطور الجيني في توازن الخلايا العامة للجسم. فعلى سبيل المثال تعيش الكريات الحمر 120 يوماً ولكن في المقابل خلايا الجملة العصبية يجب ألا تموت لأن معلوماتها ستذهب معها. وهنا يوضح الشطي الباحث في التشريح المرضي بأن لكل خلية زمن تموت به ولكل جينة تبدلات عديدة، وعليه يمكن من خلالها اكتشاف إن كان هناك سرطان أم لا. وقد تؤدي مجموعة من الجينات بأن تصبح الخلية أبدية. وعليه لا بد من مواكبة هذا التطور الجيني بالتطور العلمي وتقديم معلوم إضافية بحسب الجينات المتبدلة. وخاصة أن الفترة المقبلة تستدعي بأن يكون لطبيب الأورام حيال المريض "تقرير سرطان بجزأين"، جزء يتعلق بالتشخيص السريري الذي يقدم مساهمة كبيرة في اكتشاف المرض حيث يعود التقرير النهائي لهذا الطبيب الذي يدرس الجانب السريري، وجزء يتعلق بالمشرح المرضي والمخبر والأشعة التي لها دور كبير في تحديد نوع وحجم وطرق العلاج.

المورفولوجيا

على ضوء هذه المعلومات، هناك توقعات في الفترة القريبة بحسب الباحث إياد الشطي بأن للمورفولوجيا مكاناً أوسع. إذ إن هناك استمرارية في التعديلات والقيم السريرية للجين، وهناك فتح جديد في هذا الأمر خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن تبين أنها قابلة للتكرر والاستعمال وإمكانية جمعها في خمسة أرقام.

وهناك أمثلة عديدة حيال هذا الأمر أقربها سرطان الثدي. نجد في الخط البياني لعلاج هذا المرض أنه في أول 15 شهراً نفقد 18% من المريضات، بعدها يستوي الخط البياني ولا نفقد ولا مريضة ولا يوجد وفيات، وذلك لأن علم المورفولوجيا لم يبطل، وهناك دائماً معلومات إضافية تستعمل كتابياً عند استقرارها. وبشكل عام يجب البدء في متابعة المرض من المركز وإعطاء الاستقصاءات المناسب،ة وعليه يمكن وضع رقم وسنوات حياة لكل مريض.