يصف الأطباءُ حجمَ الحرق استِناداً إلى مساحة الجسم التي أصابها الحرق، وإذا احترق كامل الجسم سيكون الحرق 100%، بينما إذا كان الحرق صغيراً بحجم اليد والأصابع سيكون الحرق حَوالى 1%، وإذا غطَّى الحرق منطقةً بحجم ذراعٍ الشخص سيكون الحرق حَوالى 9%.

إن حجم الحرق يختلف عن شدته، فالأمر هنا يتعلق بعمق الحروق التي تشكل خطورة كبيرة في حال كانت أعمق، كما أنَّ الحُروق على بعض أجزاء الجسم تكون أخطر من غيرها. ويصنفها الأطباء الحروقَ على أنها بسيطة ومُتوسِّطة أو شديدة، وذلك استنادًا إلى كمية الجلد التي احترقت والأجزاء الجسم التي أصابها الحرق.

هذه المقدمة ليست للتعريف بالحروق وأنواعها فقط، بل هي إضاءة إلى ما توصل إليه الطب من تقنيات في مجال المعالجة، سواء ما يطبق منها حالياً في بعض الدول وما توصل إليه بعض الباحثين على المستوى المحلي في سورية. الدكتور إبراهيم الغريبي الباحث في مجال الفيزياء الطبية بجامعة دمشق عمل منذ سنوات على العديد من الأبحاث من خلال وحدة المبادرة السورية للتقانة النانوية في قسم الفيزياء بكلية العلوم، ومن ضمنها تطوير علاج للحروق وفقاً للعلوم النانوية، حيث توصل إلى اختراعه في إيجاد ضماد حيوي نانوي يستخدم لمعالجة الحروق والجروح المزمنة ومصمم من مواد طبيعية.

معالجة الحروق المزمنة

من المعروف طبياً وعلمياً أن الجلد ينطوي على ثلاث طبقات، وتصنف الحروق بثلاث درجات؛ فالدرجة الأولى هي أقل أنواع الحروق شدة وهي تصيب الطبقة العليا من الجلد فقط. وتكون الحروق من الدرجة الثانية أعمق بعض الشيء وتُصِيبُ الطبقات المتوسِّطة من الجلد، في حين تُعدُّ الحُروق من الدرجة الثالثة أكثر أنواع الحروق شدَّة وهي تُصِيبُ جميع طبقات الجلد وتكون مسببة للندبات عادة. وعليه فإن الاختراع الجديد الذي تحدث عنه الدكتور الغريبي يعمل دور حاجز للبكتريا حيث يسمح بتناضح السوائل من الجرح إلى الخارج، كما أنه يعمل بشكل مزدوج ويسهل التئام الحروق والجروح المزمنة وخاصة في حالات الكي والقدم السكرية والاستلقاء وغيرها من التطبيقات التي يحتاج شفاؤها إلى الضمادات العادية أو التقليدية بالدرجة الثالثة وما فوق.

يبين الغريبي بأن دور الجلد هو إبعاد الجراثيم والأوساخ عن الجسم والمحافظة على سوائله وحرارته، ولذلك، قد يُعاني الشخص المُصاب بحرقٍ شديدٍ بالجفاف أو بعدوى في المنطقة المُحتَرِقة. فكان التركيز على إيجاد الضماد الحيوي الذي يقوم بمهمة الجلد في الحفاظ على السوائل وبنفس الوقت حماية المكان من دخول البكتريا بما يساعد على نمو جلد جديد من الطبقات العميقة.

تعزيز الاختراع

في الطرق الاعتيادية يتأكَّد الأطباءُ أولًا من أنَّ سبب الحرق قد توقَّف، ويقومون بإزالة الملابس التي ذابت أو التي عليها مواد كيميائية. وبعد هذا يقومون بمُعالجة الحروق استنادًا إلى نوع الحرق. وعادة ما يتم دفق الماء على الحروق ذات الدرجة الأولى وتنظيف المنطقة بلطف وتطبيق المراهم التي تحتوي على مضاد حيوي. وهنا يبين الباحث أهمية تغطية المنطقة المصابة بالحصيرة النانوية التي تقوم مقام المضادات الحيوية وتساعد في سرعة التئام الجرح ويمكن تعقيمها بالفضة النانوية. والمهم في هذا النوع من الضمادات أنها سهلة النزع والتركيب ويمكن تصنيعها بالسماكة والقياس التي يريدها الطبيب والمكان المستهدف، وهي تستخدم من قبل الكيميائيين والعاملين في مناجم الغبار والفحم والفوسفات والبيولوجيين، وتعتبر ضرورية لكونها تعمل حاجز للبكتريا بشكل كبير.

وقد أشار الغريبي إلى عدد هام من المنتجات البحثية التي تم إجراؤها في المخابر النانوية في الكلية والتي تحتاج إلى دعم وتشجيع من أصحاب القرار لتكون منتجاً وطنياً، ومنها القماش النانوي المضاد للاحتراق والضماد النانوي المعالج.