تأخذ المسابقات العلمية جانباً هاماً في رفع مستوى المعارف وخاصة لدى الطلبة الجامعيين، وغالباً ما تتحول هذه المسابقات إلى داعم أساسي لتشجيع البحث العلمي ونشره بطرق حديثة لديهم. هذا ما تهدف إليه كلية العلوم بجامعة دمشق بالتعاون مع شركة مصفاة دمشق للبتروكيماويات من خلال إقامة مسابقات بحثية تتوجه من خلالها لإنتاج مواد صديقة للبيئة وللموارد الطبيعية تعطي خدمات كبيرة للإنسان بشكل متطور تحت اسم "المسابقة الخضراء"، والتي كان من نتائجها لهذا العام تكريم 13 باحثاً من الطلبة المختصين في مجال الكيمياء على مستوى الجامعات السورية عبر المسابقة الخضراء العلمية التخصصية الثانية، تم اختيارهم من بين 80 طالباً وطالبة من كليات العلوم قسم الكيمياء والهندسة البترولية.

أخذت الأبحاث الفائزة الجانب الأكثر حداثة بالمعلومات والنتائج مع إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، والتي تبرز مدى تفاعل الطلبة مع معطيات البحث العلمي المتطور والداعم للبيئة والموارد واستدامتها، من خلال تقديم أفضل بحث علمي حول كيفية إزالة اللون والرائحة من المشتقات النفطية وزيوت الأساس المعدنية "الكيروسين" المستخدم في صناعة "الإيزوسولات" وصناعة النسيج وصناعة "الوايت سبيرت" و"الوايت أويل" وكافة أنواع المشتقات النفطية.

أكد الدكتور حمود عرابي عميد كلية العلوم بجامعة دمشق أن هذه المسابقة هي الأولى على مستوى سورية التي توجه نحو البحث العلمي الصديق للبيئة والتي تستهدف طلاب قسم الكيمياء في كلية العلوم وتتضمن طرح سؤال من اختصاصهم، تم وضعه من قبل اللجنة العلمية المشرفة على اتفاقية التعاون بين جامعة دمشق والشركة؛ بحيث تتم الإجابة عليه ضمن بحث علمي مختصر يوضح القدرات العلمية التي وصل إليها الطلاب في هذا الاتجاه. مشيراً إلى أن المسابقة تهدف إلى تعميق المعرفة العلمية في مجال الكيمياء لدى الطلاب وتطوير مهاراتهم تنفيذاً لمذكرة التفاهم بين جامعة دمشق والشركة والتي تقوم على أساس بناء علاقات تعاون علمي وتقني بينهما.

بدوره أوضح مدير شركة مصفاة دمشق للبتروكيماويات الدكتور سامر أبو عمار أهمية المسابقة من ناحية تحفيز الطلبة على إنتاج أبحاث قيمة يمكن أن تحظى بفرصة تطبيقية في السوق وتطوير المنتجات الصناعية ولا سيما في مجال صناعات إعادة التدوير وتطوير المنتجات الصناعية البتروكيميائية والكيميائية، مشيراً إلى أن الشركة بصدد توقيع اتفاقيتين مع جامعتي تشرين وحلب هذا العام ومع جامعة الفرات خلال العام القادم وكذلك مع المعاهد التطبيقية والمخابر وهيئات البحث العلمي والهيئات الصناعية التي لها علاقة بالأبحاث العلمية.

عبرت الأبحاث المقدمة عن مزيد من الاهتمام والجهد المبذول من قبل الطلبة الباحثين وفقاً لما أكدته الدكتورة منال داغستاني رئيسة قسم الكيمياء في كلية العلوم بجامعة دمشق، كما حملت عناية خاصة من قبل المنسقين وأعضاء اللجنة العلمية في الكلية والشركة معتبرة أن مهمة الجامعة لا تقتصر فقط على إعطاء الطلاب العلم والمعرفة وإنما متابعتهم ودعم مسيرتهم العملية والإبداعية.

محطة مع الفائزين

الفائزون في المركز الأول والثاني والثالث كانوا من جامعة دمشق، في حين حصدت الأبحاث المقدمة من جامعة حلب والبعث وتشرين الجوائز الأخرى والبالغ عددها عشر جوائز إضافة إلى جوائز طردية قدمت للطلبة الذين قدموا أوراقاً بحثية مميزة. وقد أعرب عدد من الفائزين عن شكرهم للقائمين على هذه المسابقة، حيث أكد كل من الطالبين نجيب ملقي ومحمد يوسف صباغ من جامعة حلب أن المسابقة تجربة علمية مهمة منحتهما فرصة الاطلاع والبحث في مراجع كثيرة للوصول إلى المعلومة الدقيقة والموثوقة والعمل على كتابتها بطريقة منظمة ومبسطة وصولاً إلى بحث متكامل.

ومن جامعة دمشق بينت الطالبة رغد يوسف الدهنة أن البحث العلمي يشجع الطلبة دائماً ليوسع آفاقه المعرفية وتعزيز الأرضية الثقافية العلمية لديه أكثر والإجابة على مختلف التساؤلات التي تخطر بباله. فيما اعتبرت الطالبة نعيمة الرواس أن المسابقة تجربة علمية غنية جداً وممتعة تعلمت من خلالها مهارات جديدة في البحث العلمي عبر استخدام أساليب الترجمة وانتقاء المعلومة والصياغة العلمية.

ومن جامعة البعث دعت الطالبة رهف الجوراني إلى ضرورة تنظيم المزيد من المسابقات العلمية لطلاب الجامعات في مختلف الاختصاصات نظراً لتفاعل الطلاب الكبير معها ودورها في التشجيع على البحث العلمي ومواكبة آخر المستجدات وإيجاد حلول لتدارك المشكلات البيئية. فيما رأى الطالب محمد أيوب أن المسابقة نشاط يعزز المعلومات العلمية عند الطلاب ويمنحهم الثقة بالنفس للاستمرار في التحصيل العلمي والوصول إلى مراتب متقدمة.

تأتي هذه المسابقة العلمية وفقاً لاتفاق للتعاون البحثي والفني بين جامعة دمشق وشركة مصفاة دمشق للبتروكيماويات تم توقيعه في عام 2022 بهدف دعم عملية نقل المعارف الجديدة والتطبيقية إلى الوسط الأكاديمي الجامعي وتقديم الاستشارات والخدمات العلمية التخصصية إلى الشركة، إضافة إلى التعاون في مجالات البحوث والنشاطات العلمية المشتركة والتدريب وإقامة المسابقات العلمية. وهي تقدم خبرات للطلبة تساهم في دخولهم سوق العمل. الأمر الذي يشجع لمطالبة شركات القطاعين العام والخاص على مساعدة الطلاب في الحصول على الخبرات العملية خارج إطار الجامعة وتوظيفها في خدمة المزيد من البحث العلمي للبحث عن حلول تظهر أثناء التطبيق وفي بناء المجتمع.