جولة بسيطة على بعض مخازن الطحين، وجد من خلالها المعنيون والباحثون المرافقون في الجولة كيف أن آفة صغيرة حمراء تقبع في غالبية المطاحن. مسألة خطيرة من وجهة نظر الباحثين والعارفين بما تسببه من أمراض مستقبلية في حال عدم مكافحتها وكذلك في حال استمرار عملية المكافحة بالمواد الكيميائية. كما أنها مسألة تبدو عادية لدى البعض فتعالج بشكل تقليدي ويعاد تقديم الطحين لاستخدامه مرة ثانية.

آفة المخازن

المهندس نبيل عبيد خريج قسم وقاية النبات في كلية الزراعة بجامعة دمشق وضع جلّ جهوده في تقديم مستجدات مكافحة هذه الآفة من خلال رسالة الماجستير الذي ركز فيها على وضع آليات جديدة لمكافحة أهم آفة من آفات المخازن التي تصيب الحبوب وخاصة القمح والطحين وهي "خنفساء الدقيق الصدئية الحمراء"، بإشراف الأستاذ الدكتور زكريا الناصر رئيس قسم وقاية النبات في كلية الزراعة بجامعة دمشق والدكتور عبد النبي بشير عضو هيئة تدريسية في الكلية.

يقول العبيد: لقد وجدنا هذه الآفة في كل المطاحن تقريباً، وهناك ضرورة كبيرة لإيجاد حلّ فعال لها دون أضرار كيميائية تلحق بالناس، فكان التركيز على إيجاد بدائل لأساليب المكافحة بعيداً عن المبيدات الكيميائية التي لها مخاطر سمية ومخاطر على الصحة والإصابة بالسرطانات، وخاصة أنه كل فترة تتجدد المبيدات المسببة للسرطانات. ولتجاوز هذه المخاطر وخاصة المواد الكيميائية عمدنا لإيجاد مواد جديدة للمكافحة.

اختبار فعالية بعض التقنيات

استغرق البحث مدة أربع سنوات، ثلاث منها كانت مخصصة للتجارب، وقد تم اختبار عدة نباتات والحصول على مواد فعالة منها للقضاء على الآفة، وكذلك الاعتماد على بعض المساحيق الخاصة مثل مركبات السليكا وهي عبارة عن مساحيق خاملة ليس لها أي تأثير صحي على البشر.

وهناك الكثير من النباتات التي وجدت لها فعاليات على حشرات أخرى، بالإضافة إلى أن هناك كائنات حية تستخدم للقضاء على الحشرات.

ملخص ونتائج

نفذ البحث وفقاً للدكتور نبيل عبيد والدكتور المشرف زكريا الناصر في مخبر مبيدات الآفات في قسم وقاية النبات ومركز بحوث ودراسات المكافحة الحيويّة بكلية الزراعة في جامعة دمشق خلال عامي 2021 -2022 . وهدفت الدراسة لتقويم فاعلية الأثر البخاري لبعض المستخلصات الكحولية لأوراق الخزامى والأزدرخت والأوكاليبتوس وبذور الكمون على بالغات ويرقات خنفساء الطحين الحمراء.

وقد أظهرت النتائج أن قيم LC50 بعد 48 ساعة لبالغات خنفساء الطحين الحمراء، بلغت 6.38 و7.05 و10.67 و20.25 ميكروليتر/ ليتر هواء، في حين كانت قيم LC50 بعد 48 ساعة ليرقات خنفساء الطحين الحمراء 3.67 و4.68 و5.98 و17.16 ميكروليتر/ ليتر هواء لكل من الخزامى والكمون والأزدرختو والأوكاليبتوس على الترتيب.

وعليه فقد أثبتت النتائج أنّ المستخلصات الكحولية لأوراق الخزامى وبذور الكمون قد تفوق بشكل معنوي كل المعاملات، وفي كل من معاملة التدخين بالغات ويرقات خنفساء الطحين الحمراء. وزادت فاعلية المستخلصات الكحولية للنباتات المختبرة بزيادة التركيز ومدة التعرض.

ويشير الباحث أنهم عملوا على تقييم فعالية المساحيق الخاملة (كاولينايتو أورثوكلاز) في مكافحة بالغات ويرقات خنفساء الطحين الحمراء مخبرياً، ومقارنتها بالمبيد القياسي (كلوربيريفوس – إيثيل) تم خلط المواد المختبرة مع حبوب القمح بتراكيز متعددة كما وضع المبيد بتراكيز متعددة للمادة الفعالة. وأظهرت النتائج أن الكلوربيريفوس-إيثيل أعطى أعلى فعالية مقارنة بالمواد الخاملة المختبرة؛ حيث بلغت قيم التركيز المميت LC50 بعد أسبوعين من التعرض للمادة الفعالة لبالغات ويرقات خنفساء الطحين الحمراء على التوالي. كما أشارت النتائج إلى أن متوسط معدلات الموت المصححة ليرقات وبالغات خنفساء الطحين الحمراء تزداد مع زيادة التركيز ومدة التعرض.

وبحسب الدكتور عبيد فإن النتائج كانت مبشرة، وهي تقضي على الآفة مع ارتفاع نسبة التركيز بمواد طبيعية من مستخلصات النباتات دون أي أثر كيماوي جانبي على البشر.