يعرف الصرع بأنه مجموعة من الاضطرابات العصبية التي تنتج عن اضطرابات الإشارات الكهربائية في خلايا المخ وتتميز بحدوث نوبات متكررة، تختلف من فترات قصيرة وغير قابلة للكشف، إلى فترات طويلة من التشنج الشديد.

يصف بعض العلماء نوبات الصرع بأنها عملية كهربائية مفرطة وغير سليمة وعابرة في الخلايا العصبية الدماغية، وقد تشمل النوبة منطقة صغيرة في الدماغ وتكون نوبة جزئية، أو مناطق واسعة تشمل نصفي الدماغ وتكون نوبة عامة. وقد أثبت العلم أن هناك أنواعاً لنوبات الصرع منها: نوبات الغياب، ونوبات رمع عضلي، والنوبة التوترية الرمعية. إلى أن الجديد الذي تحدث عنه أخصائي الأمراض العصبية الدكتور عمار القهوجي وأمين سر الرابطة السورية للأمراض العصبية من خلال بحثه الذي حمل عنوان "نشوء النوبة"، هو عن الخلايا التي تنشأ منها النوبات وكيف تنتشر داخل الدارات العصبية حتى تعمم لاحقاً على الجسم.

وبيّن القهوجي أن الكشف عن نشوء النوبة يستلزم وجود تقنيات عالية الدقة من حيث التصوير وتحليل البيانات، بحيث تظهر التقنيات المستخدمة على مستوى الخلايا من أي خلايا تنشأ وفي مقدمتها تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تساعد في تحليل كيف انتشرت الفراغات الكهربائية على هذه الخلايا، ومنها الحصول على المعرفة العينية والتجريبية لكيفية انتشار النوبات.

أدوية هدفية

ويرى الدكتور القهوجي أن تحلل البيانات يساعد في معرفة السبب المباشر للنوبة، وبالتالي يساعد في تطوير الأدوية المناسبة بحيث لا يأخذ مريض الصرع الأدوية على مدى سنتين وثلاث سنوات بشكل مستمر لكي يتفادى نوبة عصبية مدتها ثوان، بل من خلال هذا الاكتشاف أصبح بالإمكان تصنيع أدوية تؤخذ وقت النوبة فقط ولا حاجة لأدوية تؤثر على كل خلايا المخ على مدى سنوات وخاصة وقت عدم وجود النوبة.

وبشكل مفصّل حول هذه النقطة أوضح أمين سر الرابطة السورية للأمراض العصبية أن مريض الصرع عادة يأخذ الدواء لسنوات طويلة، في حين لا يتجاوز مجموع كل النوبات التي يتعرض لها خمس عشرة دقيقة طوال هذه السنوات. ولهذا فإن المساعي البحثية اليوم تتجه لإيجاد أدوية هدفية، بحيث يأخذ المريض الدواء فقط وقت حدوث النوبة بناء على دراسات تم وضعها واكتشاف قنوات جديدة إضافية موجودة في السوق، والتي في معظمها هي أدوية مقاومة لقنوات الصوديوم والكالسيوم. ولكن تم التعرف على قناة جديدة، ويتم تطوير دواء خاص بها يعمل على إيقاف نوبة الصرع من دون أن يؤثر على وظيفة الخلايا العصبية بل تؤثر فقط على حدوث النوبة.

انتهاء النوبة

من المهم معرفة كف تنشأ النوبة وكيف تعمم وكيف يعمل المخ في محاولة إخمادها وكيف تتوقف وتجمد، أي كيف يتحول المخ الطبيعي إلى مخ صرعي، وكيف أن المخ الصرعي يمر عليه شهران من دون أي أعراض للصرع وفجأة تظهر النوبة. هذا الجانب كان محط اهتمام الدكتور عمار القهوجي انطلاقاً من الكيفية التي تعمم بها النوبة على كل القشر الدماغي وكيف تتوقف، مبيناً أنه لا يمكن علاج الصرع نهائياً، ولكن يمكن السيطرة على النوبات بشكل تام عن طريق الأدوية، فقد يساعد أخذ الأدوية المضادة للصرع في علاج الصرع نهائياً والتخلص من النوبات الكهربائية وبعض هذه الأدوية، إن لم تقض على النوبات، فإنها تعمل على تخفيف حدة وتكرار النوبات التي تصيب مريض الصرع. وقد تكون للصرع أعراض جانبية مثل التعب والشعور بالدوخة وزيادة في الوزن ونقصان في كتلة العظم وطفح جلدي ومشاكل في النطق. وهناك نوع ثاني لعلاج الصرع عن طريق الجراحة، حيث يلجأ الطبيب المختص إلى استئصال المنطقة من الدماغ التي تسبب نوبات الكهرباء، وهذه الطريقة في حال كانت النوبات تتركز في منطقة صغيرة ومحددة من الدماغ.

ويبين الدكتور القهوجي وجود تقنيات ودراسات حديثة لإيجاد علاجات مستقبلية تعتمد على عدة عوامل، وهناك جهاز متطور يعطي كهرباء للدماغ توقف الكهرباء التي تصدر بشكل مفاجئ.