أصبحت الطاقة المتجددة عنصراً حاسماً في قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار، بما توفره من فوائد عديدة للبيئة والاقتصاد، في الوقت الذي يواجه في العالم تحديات تغير المناخ وتناقص احتياطيات الوقود الأحفوري.

وحتماً على المستوى المحلي في سورية، هناك إدراك لهذه الحقيقية واهتمام كبير بمصادر الطاقة البديلة على المستوى البحثي والفعلي. وقد برزت المضخات الحرارية بوصفها أداة رئيسية في التحول نحو طاقة نظيفة وموثوقة. إذ يرى فيها الباحثون محوراً لمستقبل التدفئة. ويمكن أن تكون المضخات الحرارية أكثر كفاءة بعدة مرات من التدفئة بالنفظ أو الغاز أو الكهرباء وفقاً لما تحدث به الأستاذ الدكتور وجيه محمد خير نعمة رئيس قسم الميكانيك العام بكلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية بجامعة دمشق، مشيراً إلى عدد من الأبحاث المتطورة التي عملوا عليها فيما يخص الطاقات المتجددة وتم تنفيذ بعضها في الكلية كما هو الحال في مشروع "المضخة الحرارية الأرضية" والتي تعتمد على تنفيذ مبادل حراري حلزوني بمضخة حرارية أرضية، وهي تعني أن جهاز التبريد يقوم على مبدأ مختصر "أعطني كيلو كهرباء لأعطيك كيلو حرارة".

تطور معامل الأداء

يقول الدكتور وجيه: توصلنا في أبحاثنا وتجاربنا إلى 8 معامل أداء بمعنى أعطني كيلو كهرباء "كيلو واط ساعي"، لأعطيك 8 كيلو حرارة.

المضخة

وحالياً نقوم على تنفيذ هذا المشروع في معامل الأدوية وهي معامل تحتاج إلى تبريد وتجفيف في آن واحد. بحيث يمكن إيصال طاقات حرارية كبيرة جداً إلى أي معمل من المعامل بهذه الطريقة، وخاصة أننا استطعنا تنفيذ طاقة حرارية تجفيفية بمساعدة الطاقة الشمسية، وهو أمر قائم على التنفيذ في معمل أدوية "بحري". ومن المهم الإشارة إلى أن هذا البحث هو لطالب دراسات عليا يدعى وسام سمسمية يتم تنفيذه حالياً ضمن هذا المشروع الذي أشرف عليه من خلال تطبيق مضخة حرارية 8 جيوتيرما.

تجفيف وتبريد

وضع كتابٌ حديثٌ يدعى "المضخة الحرارية هي المستقبل الواعد كبديل لمراجل التدفئة" بهدف الحصول على الماء الساخن، والكتاب من تأليف الدكتور وجيه محمد خير نعمة. وهم يعملون حالياً على مشروع جديد تم تسجيله منذ أسبوعين لتنفيذ مضخة حرارية تجفف المواد البلاستيكية وتبريدها في معمل "رامكو" للصناعات الهندسية.

ووفقاً للدراسة فإن الفائدة منها ستكون التسخين والتبريد في آن معاً إضافة إلى موضوع التجفيف، أي أن المضخة ستقوم بهذه المهام الثلاثة. وقد لفت الدكتور النعمة إلى أن البحث تم تسجيله ليكون هدفاً هاماً في جميع المجالات الصناعية ويحقق الخواص الثلاث في الصهر وتشكيل القوالب وبعدها التبريد. الأمر الذي يوفر الكثير من الطاقة الكهربائية تصل إلى 80% بل هو البديل عنها.

وقال: نحن نسعى جاهدين أن تكون الأبحاث بالدراسات العليا سواء كانت ماجستير أو دكتوراه لربط الجامعة بسوق العمل، ونعمل على أبحاث واقعية بعيدة عن الخيال العلمي لها أهدافها في معالجة مشكلة موجودة على أرض الواقع. وعلى الرغم من المعوقات الكثيرة وخاصة موضوع تأمين المواد الأولية والمعوقات المالية لكون البحث العلمي يحتاج للكثير من المال أثناء القيام بالتجارب، إلا أننا استطعنا الخروج بنتائج مثمرة وواقعية في جميع أبحاثنا.

التسخين بالجليد

البحث الثاني الذي تحدث عنه رئيس قسم الميكانيك العام بكلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية بدمشق يدعى "التسخين الحراري بالجليد"، وهو يقوم على مبدأ تشكيل الجليد في الليل والاستفادة منه في النهار خلال فترة الذروة. إذ من المعروف أن استهلاك الكهرباء في الليل أقل منه في النهار، وعليه فإن البحث قائم على تشكيل خزان جليد يمكن الاستفادة منه في الذروة من الساعة الثانية ظهراً حتى الساعة الرابعة خلال فترة النهار باستخدام مواد متحولة الطور.

ووفقاً للدكتور وجيه فإن هذه التجربة يتم تنفيذها حالياً في كلية الهمك بدمشق كمرحلة أولى حيث يمكن استخدامها في المستقبل في الفنادق والمشافي لما تمتلكه من استطاعات تبريدية تصل إلى 2 طن و3 طن، الأمر الذي يخفض من استهلاك الكهرباء بشكل كبير وخاصة خلال ساعات الذروة حيث تؤخذ الطاقة من الجليد بدلاً من الكهرباء.

مدخنة شمسية

تجدر الإشارة إلى أن المشاريع البحثية في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية مستمرة؛ فقد أشار الدكتور النعمة إلى مشروع آخر كان قد سبق المشاريع الحالية وهو "مشروع المدخنة الشمسية المائلة" المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس حيث يسخن الهواء بسرعة رياح 3.5 وعندما يسخن يتحرك بسرعة تصل إلى 3.5 في الثانية ليصبح قادراً على تدوير عنفة كبيرة تعطي الطاقة الكهربائية المطلوبة. وهذا المشروع تم القيام به كتجربة على السطح المائي للزجاج في كلية الهمك بدمشق وحقق نجاحاً كبيراً.