يعتقد الكثير من الأطباء غير المختصين بالأعصاب أن الصرع يصيب الأطفال فقط، ولكن أكثر من نصف الحالات التي نراها عند البالغين هي عند المسنين ممن عمرهم 60 سنة وما فوق. إذ يبين المختصون بالصرع أن نسبة حدوثه عند المرضى فوق الستين سنة هي 0.5 حتى واحد بالألف.
يُشير أطباء العصبية إلى بعض الأسباب المؤدية إلى الصرع لدى المسنين تأتي في مقدمتها الحوادث الوعائية الدماغية والأورام والاضطرابات الاستقلابية، ولكن يبقى حوالي نصفها مجهول السبب بالنسبة إليهم، كما أن أي حالة يتعرض لها المسن من الحالات السابقة تؤثر على الدماغ وغالباً ما تؤدي إلى نوبة اختلاج. وعليه يبين الدكتور أنس جوهرة رئيس الرابطة السورية لأطباء العصبية، أن طريقة علاج الصرع وتدابيره لدى المسنين مختلفة باختلاف الأمراض التي أدت إلى الاختلاج، وأن أسباب الإصابة بالصرع لدى كبار السن تتمثل في اضطرابات الدورة الدموية في الدماغ وأورام المخ وإصابات الدماغ الرضية، كما يرتفع خطر الإصابة بالصرع بعد الإصابة بالخرف أو السكتة الدماغية. ويعد الصرع ثالث أكثر أمراض الجهاز العصبي شيوعاً لدى كبار السن بعد الخرف والسكتة الدماغية، وتتمثل أعراضه في فقدان الوعي لمدة قصيرة مع التحديق اللاحق والتشوش الذهني اللاحق والتشنجات الجسدية وتيبس العضلات. وعليه ينبغي استشارة الطبيب فور ملاحظة هذه الأعراض للخضوع للعلاج في الوقت المناسب.
خيارات العلاج
لا يختلف علاج الصرع عند المسنين عنه عند الشباب، ومع ذلك يجب مراعاة الدمج بين الأدوية المضادة للصرع والأدوية الأخرى التي يستخدمها هؤلاء المسنون في هذه المرحلة العمرية. يقول رئيس الرابطة السورية للأمراض العصبية إنه غالباً ما يتم العلاج بواسطة الأدوية المضادة للصرع. وعندما لا تنجح الأدوية في السيطرة على نوبات الصرع بدرجة كافية، قد تكون الجراحة أحد الخيارات المتاحة؛ حيث يقوم الجرَّاح بإزالة المنطقة التي تسبب نوبات الصرع في الدماغ. وطبعاً نسبة الحدوث لدى المرضى الذين فوق الـ 60 سنة هي 5 بالألف. وأشار الدكتور إلى ضرورة المقارنة الدقيقة لدى المريض الذي حدثت لديه اختلاجات وما هي الأدوية وتأثيراتها، خاصة وأن هنالك دراسات تتحدث عن أسباب الصرع ولكن 50% منها مجهول السبب حتى الآن. كما أنه يمكن أن تحدث للمرضى المسنين حالة انفعالية تتطور إلى اختلاج وهي لا تصنف في هذه الحالة كصرع ولكن تكرر هذه النوبة يمكن أن يشكل عامل خطورة لحدوث اختلاجات لاحقة.
حدوث الاختلاجات
إن الحوادث الوعائية الدماغية المتكررة يمكن أن تكون سبباً في حدوث الاختلاج، ووجود عتاهة قديمة لدى المريض قد تُحدث نوبة اختلاج أكثر من غيرها، كما أن الزهايمر واحد من الأمراض التي يحدث فيها احتمالا ظهور الاختلاجات بنسبة تتراوح بين 10 حتى 20% وهي النسبة الأعلى بعشر مرات من الأعداد العامة عند المسنين بنفس العمر. يبين الدكتور جوهرة أن الزهايمر من العوامل التي تزيد من الإنذار حيث تزيد لدى المريض نوبات حدوث الاختلاج في حال كان الزهايمر مبكراً وشدة الأعراض لديه شديدة ولديه تأخر إسعافي. ووفقاً له فإن السبب الثاني المهم في حدوث الاختلاج لدى المسنين هي الاضطرابات النفسية وخاصة إذا كانت هناك قصة إدمان لمادة معينة. وغالباً ما تكون نوبة الاختلاج بؤرية مع حدوث اضطراب بالوعي، وهذا يسبب خطر السقوط المفاجئ لدى المرضى، كما أن اضطرابات السلوك واضطراب التوجه عند الاستيقاظ تكون فيها صعوبة بالتمييز إن كان هذا صرعاً أم نوبة اختلاج وهذا يجب التحري عنه جيداً.
معلومات هامة
من المهم معرفته أنه عند أول ظاهرة يمكن أن نراها عند المسن للصرع عليه أن يراجع الإسعاف وهؤلاء نسبتهم 30% من المسنين الذين أعمارهم فوق الـ60 سنة، وللأسف نسبة الوفيات تصل إلى 35% من هؤلاء المرضى.
ومع أن هذه النسبة أقل بحوالي 15% عند المرضى البالغين الأصغر سناً، ولكن يجب ألا ننسى الحالة الصرعية التي تترافق مع الاضطرابات الإنتانية والاستقلابية التي نراها لدى مرضى المشافي بشكل خاص.
تشير الدراسات إلى أن الحالة الصرعية لدى المسنين هي من ضعفين إلى خمسة أضعاف منها عند الأقل عمراً، ولا يمكن الاعتماد على تخطيط الدماغ بشكل كبير على تحديد نوبة الصرع لأن المريض المسن يمكن أن تظهر لديه مشكلات عدة تسبب نوبة الصرع من أهمها الاضطرابات القلبية أو اضطرابات سحب الدواء.
ويبين طبيب الأعصاب أنس جوهرة أن العلاج على الأغلب يحتاج إلى فترة بسيطة تصل إلى ستة أشهر. وعندما تكون النوبة غير محرضة يجب النظر إلى عمر المريض، وإن كانت هناك عوامل خطورة قد تؤدي إلى الاختلاج بسبب وجود آفة بنيوية، وبالتالي يجب التفكير في العلاج من أول نوبة عند المسن بعد التأكد أنها فعلا نوبة اختلاج.