بدأ برنامج التلقيح الوطني في سورية منذ عام 1978 ضمن مسيرة مستمرة وحافلة بتقديم اللقاح الروتيني للأطفال على مدى 46 عاماً، حيث كان يقدم للأطفال من عمر أقل من السنتين، ومن بعدها يتممم جدول لقاحاتهم بعمر المدرسة، وكذلك لقاح السيدات في سن الإنجاب مع الأخذ بعين الاعتبار لقاحات الطفولة والمدرسة لحماية أولادهن من مرض كزاز الوليد، إضافة إلى خدمة الحملات للأمراض المستجدة مثل كوفيد والأوبئة والوقاية من شلل الحصبة والكوليرا ولقاح المتسربين على مستوى مساحات القطر.

الاستمرارية في برنامج اللقاح وبجولاته الثلاثة بشكل سنوي يحمل معه دائماً معطيات وأهدافاً جديدة وجوهرية في الحفاظ على صحة الأطفال والمجتمع. الدكتورة رزان طرابيشي مدير الرعاية الصحية الأولية ومسؤولة برنامج التلقيح الوطني، أكدت على أهمية الجولات الثلاث للقاح ضمن عام 2024 من حيث الأهداف والتعريف بمفهوم الـ zero dose، مشيرة إلى أن الهدف العام لبرنامج التلقيح الوطني الموسع هو خفض معدل الوفيات والمراضة عند الأطفال دون الخمس سنوات والوقاية من الأمراض المشمولة باللقاح. إذ يتضمن البرنامج نظام ترصد الأمراض وبرنامج استئصال مرض شلل الأطفال والقضاء على الحصبة الألمانية والكزاز وبقية الأمراض المشمولة باللقاح "روتا ودفتريا وسعال ديكي". وهناك نظام ترصد التأثيرات الجانبية لإعطاء اللقاح، وسياسة الحقن الآمن وتغيير السلوك المجتمعي وتقديم خدمات التلقيح الروتينية والحملات المدرسية وجداول توزيع اللقاح ومستلزمات البرنامج.

استراتيجية تقديم الخدمة

تعتمد استراتيجية برنامج التلقيح الوطني على تقديم الخدمة عن طريق المراكز الصحية والفرق الجوالة وجلسات خارج المركز والتواصل للعودة بالأهالي إلى المراكز الصحية. تبين طرابيشي أن هذه الجهود تأتي بالتعاون مع شركاء خارج وزارة الصحة مثل النقابات والجمعيات الطبية والروابط العلمية ووزارة التربية والقطاع الخاص والمكتب المركزي للإحصاء ووزارة الاتصالات ووزارة الموارد المائية ووزارة الإعلام التي تعتبر شريكاً أساسياً في نشر رسائل التوعية حول اللقاح، وكذلك وزارة الأوقاف واتحاد شبيبة الثورة ومنظمة طلائع البعث ومنظمة الأنروا والهلال الأحمر العربي السوري ومنظمات دولية عديدة وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. مشيرة إلى وجود عدة لجان لمتابعة برنامج التلقيح الوطني وهي (لجنة متابعة حالات الشلل الرخو الحاد، ولجنة متابعة وتوثيق الحصبة، ولجنة الترصد البيئي للأمراض، واللجنة الفنية الاستشارية للبرنامج، ولجان التنسيق والإمداد) بالإضافة إلى لجان مركزية ومحيطية من أجل الاستجابة لظهور حالات شلل أطفال.

الوضع الراهن

تهدف حملة عام 2024 للقاح الوطني بجولاتها الثلاث إلى إمكانية الوصول باللقاح الروتيني والحملات إلى نحو 3 ملايين طفل وطفلة، كما يتضمن الجدول لقاح كزاز النساء من عمر "15 -49 سنة" مع الأخذ بعين الاعتبار لقاحات الطفولة والمدرسة، وهناك جدول لقاح خاص بالأطفال من عمر "5 – 12" سنة.

ووفقاً لمسؤولة البرنامج الدكتورة رزان طرابيشي فإن الجولات مستمرة تحت شعار "لقحوا أطفالكم الآن.. ليبقوا بأمان"، وفي الجولة الثانية التي تستمر لمدة خمسة أيام خلال الشهر الحالي فإنها تهدف إلى تلقيح الأطفال الذين لم يتم الوصول إليهم خلال الجولة الأولى وتزويد الأطفال المتسربين بشكل عام باللقاحات وتزويد أطفال الزيرو دوز. في حين ستكون الجولة الثالثة في الشهر العاشر من هذا العام لتنهي برنامج الحملة بتحقيق أهدافها. مشيرة إلى أنه خلال الجولة الأولى تم تلقيح مليون و843 طفلاً دون الخمس سنوات أي بنسبة 66% من هدف الأطفال الإجمالي، وبنسبة 73% من هدف الأطفال الممكن الوصول إليهم.

طفل الزيرو دوز

مفاهيم جديدة يحملها برنامج اللقاح الوطني الشامل الحالي وهي تتعلق أولاً بأطفال zero dose وهم الأطفال الذين لم يتلقوا أي لقاح روتيني ومؤشر الرصد يشير بعدم تلقي لقاح dtp1 بعمر أكبر من 90 يوماً. وكذلك بمفهوم مجتمعات الجرعة الصفرية التي فيها نسبة عالية من الأطفال الذين لم يتناولوا الجرعة الصفرية والذين يشتركون في نفس السمات الجغرافية، مثال المجتمعات المفقودة أو التي لا يتم الوصول إليها. إضافة إلى ضرورة معرفته الفرق بين الطفل المتسرب الكلي وهو الطفل الذي لم يتلق أية جرعة لقاح، وبين الطفل المتسرب الجزئي الذي أخذ لقاحاً أو أكثر. وعليه فقد يكون الطفل الزيرو متسرباً جزئياً أو كلياً. وتجدر الإشارة إلى أن عدد أطفال الزيرو دوز الذين يتم الوصول إليهم خلال هذه الحملة 24170 طفلاً.

معلومات هامة

ما يجب الإشارة إليه هو أن هناك أهمية كبيرة لحفظ اللقاح بدرجات الحرارة المناسبة كل حسب نوعه. وتؤكد مسؤولة البرنامج أن وزارة الصحة تمتلك أحد أفضل سلاسل التبريد لحفظ اللقاحات على جميع المستويات وهي لقاحات آمنة ومجانية بالكامل. وحول حملة اللقاح الحالية بينت أن عدد الأطفال المستهدفين في الجولة الثانية نحو 650 ألف طفل وطفلة دون سن الخمس سنوات، وعدد المراكز الصحية الثابتة 992 مركزاً، وعدد المراكز المحدثة 280 مركزاً، بينما عدد الفرق الجوالة 1087 فرقة، ويشارك فيها نحو 11 ألف عامل صحي، 4652 منهم ضمن المراكز الصحية و3369 ضمن الفرق الجوالة، بينما يصل عدد المشرفين على الحملة نحو 750 مشرفاً، وهناك 1227 سيارة مستخدمة لتحقيق أهداف الجولات.

لا تترك أحداً خلفك

شعار معتمد حتى لا يبقى أي طفل سوري عمره أقل من خمس سنوات دون لقاح. وتكشف الدكتورة رزان طرابيشي عن إحصائيات هامة تتعلق بحملة اللقاح بشكل عام وتتحدث عن استراتيجية "لا تترك أحداً خلفك" مبينة أن تغطية الجرعة الثالثة من لقاح الدفتريا والكزاز والسعال الديكي انخفضت بنسبة 2% مقارنة بعام 2020 لتصل إلى 81% في عام 2021 مما يترك 25 مليون طفل عرضة للأمراض المشمولة باللقاحات، وتهدف أجندة التحصين لعام 2030 إلى إتاحة التلقيح للجميع في كل مكان بحلول هذا التاريخ.

فالهدف الذي تحمله الاستراتيجية هو الوصول بانتظام إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي لقاح من خلال الخدمات الروتينية، وتقليل عدد أطفال الجرعة الصفرية بنسبة 50% بحلول عام 2030 وتقليل عدد الأطفال الذين يتناولون الجرعة الصفرية بنسبة 25% بحلول عام 2025.