حقق علماء المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا قفزة نوعية في تكنولوجيا الليزر من خلال سد "الفجوة الخضراء" باستخدام مرنانات دقيقة جديدة تولد نطاقاً واسعاً من الضوء الأخضر. لطالما تمكن العلماء من صنع ليزر أحمر وأزرق صغير على مدار السنين، لكن الألوان الأخرى كانت تشكل تحدياً.

تمكن الباحثون من سد فجوة تكنولوجية مهمة من خلال إنشاء ليزر برتقالي وأصفر وأخضر صغير بما يكفي لوضعه على شريحة. تعتبر الليزرات منخفضة الضوضاء والمدمجة في نطاق الطول الموجي هذا مهمة للاستشعار الكمي والاتصالات ومعالجة المعلومات.

لسنوات عديدة، صنع العلماء ليزرات صغيرة عالية الجودة تولد الضوء الأحمر والأزرق. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يستخدمونها عادة - حقن التيار الكهربائي في أشباه الموصلات - لم تنجح بشكل جيد في بناء ليزرات صغيرة ينبعث منها الضوء بأطوال موجية صفراء وخضراء. يشير الباحثون إلى ندرة الليزرات المستقرة والصغيرة في هذه المنطقة من طيف الضوء المرئي باسم "الفجوة الخضراء". إن سد هذه الفجوة يفتح فرصاً جديدة في الاتصالات تحت الماء والعلاجات الطبية وفي مجالات أخرى متنوعة.

كانت مؤشرات الليزر الخضراء موجودة منذ 25 عاماً، لكنها لا تنتج الضوء إلا في طيف ضيق من اللون الأخضر ولا يمكن دمجها في الرقائق، ما يمكنها من العمل مع أجهزة أخرى لأداء مهام مفيدة.

التطورات في المكونات البصرية

الآن، نجح العلماء في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) في سد الفجوة الخضراء من خلال تعديل مكون بصري صغير: مرنان صغير على شكل حلقة، صغير بما يكفي ليتناسب ويندمج مع شريحة أخرى.

يمكن لمصدر مصغر من الضوء الأخضر بالليزر أن يحسن الاتصالات تحت الماء لأن الماء شفاف تقريباً لأطوال الموجات الزرقاء والخضراء في معظم البيئات المائية. ومن التطبيقات المحتملة الأخرى شاشات عرض الليزر بالألوان الكاملة وعلاج الحالات الطبية بالليزر، بما في ذلك اعتلال الشبكية السكري، وتكاثر الأوعية الدموية في العين.

تحسين الحوسبة الكمومية

تعتبر أشعة الليزر المدمجة في نطاق الطول الموجي الذي يعطي اللون الأخضر مهمة أيضاً لتطبيقات الحوسبة الكمومية والاتصالات، حيث يمكنها تخزين البيانات في كيوبتات، الوحدة الأساسية للمعلومات الكمومية. حالياً، تعتمد تطبيقات الكم هذه على الليزر الأكبر حجماً ووزناً وقوة، مما يحد من قدرتها على الانتشار خارج المختبر.

لعدة سنوات، قام فريق بقيادة كارتيك سرينيفاسان من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا ومعهد الكم المشترك (JQI)، وهو شراكة بحثية بين المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا وجامعة ماريلاند، باستخدام مرنانات دقيقة مكونة من نيتريد السيليكون لتحويل ضوء الليزر تحت الأحمر إلى ألوان أخرى. عندما يجري ضخ ضوء الأشعة تحت الحمراء في الرنان الحلقي، يدور الضوء آلاف المرات حتى يصل إلى كثافات عالية بما يكفي للتفاعل بقوة مع نيتريد السيليكون. ينتج هذا التفاعل، المعروف باسم التذبذب البصري البارامتري (OPO)، طولين موجيين جديدين للضوء، يُطلق عليهما اسمي الموجة الخاملة والإشارة.

تحسين تقنيات إنتاج الليزر

في دراسات سابقة، أنتج الباحثون بضعة ألوان فردية من ضوء الليزر المرئي. واعتماداً على أبعاد الرنان الدقيق، الذي يحدد ألوان الضوء التي يمكن للعلماء توليدها، أنتجوا أطوال موجية حمراء وبرتقالية وصفراء، بالإضافة إلى طول موجي يبلغ 560 نانومتراً، عند الحافة المشعرة بين كلا الضوءين الأصفر والأخضر. ومع ذلك، لم يتمكن الفريق من توليد المجموعة الكاملة من الألوان الصفراء والخضراء اللازمة لملء الفجوة الخضراء.

قال العالم "يي صن" من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، وهو أحد المشاركين في الدراسة الجديدة: "لم نكن نرغب أن نكون جيدين في تحقيق بضعة أطوال موجية فقط. أردنا الوصول إلى النطاق الكامل للأطوال الموجية في الفجوة".

لملء الفجوة، قام الفريق بتعديل الرنان الدقيق بطريقتين. أولاً، قام العلماء بتكثيفه قليلاً. من خلال تغيير أبعاده، تمكن الباحثون من توليد ضوء يخترق بشكل أعمق في الفجوة الخضراء، إلى أطوال موجية قصيرة تصل إلى 532 نانومتراً (مليار من المتر). وبفضل هذا النطاق الموسع، تمكن الباحثون من سد الفجوة بأكملها.

وثانياً إلى جانب ذلك، عرّض الفريق المرنان الدقيق لمزيد من الهواء عن طريق إزالة جزء من طبقة ثاني أكسيد السيليكون الموجودة أسفله. وكان لهذا تأثير جعل الألوان الناتجة أقل حساسية لأبعاد الحلقة الدقيقة وطول موجة مضخة الأشعة تحت الحمراء. وقد منحت الحساسية المنخفضة الباحثين مزيداً من التحكم في توليد أطوال موجية خضراء وصفراء وبرتقالية وحمراء مختلفة قليلاً من جهازهم.

ونتيجة لذلك، وجد الباحثون أنه يمكنهم إنشاء أكثر من 150 طولاً موجياً مميزاً عبر الفجوة الخضراء وضبطها بدقة. وأشار سرينيفاسان إلى أنه "في السابق، كان بإمكاننا إجراء تغييرات كبيرة - من الأحمر إلى البرتقالي إلى الأصفر إلى الأخضر - في ألوان الليزر التي يمكننا توليدها باستخدام OPO، ولكن كان من الصعب إجراء تعديلات صغيرة داخل كل من نطاقات الألوان هذه".

ويعمل العلماء الآن على تعزيز كفاءة الطاقة التي ينتجون بها ألوان الليزر لملء الفجوة الخضراء. وفي الوقت الحالي، لا تتجاوز طاقة الخروج نسبة قليلة من طاقة الليزر المدخل. ومن الممكن أن يؤدي الاقتران الأفضل بين الليزر المدخل والموجة التي توجه الضوء إلى المرنان الدقيق إلى تحسين الكفاءة بشكل كبير، إلى جانب طرق أفضل لاستخراج الضوء الناتج.

----

عن موقع: Sci Tech Daily