لا يتعلق المقال بقصة فردية عن امرأة ريفية واحدة، وإنما هي دراسة جمعت فيها البيانات من عينة عشوائية بلغ حجمها 141 مبحوثة من القرى التابعة لمنطقة المالكية في الحسكة. وذلك بهدف تحليل البيانات ودراسة ارتباطها البسيط والمتعدد بجملة من الجوانب والوصول إلى النتائج.

انطلاقاً من ذلك ومن تعدد الأدوار للمرأة الريفية قامت الدكتورة عفراء سلوم وهي تشغل حالياً عميد كلية الزراعة بجامعة دمشق، بدراسة خصصت فيها دور المرأة في دعم الاقتصاد السوري من خلال عينة معينة في منطقة الشمال السوري، وجاءت الدراسة تحت عنوان "أثر إسهام المرأة بتصنيع منتجات الأغنام في تحسين العائد الاقتصادي للسكان الريفيين في منطقة المالكية بمحافظة الحسكة". إن الهدف من الدراسة تقدير أثر مساهمة المرأة بتصنيع منتجات الأغنام وانعكاس ذلك على الجانب الاقتصادي للأسرة الريفية، وتحديد طبيعة العلاقة بين نسبة إسهام المرأة في تصنيع منتجات الأغنام وبعض خصائصها، وذلك باستخدام طريقة تحليل بيانات بعض المقاييس الوصفية والارتباط البسيط والمتعدد.

مسؤوليات كبيرة

المرأة في الريف السوري شأنها شأن النساء الريفيات في العالم تؤدي أدوارا متعددة "الإنجاب، والدور الاجتماعي، والإنتاجي" فضلاً عن دورها كزوجة وأمّ وتوليها كافة مهام المنزل ورعاية الأطفال وكبار السن. كما أن النساء الريفيات يعملن في الزراعة بكامل فروعها، وفي العناية بالثروة الحيوانية والدواجن. وعليه كان من أهم ما توصلت إليه الباحثة خلال هذه الدراسة أن نسبة مساهمة المرأة أكبر من الرجال باستثناء الرعي، إذ كان للذكور حصة بلغت 37.5% والباقي للإناث. كما وجد أن النساء في سورية شكلن 5% فقط من مالكي الأصول الزراعية، ويصل أعلى تركيز للنساء الحائزات في السويداء 11% تليها دمشق وإدلب ودرعا. وقد وصلت نسبة الأمية إلى 44% عند الإناث مقارنة مع الذكور التي بلغت 16%. ولفتت الدكتورة سلوم: إلى أن المجال الصحي لم يحظ بأهمية واضحة كبقية مجالات التنمية الريفية، لذا يعد جانب التصنيع الذاتي من الجوانب الأساسية في حياة المرأة الريفية ومنها تصنيع الحليب وتحويله إلى أجبان محلية بطرق تقليدية. وهذا يعني أنها تحتاج إلى برامج ونشاطات إرشادية لتوعيتها في مجال تصنيع المنتجات الحيوانية ولا سيما صناعة الأجبان، وهذه الصناعة الحيوية في حياة المجتمع الريفي والحضري على حد سواء تحتاج إلى شروط أساسية ينبغي إتباعها.

المرأة الريفية

جوانب بحثية

أصبح دور المرأة في التنمية بصفة عامة وفي الإنتاج الزراعي بصفة خاصة، ذا أهمية في المؤتمرات العالمية التي تتعلق بالأمن الغذائي. ففي هذا البحث مثلاً كان عدم الالتزام بالشروط الصحية لتصنيع الأجبان يقود إلى التلوث ومنه إلى مخاطر صحية على المجتمع. وكانت المشكلة البحثية التي تناقشها الدكتورة عفراء سلوم هي الإجابة عن تساؤلات تتعلق بمدى إسهام المرأة في النشاطات التصنيعية الخاصة بالأجبان وتأثيره على دخل الأسرة وضرورة تحقيق تنمية ريفية شاملة والاستفادة من النتائج لتنمية مهارات المرأة وقدراتها الإنتاجية، وكيف تنعكس على المؤشرات التنموية. انطلاقاً من أهمية البحث، فهي تسلط الضوء على واقع هذه المهنة للمرأة الريفية من خلال تنفيذ الأهداف المطروحة في الخطط الخمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية وتشجيع النساء على المساهمة في النشاطات الاقتصادية المختلفة ضمن مشاريع صغيرة.

عينة البحث

أعدت الباحثة استمارة وجمعت البيانات الأولية عن طريق المقابلة الشخصية مع النساء الريفيات وأخذ 10.2% من مجموع النساء الريفيات اللاتي يقمن بتربية الأغنام وتصنيع منتجاتها من عينة عددها 141 مبحوثة من أصل 1389 من مجتمع الدراسة ومن 30 قرية من قرى التابعة لمنطقة المالكية. واستخدمت الباحثة الأسلوب البحث وقياس المتغيرات المستقلة وأساليب التحليل الإحصائي ومناقشة النتائج الأولية المتعلقة بالصفات الشخصية والاجتماعية والاقتصادية للمبعوثات وحجم الأسرة ومصادر تعلم التصنيع والخبرة في مجال تربية الأغنام وملكية معدات التصنيع ودرجة توافر المكان المناسب للتصنيع ومصدر رأس المال.

نتائج وطموح

من أهم النتائج التي توصلت إليها الباحثة هي ارتفاع نسبة إسهام النساء في تصنيع منتجات الأغنام في منطقة الدراسة، ما يؤدي إلى تحقيق أرباح صافية جيدة ووجود علاقة ارتباط معنوية وسلبية إحصائياً بين وسط الربح المحقق والعامل المستقل المتعلق بمصدر رأس المال لشراء معدات التصنيع، وكذلك وجود علاقة ارتباط معنوية وإيجابية إحصائياً عند مستوى1% بين وسطي الربح المحقق والمتغيرات المستقلة المتعلقة بحجم الأسرة وملكية المعدات وحجم حيازة الأسرة على الأغنام.

وعليه كانت أهم توصيات الباحثة هي تحسين المستوى المعاشي للنساء الريفيات عن طريق تنفيذ المشاريع الصغيرة المولدة للدخل ولا سيما مجال تصنيع الحليب ومشتقاته، بغية زيادة دخل الأسرة وتنوع مصادر دخلها، وتأمين القروض للنساء الريفيات لشراء الأغنام ومعدات التصنيع لتطوير عملهن وزيادة الكفاءة التصنيعية للحليب ومشتقاته، ومن ثم زيادة إنتاجها وزيادة العائد الاقتصادي، وتقديم الإرشاد والتدريب لهن لتحسين نوعية المنتجات المصنعة واستخدام أساليب حديثة في التصنيع.