تلقى النباتات الطبية اهتماماً واسعاً على المستوى العالمي واهتماماً ملحوظاً على المستوى المحلي. وقد بدأ الكثير من الباحثين والمهتمين يتوجهون في أبحاثهم ومجالاتهم العلمية نحو استخدامات عديدة لهذه النباتات.
في سورية وعلى المستوى الحكومي هناك بعض المحاصيل من النباتات الطبية التي تدخل في الوارد القومي لمعدل التصدير، وهناك نباتات يتم استيرادها كمواد أولية للصناعات الدوائية.
الدكتور نزار عيسى مدير عام هيئة التقانة الحيوية أكد على ضرورة مواجهة التحديات بشكل مبتكر للاستفادة من النباتات الطبية بشكل يخدم المجتمع والبيئة والاقتصاد الوطني، وخاصة أن هذه النباتات تسهم في التنوع البيولوجي عبر زراعة النباتات الطبية النادرة بطرائق التقانات الحيوية المتنوع التي تسهم في تطوير البحث العلمي وزيادة معارف الباحثين بهذه التقنيات أولاً، وفي تحسين الرعاية الصحية من خلال إنتاج نباتات طبية ذات خصائص علاجية ترفد المعامل والشركات الدوائية بمواد أولية لإنتاجها. وبين الدكتور عيسى أهمية وجود قاعدة بيانات حول النباتات الطبية في سورية أنواعها واستعمالاتها بما يمكنها من الدخول بشكل واسع في الصناعة الدوائية.
رئيس قسم التقانات الحيوية للنباتات الطبية الدكتور يوسف العموري قدم رؤية حول الاستثمار في النباتات الطبية والاستفادة منها باستخدام التقانات الحيوية. وخاصة بعد أن نجحت الهيئة في اعتماد تقانة الكالوس لبعض النباتات الطبية غير المزروعة والتي تعتبر نباتات مهملة وموجودة في البيئة السورية، في الوقت التي تحتوي فيه هذه النباتات على مواد أولية لصناعة الدواء غالية الثمن ونادرة. وقال العموري إنهم استطاعوا الحصول على خطوط خلوية دون أي تأثير على الانتشار الحيوي لهذه النباتات في البيئة السورية، وتمكنوا من الحصول على خطوط خلوية ذات تراكيز جيدة من هذه المواد ليصار فيما بعد إلى وضعها واستخدامها في الصناعة الدوائية.
وأكد العموري أن استخدام التقانات الحيوية في النباتات الطبية تجعل من سورية بلداً قادراً على إنتاج المواد الأولية الخام ذات المنشأ النباتي للصناعة الدوائية الذي يدر أرباحاً كبيرة ويخفف من الاستيراد ويكون مصدراً للدخل الوطني بشكل كبير. إضافة إلى أن زراعته لا تحتاج إلى مساحات كبيرة، بل على العكس من ذلك فهو يحتاج إلى بنية تحتية بمساحات ضيقة تستطيع الإنتاج إلى مدار العام، بما يخدم الصناعة المحلية والتصدير معاً.
وحول مدى استفادة الشركات الدوائية من النباتات الطبية؟ أوضح الدكتور العمري أن الشركات الدوائية تعتمد النباتات الطبية بالشكل الحي كمساحيق لهذه النباتات ولا تعتمد الجانب المتعلق بالتقانة الحيوية. إذ إن الشركات والمعامل الدوائية ليس لديها الثقة الكاملة في مراكز البحث المحلية، وهذا يخلق فجوة في مفهوم الاستثمار بالنباتات الطبية، حيث إن هذه المشاريع تحتاج إلى التمويل، وهذا يمكن أن يكون جيداً ومرحباً به بالتشاركية مع الشركات والمعامل الدوائية للوصول إلى منتج يمكن وضعه في خدمة الصناعة الدوائية، متوقعاً أن يشهد سوق الأدوية ذات المنشأ النباتي نمواً سريعاً خلال السنوات القادمة.
هذا الجانب المهم من استثمار النباتات الطبية بشكل علمي وحيوي جاء ضمن فعاليات المؤتمر الأول الذي أقامته الهيئة العامة للتقانات الحيوية في سورية تحت عنوان "آفاق واعدة ونهج مستجد في التنمية المستدامة والاقتصاد المعرفي" والذي تم خلاله التأكيد على إنشاء قاعدة بيانات وطنية حول النباتات الطبية تحت مظلة الهيئة العليا للبحث العلمي، بحيث تتضمن جميع البحوث المنجزة في هذا المجال من خلال التشبيك والتنسيق بين مختلف المراكز البحثية العلمية في سورية سواء في الجامعات أو الهيئات أو الوزارات بما ينعكس على تطور البحث العلمي. كما تم التوجيه إلى ضرورة مشاركة الفعاليات الطبية والمعامل الدوائية ومستحضرات التجميل ومعامل الأغذية للتواصل مع هيئة التقانات الحيوية للاستفادة من بعض المواد الأولية المتوافرة لديها والتي تخدم هذه الصناعات الوطنية.