تتشابه إجراءات زراعة الكلى لدى الأطفال مع تلك الخاصة بالكبار في بعض النواحي، لكن نظراً لطبيعة الصعوبات الفريدة التي تواجه الأطفال المصابين بأمراض في الكلى، فإنهم يستفيدون من الخبرة الواسعة لدى الاختصاصيين الخبراء في عمليات زراعة الكلى للأطفال من حيث فهمهم للطريقة التي تعامل بها جسم الطفل مع الأدوية اللازمة لمنع المضاعفات والأساليب الجراحية المخصصة للأطفال.

أكد رئيس وحدة زرع الأعضاء في مستشفى المواساة الجامعي بدمشق وأخصائي جراحة زرع الأعضاء الدكتور عمار الراعي من خلال ورقته العلمية البحثية التي حملت عنوان "زرع كلية شخص بالغ عند طفل.. تحديات وحلول" على أن أفضل عمليات الزراع هي تلك التي تكون فيه الكلى من متبرع حي، وهذا ما يتم تطبيقه لدينا في سورية وفقاً للتشريعات المتعلقة بزرع الأعضاء وخاصة الكلى، فليس هناك سوى المتبرع الحي. وبالتالي فإن الطفل الذي يصاب بقصور كلوي، سيكون عمر المتبرع له فوق الـ 18 عاما أي إنسان بالغ.

وأوضح أن نقل أي عضو من جسم بالغ إلى طفل صغير، يعني أن هذا العضو كبير الحجم بالنسبة إلى جسم الطفل. وهذا يطرح العديد من التحديات والإشكالات التي ساهم في حلها التكتيك الجراحي بحلول متطورة لتصبح النتائج جيدة جداً، وفي بعض الحالات أفضل من النتائج التي نحصل عليها عند نقل كلية إلى شخص بالغ.

لا توجد إحصائية

وبين الدكتور الراعي: أن نسبة الإصابة بالقصور الكلوي في سورية ليس لها إحصائية دقيقة، لكنها عالمياً هي بمعدل 15 إنسان لكل مليون نسمة، وبالتالي إذا كانت النسبة في سورية مشابهة، فهذا يعني أنه لدينا في كل عام 300 إصابة بالقصور الكلوي وفقاً لعدد السكان المقدر بـ 20 مليون نسمة. ولفت الراعي إلى أن أكثر أسباب القصور الكلوي عند الأطفال يعود إلى التشوهات الخلقية البولية "غياب كلية، تشوه بالحالب" وهؤلاء الأطفال يكون خيار زرع الكلية لهم هو الخيار الأنسب بل هو أمرُ ملحُ أكثر من الكبار، لأن ذلك يؤثر على نموهم وعلى حالتهم النفسية وكذلك التعليمية وخاصة أن الغسيل المتكرر يعني الغياب عن المدرسة وخسارة التعليم.

جراحة متطورة جداً

غالباً ما يكون المتبرع قريب "الوالد أو الوالدة" والزراعة هنا مرتبطة بوزن المريض لا بعمره. إذ يؤكد الدكتور عمار الراعي أن وزن الطفل يجب أن يكون أكثر من عشرة كيلوغرامات حتى يتمكن الطبيب من زرع الكلية بنجاح. وغير ذلك لا يمكن فهناك خطورة كبيرة. إن هذا النوع من العلاج الجراحي في سورية متطور جداً ونسبة النجاح فيه تصل إلى أكثر من 95%. كما أنه في هذه العمليات تكون نسبة البقًية للطعام مدة سنة هي 95% ولمدة خمس سنوات هي 85%. وفي هذا النوع من الزرع يهتمون بالوزن أكثر من العمر وخاصة أن الأطفال المصابين بالقصور الكلوي لديهم نقص وتأخر في النمو ولهذا دور في نجاح العمل الجراحي.

مرض مخاتل

الكثير من الأمراض يتحدث فيها الأطباء والمختصين عن الوراثة وتذهب أصابع الاتهام إليها، إلا الدكتور الراعي لم يوعز الأمر المتعلقة بالقصور الكلوي لدى الأطفال للوراثة بشكل عام، وإنما قد تكون هناك مشكلات في الكلى تعود بالمجمل إلى الوراثة مثل كلية عديدة الكيسات وهي تظهر في مرحلة البلوغ، والأمراض المتعلقة بنقص السمع مع القصور الكلوي، وهناك عائلات نجد فيها عدة أفراد بحاجة لزرع الكلى بسبب الأمراض الوراثية. والقصور الكلوي هو مرض مخاتل لا يعطي أعراضاً صارخة وواضحة، ويكتشف بشكل عرض ممكن عن طريق التحاليل أو مراجعة الطبيب لسبب ما فيكتشف أن لديه قصوراً كلوياً. ولكن بشكل عام هناك أعراض مثل الشحوب والتعب والضغط العالي والتي تعتبر مؤشرات عامة للعديد من الأمراض وليس للقصور الكلوي فقط. لذلك فالوقاية هي الأساس، إذ يفترض الانتباه في موضوع تناول الملح وأخذ كميات كافية من الماء والابتعاد عن أخذ أدوية عشوائياً دون وصفة طبيب. كما أن المريض الذي لديه سكري أو ضغط شرياني يجب أن يراقب نفسه بشكل مستمر حتى يتأكد إن كانت لديه أذية كلوية بشكل مباشر ومعالجتها فوراً.