زينون الفينيقي هو فيلسوف سوري، هاجر إلى أثينا في شبابه عام 313 ق.م، ليعلّم شبابها حكمته الجديدة. ورفض المواطنة الأثينية عندما عرضت عليه، خوفاً من أن يظهر كشخص غير مخلص لأرضه الأم فينيقيا، رغم أنه بقي مقيماً في أثينا حتى وفاته.

عندما كان زينون في الرابعة والثمانين من عمره، طلب الملك المقدوني أنتيغون أن يتتلمذ على يد زينون نظراً لتفوقه العلمي والعقلي، فرد زينون: "إني سعيد بكونك تريد تعلم ما هو حقيقي ومفيد، وليس فقط في قيادة الشعب والعبث بالأخلاق الطيبة، وإن أي إنسان تجذبه الفلسفة ويحتقر الرغبات الدنيوية، لا يكون فقط ذا نبل طبيعي، بل ذا نبل خلقي عظيم. ولو لم أكن كهلاً ويعيقني هرم جسدي لجئت إليك، ولكني سأرسل إليك بعض تلامذتي الذين يماثلونني بروحهم وهم أكثر فائدة مني".

زينون الفينيقي/ الرواقي، هو فيلسوف سوري، ولد عام 334 قبل الميلاد، في مستوطنة كيتيوم في قبرص، وأصل عائلته من صور من لبنان. هاجر إلى أثينا في شبابه عام 313 ق.م، ليعلم شبابها حكمته الجديدة. ورفض المواطنة الأثينية عندما عرضت عليه، خوفاً من أن يظهر كشخص غير مخلص لأرضه الأم فينيقيا، رغم أنه بقي مقيماً في أثينا حتى وفاته.

قرأ مذكرات "أكزينوفان" ومحاورة "الدفاع" لأفلاطون، وأعجب إعجاباً شديداً بسقراط وشخصيته[1].

درس على يد كريتيس الساخر وستيلبو الميجاري وفي الأكاديمية القديمة. بدأ يعلِّم في الرواق المعمد، ومن هنا جاءت تسمية مذهبه الفلسفي "الرواقية". وقد أنشأ المدرسة الرواقية عام 300 قبل الميلاد. وكان من تلامذته: أراتوستينيس، كليانتس، ثيودوروس. وقد أثر في خريسيبوس وبوسيدونيوس وسنكا، وأبكتيتوس وماركوس أوريليوس.

قسم الفلسفة إلى منطق وفيزياء وأخلاق. اتخذ الانطباع الثابت الذي لا سبيل للشك فيه مقياساً للحقيقة. وجعل الأخلاق رئيسية في فلسفته. وقد ارتكزت الرواقية على الأفكار الأخلاقية للفضيلة. وأكدت على الخير والسلام الفكري الناتج عن حياة الفضيلة بانسجام مع الطبيعة.

أقسام فلسفته

1-المنطق: يضم البلاغة والقواعد والنظريات المتعلقة بالإدراك والفكر. وقسّم المفاهيم الصحيحة إلى ما يمكن فهمه وما لا يمكن فهمه.

2-الفيزياء: لا تضم العلوم فقط بل الطبيعة المقدسة للكون. الكون هو الإله؛ كيان عاقل مقدس. وتنتمي كل الأجزاء إلى الكل.

3-الأخلاق: هدف الأخلاق النهائي هو الوصول إلى السعادة. فإنه لا يكون إلا عبر الطريقة الصحيحة في العيش وفقاً للطبيعة. وقد قال فيلسوف أمريكي معاصر: "إن الرواقيين وليس أرسطو وليس أفلاطون، كان لهم الفضل في وضع أول تعريف واضح ومعقول للأخلاق بمبدئهم العالمي". ويقول برتراند راسل: "إن ما يجمع الحركة كلها هي تعاليمها الأخلاق التي ظلت على ما هي عليه طوال الوقت"[2]. ويضيف: "غير أنها نجحت، من حيث هي مذهب، في اجتذاب عدد محدد من الأتباع يفوق ما اجتذبه مذهب أفلاطون وأرسطو. كان المذهب الرواقي هو الذي استحوذ على خيال الملوك والحكام الهلينستيين"[3].

أفكاره

انتقد نظام التعليم في عصره ووصفه بالعقم. ورأى أن جمهوريته لا بد أن تقوم على الصداقة، والحكمة ليس لها شروط، بل يمكن لكل إنسان أن يحظى بها. إنه يرفض فكرة العبودية، ويرفض أيضاً بناء المعابد، وإزالة الأوثان وإلغاء دور القضاء؛ حيث قال إن المواطنين أنفسهم من يحققون العدالة دون الحاجة إلى القوانين، أي تطبيق القانون الطبيعي على أساس الفهم الصحيح له، حيث لا يوجد مذنب يستحق العقاب.

ورأى أن النساء لا يختلفن عن الرجال في شيء، وقال بتوحيد الزي بين الرجال والنساء، لأن الزي كان تعبيراً عن التمايز بين الغني والفقير.

وفاته

توفي عام 262 ق.م. وذكر لاريتوس عن وفاته: "عندما كان مغادراً المدرسة، تعثر ووقع، فكسر إصبع قدمه، فضرب الأرض بقبضته قائلاً: "أتيت، أتيت، لماذا تنادينني؟"، وفاضت روحه على الفور". كرمه الأثينيون بعد وفاته بقبر وتاج من ذهب.