إن التحكم بكائن افتراضي، لا يمنحك الشعور الذي قد تشعر به عندما يتلامس شخصان. لخلق هذا الشعور باللمس، تستخدم قطع متوفرة وغير مكلفة لربط الرسومات التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر بدفقات الهواء الموجهة والتحكم فيها بعناية.

تعرّف ملايين الأشخاص من خلال المسلسل التلفزيوني ستار تريك "Star Trek: The Next Generation" على فكرة الهولودك (وهي أداة لعرض ثلاثي الأبعاد واقعي لبيئة كاملة يمكنك التفاعل معها بل وحتى لمسها).

يتحدث مسلسل (ستار تريك Star Trek ( عن‏ أحد أهم ظواهر الخيال العلمي في التلفزيون الأمريكي، ويمتد على سبعة أجزاء من الحلقات التلفزيونية، وأيضاً أحد عشر فيلماً مميزاً، ومئات من الروايات وألعاب الفيديو والألعاب الحاسوبية. تحدث جميع هذه القصص والمسلسلات والأفلام في نفس الكون الخيالي الذي ألفه جين رودينبيري، وتمّ البدء ببث حلقات المسلسل منذ أربعين عاماً.

مصافحة

في القرن الواحد والعشرين، تُستخدم الصور المجسمة بالفعل في مجموعة متنوعة من الطرق، مثل الأنظمة الطبية والتعليم والفن والأمن والدفاع. ولا يزال العلماء يطورون طرقاً لاستخدام الليزر والمعالجات الرقمية الحديثة وتقنيات استشعار الحركة، لإنشاء عدة أنواع مختلفة من الصور المجسمة التي يمكن أن تغير طريقة تفاعلنا.

يقول الأستاذ رافيندر، أستاذ الإلكترونيات والهندسة النانوية من جامعة غلاسكو: عملت أنا وزملائي في مجموعة أبحاث تقنيات الاستشعار والإلكترونيات القابلة للانحناء في جامعة غلاسكو، وقد طورنا الآن نظاماً من الصور المجسمة للأشخاص الذين يستخدمون "الخطوط الهوائية"، مما يخلق شعوراً باللمس مع دفقات الهواء. حيث توفر دفقات الهواء هذه إحساساً باللمس على أصابع الناس والأيدي والمعاصم.

بمرور الوقت، يمكن تطوير هذا الأمر للسماح لك بمقابلة صورة رمزية افتراضية لزميل على الجانب الآخر من العالم والشعور حقًا بمصافحته. ويمكن أن تكون حتى الخطوات الأولى نحو بناء شيء مثل الهولودك.

لخلق هذا الشعور باللمس، نستخدم قطعاً متوفرة وغير مكلفة لربط الرسومات التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر بدفقات الهواء الموجهة والتحكم فيها بعناية.

في بعض النواحي، تعد هذه الخطوة أبعد من الجيل الحالي من الواقع الافتراضي، والذي يتطلب عادةً سماعة رأس لتقديم رسومات ثلاثية الأبعاد وقفازات ذكية أو وحدات تحكم محمولة لتوفير ردود فعل لمسية، وهو تحفيز يشبه اللمس. وتقتصر معظم الأساليب القائمة على الأدوات القابلة للارتداء والتحكم بالكائن الافتراضي الذي يتم عرضه.

إن التحكم بكائن افتراضي، لا يمنحك الشعور الذي قد تشعر به عندما يتلامس شخصان. إذ يمكن أن يوفر إضافة إحساس اللمس الاصطناعي بُعداً إضافياً من دون الحاجة إلى ارتداء قفازات لتشعر بالأشياء، وبالتالي تشعر بأنها طبيعية أكثر.

استخدام الزجاج والمرايا

ويضيف الأستاذ رافيندر: يستخدم بحثنا رسومات توفر وهماً لصورة افتراضية ثلاثية الأبعاد. إنه تباين حديث لتقنية الوهم التي تعود إلى القرن التاسع عشر والمعروفة باسم Pepper's Ghost (يتمتع شبح بيبر بتأثير خاص فهو يعرض الأشباح على خشبة المسرح من خلال الضوء والانعكاس.. فيستخدم هذا التأثير البسيط لوحاً زجاجياً بزاوية تخلق الوهم لصورة تشبه الأشباح داخل المشهد، مستغلة الخصائص البصرية للزجاج كعاكس ومرسل للضوء)، والتي أثارت إعجاب رواد المسرح الفيكتوري بالرؤى الخارقة للطبيعة على خشبة المسرح.

يتيح الضغط على الزر للمستخدم الشعور بالضغط الذي يشبه اللمس. وتستخدم الأنظمة الزجاج والمرايا لإنشاء صورة ثنائية الأبعاد، تبدو وكأنها تحوم في الفضاء من دون الحاجة إلى أي معدات إضافية. ويتم إنشاء ردود الفعل اللمسية لدينا من خلال الهواء.

المرايا التي يتكون منها نظامنا مرتبة بشكل هرمي مع جانب واحد مفتوح. يضع المستخدمون أيديهم من خلال الجانب المفتوح، ويتفاعلون مع الكائنات التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر، والتي تبدو وكأنها تطفو في مساحة خالية داخل الهرم. الكائنات عبارة عن رسومات تم إنشاؤها والتحكم بها بواسطة برنامج يسمى Unity Game Engine والذي يستخدم غالباً لإنشاء كائنات وعوالم ثلاثية الأبعاد في ألعاب الفيديو.

يوجد أسفل الهرم مباشرة جهاز استشعار يتتبع حركات أيدي المستخدمين وأصابعهم، وفوهة هواء واحدة توجه دفقات الهواء نحوهم لخلق أحاسيس ملامسة معقدة. ويتم توجيه النظام العام بواسطة أجهزة إلكترونية مبرمجة للتحكم بحركات الفوهة. وقد طورنا خوارزمية تسمح لفوهة الهواء بالاستجابة لحركات أيدي المستخدمين من خلال التوليفات المناسبة من الاتجاه والقوة.

إحدى الطرق التي أظهرنا بها قدرات النظام "الهوائي" هي الإسقاط التفاعلي لكرة السلة، والتي يمكن لمسها ودحرجتها وارتدادها بشكل مقنع. يتم أيضاً تعديل ردود الفعل اللمسية من الدفقات الهوائية من النظام، بناء على السطح الافتراضي لكرة السلة، مما يتيح للمستخدمين الشعور بالشكل المستدير للكرة وهي تتدحرج من أطراف أصابعهم عند ارتدادها وضربها براحة يدهم عند عودتها.

يمكن للمستخدمين دفع الكرة الافتراضية بقوة متفاوتة والشعور بالفرق الناتج في كيفية شعور الارتداد القوي أو الارتداد الخفيف في راحة يدهم. قد يبدو هذا شيئاً بسيطاً، فارتداد كرة السلة مثلاً يتطلب منا العمل بجد لنمذجة فيزياء الحركة، وكيف يمكننا تكرار هذا الإحساس المألوف بنفثات الهواء.

روائح المستقبل

وعن إضافة إمكانية الشم، يقول: على الرغم من أننا لا نتوقع تقديم تجربة كاملة لبرنامج Star Trek holodeck في المستقبل القريب، فإننا نتجه بجرأة بالفعل في اتجاهات جديدة لإدراج وظائف إضافية إلى النظام. وقريباً، نتوقع أن نتمكن من تعديل درجة حرارة تدفق الهواء للسماح للمستخدمين بالشعور بالسخونة أو البرودة في الأسطح. نحن نستكشف أيضاً إمكانية إضافة الروائح إلى تدفق الهواء، وتعميق الوهم بالأشياء الافتراضية، من خلال السماح للمستخدمين بشمها ولمسها.

ومع توسع النظام وتطوره، نتوقع أنه قد يجد استخدامات في مجموعة واسعة من القطاعات. وفي تجربة واضحة لذلك، سيتم تقديم المزيد من تجارب ألعاب الفيديو الممتعة من دون الحاجة إلى ارتداء معدات مرهقة، وقد تتيح أيضاً عقد مؤتمرات عن بُعد أكثر إقناعاً. ويمكن أيضاً التناوب على إضافة مكونات إلى لوحة دوائر افتراضية أثناء التعاون في مشروع ما.

كما يمكن أن يساعد الأطباء في التعاون لتقديم علاجات للمرضى، وجعل المرضى يشعرون بمزيد من المشاركة والإطلاع في هذه العملية. ويمكن للأطباء عرض الخلايا السرطانية ومناقشتها، وعرض خطط إجراءات طبية للمرض.