تنتج مخابر الكلية التي يصل عددها إلى 100 مخبر من أبحاث على مستوى عال جداً، يقوم بها أعضاء الهيئة التدريسية والباحثون في الكلية الذين حصلوا على براءة اختراع في مجالات متعددة.
هناك أشكال عديدة للأبحاث، منها البحوث العلمية والبحوث الإنسانية والبحوث الفنية وبحوث الأعمال الطبية والبيئية، وهناك البحوث التي تُطبخ في مخابر كليات العلوم من بحوث رياضية و فيزيائية وكيميائية، وهي بحوث تُعطي للبحث العلمي الشكل التجريبي والتنموي بأسلوب منظم، تمكنه من الوصول إلى قوانين وحقائق، تترك أثراً كبيراً في حلّ المشكلات القائمة أو الجديدة في مجالات مختلفة.
ركيزة بحثية
الدكتور عبد اللطيف هنانو عميد كلية العلوم بجامعة دمشق، بيّن أهمية الجانب البحثي في الكلية في مجال الكيمياء والبيولوجيا وعلم النبات والحيوان والفيزياء، وما تنتجه مخابر الكلية التي يصل عددها إلى 100 مخبر من أبحاث على مستوى عال جداً، يقوم بها أعضاء الهيئة التدريسية والباحثون في الكلية الذين حصلوا على براءة اختراع في مجالات متعددة. ويشير هنانو إلى أن العمل في هذه المخابر مستمر وإن كان لا يظهر كثيراً للإعلام، فالنظرة البعيدة للبحث العلمي هي: كيف يمكن استثمار هذه الأبحاث في وزارة الصناعة والصحة وإعادة الإعمار. وخاصة أن هناك الكثير منها يلامس الجوانب الصحية ويعالج بعض الأمراض من خلال برمجية معينة، وهناك أبحاث بالرياضيات تفيد وزارة الاتصالات، وأخرى تفيد في علاجات أمراض السرطان.
وأكد هنانو في حديثه إلى "البوابة المعرفية" على وجود حلقة غير مكتملة لربط البحث العلمي الجامعي مع المؤسسات الأخرى، والتي تشكل طموحاً كبيراً للتعامل مع القطاعات التي لديها مشكلات، فهناك أبحاث كيميائية تتعلق بالصناعات الغذائية والمنظفات وإنتاج مواد أولية لصناعات مختلفة، وهي أبحاث تشكل رصيداً لجامعة دمشق، إلا أنها لم تأخذ طريقها إلى الجانب التطبيقي. وهذا التوجه يعتبر جزءاً من سياسة كلية العلوم، التي تسعى إلى وضع آليات يمكن من خلالها استثمار الجهود المبذولة من قبل طلاب السنة الرابعة ومشاريع التخرج وطلاب الدراسات العليا والدكتوراه، إضافة إلى الأبحاث التي يقوم بها الكادر العلمي والأكاديمي باجتهاد شخصي.
تطبيق خجول
وأشار عميد الكلية إلى وجود تشبيك بحثي مع بعض الكليات، وبخاصة كلية الطب البشري من خلال قسم علم الحياة الحيوانية الذي له ارتباط وثيق مع كلية الطب وكلية الصيدلة، وتعاون قوي بين طلاب الكلية وهيئة الطاقة الذرية، ولكن هذا المنتج الذي يخرج من هذه الدراسات، لا يصل إلى حيز التطبيق، والاستفادة منه حتى الآن خجولة جداً، على الرغم من جودتها وكفاءتها العلمية. إن طموح كلية العلوم أن يكون هناك تشبيك عن طريق وزارة التعليم العالي مع المؤسسات المعنية لطرح هذه الأبحاث إلى السوق، وبالعكس أن يكون هناك مبادرات من قبل الجهات العامة والخاصة لطلب بحوث معينة، قادرة على حل مشكلة علمية موجودة لديهم.
وحول عدد المشاريع في الكلية أكد الدكتور هنانو بأن ذلك مرتبط بعدد طلاب الدراسات العليا، إضافة إلى وجود مشاريع كثيرة لباحثين في الكلية يعملون بدافع ذاتي ويسجلون على بحث علمي بشكل مباشر. إلا أن ذلك لا يتم وضعه ضمن إحصائية دقيقة. وهناك باحثون حصلوا على براءة اختراع، وهناك أبحاث ذات سوية عالية، لكن لا يوجد آليات للمشاركة في الحصول على جوائز لهذه الجهود. وبالتالي هناك الكثير من الأبحاث التي لم تأخذ حقها، لا من حيث التكريم، ولا من حيث التنفيذ.
وأشار هنانو إلى ضرورة وجود آليات دقيقة لمكافأة الباحثين والتركيز على التقدير المادي إلى جانب التقدير المعنوي، والذي يعتبر موجوداً بشكل كبير في جامعة دمشق، ووضع آليات إحصائية مؤتمتة لجمع الأبحاث المنشورة داخلياً وخارجياً وتفنيدها بكل أنواعها.
التجهيزات المخبرية
لا يوجد أي نقص في التجهيزات الخاصة بالمخابر ولا في المواد والمستلزمات التي يحتاجها الباحثون، على الرغم من الحصار الاقتصادي، وبحسب ما أكده عميد كلية العلوم، فإن وزارة التعليم العالي ورئاسة الجامعة أعطيا أولوية لتأمين المواد البحثية، سواء كانت للطلاب في السنوات الأخيرة، أو لطلاب المشاريع أو الدراسات العليا، ولا يوجد بحث توقف بسبب أن هناك مادة غير متوفرة. ورغم ارتفاع أسعار المواد المتكرر، فقد عملت الجامعة على تأمينها بشكل مريح لكافة المخابر والاختصاصات الموجودة فيها، وبالتالي فإن البحث العلمي لم يتوقف إطلاقاً. كما أن التسجيل في الدراسات العليا مفتوح لكل من تتوفر فيه الشروط ولديه رغبة بذلك.
ولفت الدكتور هنانو إلى وجود رغبة كبيرة لدى طلاب الكلية بالتسجيل في الماجستيرات والدكتوراه، وطبعاً ذلك لا يعني أن كل باحث انتهى من الماجستير سوف يسجل دكتوراه ، فالبحث المميز والمطلوب لسوق العمل هو الذي يفرض نفسه، ومن كانت لديه فكرة بحث واضحة ومسألة بحثه مميزة ذات مسارات وتوصيف واضح، فإن ذلك مكسب للكلية والجامعة.
دراسات عليا
تحدثت الآنسة لارد هدبة، رئيسة قسم الدراسات العليا في كلية العلوم، عن أن عدد طلاب الدراسات العليا في كلية العلوم بجامعة دمشق حتى هذا التاريخ، يصل إلى حوالي 700 طالب وطالبة دراسات عليا في كافة الاختصاصات ما عدا الدبلوم والفيزياء الطبية، فهناك حوالي 25 طالب دراسات عليا في قسم الرياضيات باختصاصاته الثلاثة في السنة الثانية، بينما وبشكل تقريبي فإن عدد طلاب الدراسات في السنة الأولى والتي تعتبر سنة مقررات عادة، حوالي 11 طالباً من كل اختصاص، ويكون العدد مرتفعاً في سنوات البحث؛ بحيث يصل إلى 30 طالباً بين قديم ومستجد. وجميع الأبحاث التي تنتجها مخابر الكلية في أقسامها الثمانية، توضع لدى رئيس القسم.
وبينت الآنسة هدبة أن قسم الكيمياء هو أكبر من باقي الأقسام وأعداده تصل إلى 40 طالباً في السنة الثانية للدراسات العليا، وهناك أعداد كبيرة من الطلاب في قسم الفيزياء الذي له تفرعات كثيرة ومنها قسم دبلوم وقاية شعاعية، حيث يصل عدد طلابه إلى 50 طالباً بين قديم وجديد، وهناك قسم الإحصاء الرياضي، وقسم الجيولوجيا الذي له أهميته من الناحية التطبيقية والفيزيائية، إضافة إلى الأهمية الكبيرة لقسم علم أحياء الحيواني والنباتي وخاصة في إنتاج أبحاث تطويرية طبية وبيئية. وعليه فهي ترى ضرورة أن نطرح تساؤلات حول الفائدة التي تقدمها هذه الأعداد الكبيرة من الأبحاث وبخاصة تلك التي يعتمد أصحابها على تكرار عناصر بحثية محفوظة في الأرشفة أو عناصر بحثية مأخوذة من الأصدقاء، في محاولة للتنويه إلى موضوع الإبداع لدى الطلاب الجدد الذين يبحثون تطوير عملهم البحثي، حتى لو كان يعتمد على أبحاث سابقة، بحيث يكون عملهم تكميلياً وليس مجرد تكرار.