يرى رجل الأعمال والمستثمر، جيم ميلون، أنه بالإمكان إطالة عمر الإنسان بفضل التقدم المفاجئ في الذكاء الاصطناعي. وهو الآن يركز على الاستثماء في مكافحة الشيخوخة. لا يمكن أن تحدث هذه التطورات دون المشاركة النشطة لصناعة الأدوية الأوسع نطاقاً، وقبول صانعي السياسات والمشرعين بأن الشيخوخة مرض، وليست مجرد مكون مؤسف وحتمي للحالة البشرية.

جيم ميلون مستثمر متفائل، وهو أحد الأشخاص الذين يحاولون هندسة تحول كامل في المواقف تجاه الشيخوخة سواء داخل مهنة الطب أو بين عامة الناس، وبشكل حاسم، في عالم الاستثمار.

وكمثال على تفاؤله، يقول ميلون إنه بفضل التقدم المفاجئ في الذكاء الاصطناعي: "إذا كان بإمكانك البقاء على قيد الحياة لعشر أو عشرين عاماً أخرى، وإذا لم يتجاوز عمرك 75 عاماً، وإذا بقيت في حالة صحية معقولة بالنسبة إلى عمرك، ستحظى بفرصة ممتازة للبقاء حياً حتى يتجاوز عمرك الـ 110 سنوات". وهو يؤكد بأن "إضافة الـ 30 عاماً أو نحو ذلك إلى متوسط العمر على مدى العقدين أو الثلاثة عقود القادمة، ستمثل أعظم فرصة استثمارية في التاريخ المكتوب".

النجاحات السابقة

إنها طموحات كبيرة، لكن ميلون لديه بالفعل بعض الإنجازات الرائعة باسمه. لقد خدمه تفاؤله في حياته المهنية كمستثمر قبل أن يصبح مهتماً بإطالة العمر. كما انخرط أيضاً في السياسة لكونه الشخص الذي عرّف نايجل فاراغ على رجل الأعمال البريطاني آرون بانكس. وتفاؤل ميلون كبير بما يكفي للسماح له بالاعتقاد بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يكون للأفضل.

الانفجار الكبير

لكنه تخلى عن السياسة منذ بضع سنوات، وهو يركز الآن على الاستثمار، وعلى وجه الخصوص، الاستثمار في تكنولوجيا مكافحة الشيخوخة. لقد كان مستثمراً رائداً في مجال التكنولوجيا الحيوية لمدة عقدين من الزمن، ومنذ الانفجار الكبير في الذكاء الاصطناعي في عام 2012، عندما حصل جيف هينتون أخيراً على خوارزمية "الانتشار العكسي" للعمل بشكل صحيح، وبالتالي قاد للتعلم العميق، رأى ميلون الإمكانات الهائلة لتطبيق الحديث عن الذكاء الاصطناعي في إطالة العمر.

في عام 2016، شارك في تأسيس شركة Juvenescence، وهي شركة تنمية ورأسمال مغامر ركزت على تعديل التقدم بالعمر وتعزيز صحة الإنسان. جمعتJuvenescence 50 مليون دولار في عام 2018 و 100 مليون دولار أخرى في عام 2019.

في نيسان من العام 2020، أطلقت أول منتج استهلاكي لها، حبوب تعمل على رفع مستوى الكيتونات في الدم. والكيتونات عبارة عن جزيئات ينتجها الجسم عندما يستخدم الدهون كوقود بدلاً من السكر – وهو أمر جيد. الطريقة المعتادة لتحقيق ذلك هي اتباع نظام غذائي مقيد للسعرات الحرارية، والذي يكافح معظمنا للحفاظ عليه.

هذه الحبوب متوفرة فقط في الولايات المتحدة حالياً، يقول ميلون: نحن البشر مختلفون، وما يصلح لشخص يمكن أن يكون ضاراً للآخر، لذا فإن التوصيات محفوفة بالمخاطر. لكنه يعلق أن كل شخص التقى به في مجال طول العمر يأخذ الميتفورمين، وهو علاج لمرض السكري يخضع حالياً للتجارب السريرية لاستخدامه كعقار مضاد للشيخوخة.

كانت Juvenescence أيضاً مستثمراً سابقاً في شركة تدعى Insilico، أسسها آليكس زارونوكوف، والتي تعد واحدة من أبرز الداعمين لاستخدام الذكاء الاصطناعي المتطور في أبحاث طول العمر – وبالتحديد التعلم العميق وشبكات الخصومة التوليدية (GANs)، والتي تضم اثنين من أنظمة الذكاء الاصطناعي ضد بعضها البعض في منافسة لإنتاج حل أفضل لمشكلة ما. تعمل Insilico مع شركات الأدوية الرئيسية، وتمتد Insilico إلى شركة تابعة لها، تسمىDeep Longevity، والتي تركز بشكل خاص على أبحاث إطالة العمر، تمتلكها شركة ميلون الاستثمارية الأخرى، Regent Pacific ومقرها هونغ كونغ.

التقدم بالعمر

يشرح كتاب ميلون لعام 2017 عن "التعمير" أن البشر عندما يتقدمون في العمر يصبحون "سيئي المزاج" عموماً، لأن دورنا في الحياة هو "التعلم، ثم الكسب، ثم التقاعد وانتهاء الصلاحية". الآن، نقلاً عن عالمة الأنثروبولوجيا آشلي مونتاغو، "الفكرة هي أن تموت شاباً–بعد مضي وقت طويل قدر الإمكان".

لا يوجد شيء حتمي حول الشيخوخة، أو حول معدلها. تعيش أشجار الصنوبر في كاليفورنيا لمدة 5000 عام، وهناك أيضاً كائنات حية طويلة العمر من الثدييات. وبعض الكائنات البحرية لا تظهر عليها أي علامات شيخوخة على الإطلاق، بما في ذلك الهيدرا وقنديل البحر والديدان المستوية والشعاب المرجانية. بعض الخلايا البشرية لها خصائص خالدة أيضاً.

تجتمع هذه الاعتبارات والعديد من الاعتبارات الأخرى مع الفعالية غير المعقولة للذكاء الاصطناعي الحديث لجعل بعض الناس يعتقدون بأن تطورات مهمة في أبحاث إطالة العمر أمر وشيك الحدوث. ربما لا يمكن أن تحدث هذه التطورات دون المشاركة النشطة لصناعة الأدوية الأوسع نطاقاً، وقبول صانعي السياسات والمشرعين بأن الشيخوخة مرض، وليست مجرد مكون مؤسف وحتمي للحالة البشرية. ولا يزال هناك إحجام كبير بين شركات الأدوية الكبرى عن التفكير في إنجازات علاجية محددة لمكافحة الشيخوخة. ولكن هناك علامات مشجعة على مواجهة هذا التردد، خاصة في شركتي نوفارتيس وأسترازينيكا Novartis وAstraZeneca.

الإنترنت الهاتفي

إلى جانب شركات الأدوية العملاقة، يعتقد ميلون أن هناك 255 شركة تدعي أنها تستهدف الشيخوخة على وجه التحديد، منها 35 شركة مدرجة في أسواق الأسهم. لكنه يعتقد أن أقلية منهم فقط تعمل بصدق لمعالجة القضية، على عكس أحد الأمراض التي تسببها، مثل السرطان أو الخرف أو أمراض القلب. تشبه حالة صناعة طول العمر اليوم بصناعة الإنترنت قبل 20 عاماً، عندما كانت لا تزال في مرحلة الاتصال الهاتفي، وكان تحميل المعلومات (أو الصور) مثل امتصاص الهلام عبر القش. وعلى الرغم من أن طول العمر سيكون له تأثير هائل علينا جميعاً لدرجة أنك قد تتوقع تسريع التقدم، يشير ميلون إلى أن الإنترنت لم يكن مضطراً إلى المرور بتجارب إدارة الغذاء والدواء (FDA) الطويلة والمكلفة في كل خطوة.

للمساعدة في تسريع الأمور، تمت المشاركة في إطلاق اتحاد صناعي في نهاية هذا العام يتكون من أعضاء مهتمين بهذه الصناعة ومتعاونين بشكل غير عادي ومنفتحين على بعضهم البعض. الفرصة كبيرة، وزيادة حجم الكعكة أهم بكثير من الخلاف على الأسهم فيها.

يمول ميلون أيضاً أبحاث إطالة العمر في جامعته، كلية أوريل في جامعة أكسفورد. حيث تعد الجامعة مركزاً قوياً للعديد من أنواع العلوم، ولكن إطالة العمر ليس علماً بارزاً بينها. ويساعد برنامج ميلون العلمي لإطالة العمر في تمويل أبحاث البروفيسور لينكوكس حول شيخوخة جهاز المناعة البشري.

إن ما يعتقده السيد ميلون المتفائل ممكن حدوثه خلال العقود القليلة القادمة، إذا استمرت البراعم الخضراء في الأوساط الصيدلانية والمالية في النمو؛ حيث من المعتقد أنه بحلول عام 2035 سيكون لدينا بعض الأدوية المتداولة على نطاق واسع بتأثيرات كبيرة ومثبتة لمكافحة الشيخوخة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تبدأ العلاجات الجينية الأولى في إثبات قيمتها وجدواها، على الرغم من أن هذا قد يكون من الصعب بيعه للجمهور الأوسع. وبحلول عام 2050، قد تستمر حياة البعض ليصلوا إلى عمر الـ 150 عاماً.

----

ترجمة عن مجلة Forbes الأمريكية