روائح التنبيه.. إشارات كيميائية متطايرة من النباتات المتضررة تحذر جاراتها من هجمات الحيوانات العاشبة. هذه الروائح الكيميائية المتطايرة تؤدي إلى تعديلات جينية في الجينات الدفاعية للنباتات المجاورة. تؤدي هذه الجينات لاحقاً إلى إطلاق أنظمة دفاع ضد الحيوانات العاشبة.

تستخدم الحيوانات غالباً إشارات محددة للغاية لتحذير قطعانها من الاقتراب من الحيوانات المفترسة. والمثير للدهشة أن السلوكيات المتشابهة تُلاحظ أيضاً بين النباتات. لإلقاء مزيد من الضوء على هذه الظاهرة، اكتشف باحثو جامعة طوكيو للعلوم إحدى هذه الآليات. باستخدام نبتة تاليانا كأنموذج بحثي، أظهر الباحثون أن النباتات المتضررة من الحيوانات العاشبة تطلق "روائح" كيميائية متطايرة تؤدي إلى تعديلات جينية في الجينات الدفاعية للنباتات المجاورة. تؤدي هذه الجينات لاحقاً إلى إطلاق أنظمة دفاع ضد الحيوانات العاشبة.

في الحياة البرية، تطلق العديد من الحيوانات باختلاف أنواعها، وخاصة التي تتعرض للافتراس، إشارات إلى بعضها البعض عن الأخطار الوشيكة باستخدام مجموعة متنوعة من التنبيهات تتراوح بين الرائحة والصوت. والآن وبفضل العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، توفر لدينا سبب للاعتقاد بأن النباتات أيضاً يمكن أن تدق ناقوس الخطر بحال وجود تهديد بالتعرض لهجوم.

أظهرت الدراسات السابقة أنه عند نمو نباتات بالقرب من نباتات النعناع، فإن نباتات فول الصويا والخردل (براسيكا رابا) تظهر خصائص دفاعية عالية ضد الآفات العاشبة من خلال تنشيط جينات الدفاع في أوراقها، نتيجة "ترقب" مواد النعناع المتطايرة. ببساطة، إذا تعرضت أوراق النعناع للتلف بعد هجوم من الحيوانات العاشبة، فإن النباتات الموجودة في جوارها المباشر، تنشط أنظمة الدفاع المضادة للحيوانات العاشبة استجابة للإشارات الكيميائية الصادرة عن نبات النعناع التالف. لفهم هذه الآلية بشكل أفضل، قام فريق من الباحثين من عدة معاهد بحثية يابانية، بما في ذلك جامعة طوكيو للعلوم، بدراسة هذه الاستجابات في نباتات تاليانا، وهو نبات أنموذجي يستخدم في الدراسات البيولوجية.

"إن إحاطة النباتات غير التالفة المعرضة للروائح المنبعثة من النباتات التي تأكلها الآفات، يمكن أن تطور مقاومة للآفات. وعلى الرغم من أن تحريض جينات الدفاع في النباتات المستجيبة للرائحة هو مفتاح هذه المقاومة، فإن الآليات الجزيئية الدقيقة لتشغيل هذه الحالة لم يتم فهمها أو إيقافها. في هذه الدراسة، افترضنا أن أستلة الهيستون، أو ما يسمى بالتنظيم اللاجيني، منخرط في ظاهرة تطور المقاومة"، كما يوضح الدكتور جين إيشيرو أريمورا، الأستاذ في جامعة طوكيو للعلوم وأحد المشرفين على الدراسة.

قام الباحثون أولاً بتعريض النباتات لـ B-ocimene، وهو مركب عضوي متطاير غالباً ما تطلقه النباتات استجابةً لهجمات العواشب. بعد ذلك، حاول الباحثون تحديد الآلية الدقيقة لعمل دفاع النبات المتطاير المنشط كيميائياً.

كانت النتائج مثيرة للاهتمام – فقد تم استحداث سمات دفاعية في أوراق نبات تاليانا، من خلال آليات "الوراثة اللاجينية" التي تشير إلى التنظيم الجيني الذي يحدث بسبب التأثيرات البيئية الخارجية. في هذه الحالة، عززت المواد الكيميائية المتطايرة المنبعثة من النباتات التالفة أستلة الهيستون والتعبير عن منظمات الجينات الدفاعية، بما في ذلك جينات عامل استجابة الإيثيلين "ERF8" و "ERF104". وجد الفريق أن مجموعة محددة من أنزيمات هيستون أسيتيل ترانسفيراز (HAC1 و HAC5 و HAM1) كانت مسؤولة عن تحريض وصيانة الخصائص المضادة للحيوانات العاشبة.

تفاءل الباحثون لاكتشافهم للدور الذي يجب أن يلعبه علم الوراثة اللاجينية في الدفاع عن النبات. ووفقاً لهم، يمكن تطبيق الاتصال بين النباتات عبر المركبات المتطايرة (المعروفة باسم ظاهرة "النباتات الناطقة") على أنظمة الزراعة العضوية. وقد يزيد هذا من مقاومة النباتات للآفات ويخفض بشكل كبير من الاعتماد الهائل على المبيدات.

ويخلص الدكتور أريمورا إلى أن "الاستخدام الفعال لاستراتيجيات البقاء الطبيعي في أنظمة الإنتاج في النباتات، سيقربنا من تحقيق مجتمع مستدام يحل المشكلات البيئية والغذائية في آن واحد".

----

ترجمة عن موقع: ScienceDaily