يستخدم الإعلان في نظام السوق الحرة بهدف إعلاء مجموعة من العلامات التجارية على غيرها، ومعظم العلامات التجارية متساوية الجودة، لكن الإعلان الناجح يُقنعك بأن علامةً تجارية معينة أفضل وأكثر جاذبية من العلامات المنافسة.

يقدم كتاب "الإعلانات والتصميم: ابتكار الأفكار الإبداعية في وسائل الإعلام" دليلاً شاملاً لتكوين أفكار إبداعية في تصميم إعلانات لمختلف العلامات التجارية والحملات الإعلانية لتحقق الهدف والغاية المرجوة. وقد أصبح الإعلان في الغرب وفي العالم على نحو متزايد جزءاً من الحياة اليومية لا يمكن فصله عن الثقافة العامة، وهو أحد وسائل الإعلام الجماهيرية، ووسيلة للثقافة الشعبية.

أما الحملة الإعلانية فهي سلسلة من الإعلانات المنسقة القائمة على استراتيجية جامعة، يربط بينها الشكل والإحساس وطريقة التعبير والنبرة والأسلوب والصور والشعار، كما يمكن لكل إعلان في الحملة أن يقف مستقلاً بذاته. أما الحملة الإعلانية المتكاملة فتتضمن وسائل إعلام متعددة، وقد تحتوي على إعلانات مبثوثة ومطبوعة وتفاعلية وغيرها. ومن أنواع الإعلان: إعلان الخدمة، وإعلان دعم القضايا، والإعلان التجاري.

منذ بدايات الإذاعة والتلفزيون، كانت البرامج تُبث بتمويل من راعٍ تجاري يساهم في تمويل البرنامج، ومن ناحية أخرى، يكسب الراعي منفذاً لبث إعلاناته، وقد كونت هذه الرعاية ارتباطاً إيجابياً بين العلامة التجارية والبرامج ذات الشعبية، كذلك تُعد المسلسلات الاجتماعية مثالاً على البرامج المقدمة برعاية العلامة التجارية. ومن خلال ارتباط العلامة التجارية بالبرامج التلفزيونية الترفيهية الجيدة، اكتسبت العلامات التجارية سمعة البرامج الطيبة. وتنطوي البرامج الترفيهية المقدمة برعاية العلامة التجارية على تسويق المحتوى، ويتضمن وسائل ترويجية للعلامات التجارية مقدمة لصالح التلفزيون الرقمي وتلفزيون الويب والألعاب وتطبيقات الهاتف المحمول والشبكات الاجتماعية والأفلام وغيرها.

إن بعض الأنماط مثل الرعاية وخدمات العلامات التجارية والفعاليات ومواقع الويب المصغر وإعلانات التلفزيون، تُعد وسائل عملية للرسائل الإعلانية، وسواء أبقيت هذه الأنماط الإعلانية أم تغيرت أم فنيت، سيظل شيء واحد ثابتاً، وهو حاجة مصممي الإعلانات والمخرجين الفنيين إلى التمتع بملكات التفكير الإبداعي التي ستمكنهم من تصميم الإعلان.

والتفكير الإبداعي يعني القدرة على تجاوز العادي والتحلي بالأصالة والابتكار والمرونة. والأشخاص الذين يفكرون بإبداع، يدركون الأمور المشتركة، ويتخيلون على نحو مجازي، ويعدلون ويضيفون على نحو خيالي، ويتصورون غير المحتمل. وتوجد سلوكيات معينة تُعزز التفكير الإبداعي، كالنظر إلى الارتباطات، والمراقبة الدقيقة، وطرح الأسئلة وإدراك المشكلات، والانفتاح على الأفكار والمنهجيات الجديدة. كذلك للتفكير الإبداعي أدوات تحفزه منها: العصف الذهني، والطريقة التشكيلية التي تعتمد على التحليل والتركيب والتأطير وإعداد الخرائط الذهنية والبصرية، والمنظم البياني (وهو مخطط هيكلي مقسم ومزود بمناطق خالية تملأ بأفكار ومعلومات ذات صلة، يمكن كتابتها ككلمات أو رسمها كصور)، أيضاً من أدوات التفكير الإبداعي سرد الصفات (طريقة لتحليل وفصل البيانات من خلال مراقبة وتحديد الصفات المختلفة)، والبحث عن المشكلات، وإعداد لوحة القصة.

العلامة التجارية

لا يقتصر دور عملية صنع العلامة التجارية على التحديد والتمييز، بل إنها تبني قيمة العلامة التجارية أو مجموعة العلامات، وتقوم فكرة صنع العلامة التجارية على عدة عوامل: طبيعة العلامة التجارية أو المجموعة، وأهداف الاختلاف والتمييز، وشخصية العلامة الاستراتيجية، والجمهور المستهدف وما يهمه، والمكانة الذهنية.

ويتمثل صنع العلامة التجارية في خلق برنامج استراتيجي فريد وشامل للعلامة التجارية أو للمجموعة بهدف بناء علاقة مع الناس قائمة على طبيعة تجربتهم وتفاعلهم واستخدامهم للعلامة التجارية. وبدلاً من التعامل مع التسويق للأفراد وتطبيقات الدعاية على أنها حلول تصميم منفردة، فإن صنع العلامة التجارية يتضمن قاعدة استراتيجية تتمثل بضرورة إسهام كل تطبيق في الجهد ككل، ومن ثم ضرورة المساهمة في تجربة الشخص مع العلامة التجارية. وسواء كانت استراتيجية العلامة التجارية محددة قبل تولي وكالة الإعلان للعمل، أو مطورة بالتعاون مع وكالة الإعلان، فإنه لا بدّ من تحديد عدة أمور خاصة بالعلامة أو المجموعة بالعلامة أو المجموعة أو الفرد منها: الصفة والفائدة الوظيفية والفائدة العاطفية والقيمة.

إن ما يجعل العلامة التجارية مختلفة هو صفاتها وهويتها البصرية واللفظية، وهذا الاختلاف هو الذي يجعل العلامة التجارية مميزة عن بقية العلامات، أيضاً امتلاكها لميزة بيع أو فائدة أو توجه أو أي خاصية تسهم في تصور مميز. كما أن فكرة العلامة التجارية تقوم على فهم عميق للجمهور، يساهم في جعلها وثيقة الصلة بهم.

ويقوم الإعلان الناجح على المفهوم الكامن (فكرة الإعلان)، والفكرة قد تكون عامة إلا أنها أساسية، وهي التي تقود قرارات التصميم المتمثلة في طريقة التكوين وسبب اختيار الصور أو أنواع الخطوط أو الحروف المطبوعة وسبب اختيار الألوان، ويُعبر عن فكرة الإعلان بصرياً أو لفظياً. والفكرة الكبيرة للإعلان هي فكرة مبدعة يُعتمد عليها وتُعبر عن العلامة التجارية، وتتسم بأنها كبيرة ومرنة على نحو يكفي لاستخدامها بنجاح في جميع وسائل الإعلام لفترة من الوقت، وهذه الفكرة تبدأ بالأسئلة الستة الأساسية (من – ماذا – أين – متى – لماذا – كيف)، وهذه الأسئلة يمكن أن تساعد في حل المشكلات وتوليد الأفكار، ثم يبدأ البحث عن رؤى مستبصرة (وهذا يُطلق على التوصل إلى فهم مناسب لطريقة تفكير الناس وما يحتاجون إليه ويرغبون به وكيف يتصرفون) واستبصار العملاء مهم للغاية في عملية توليد الأفكار، كما أن الدوافع التي تقود الناس تلعب دوراً محورياً في الوصول إلى الرؤية المستبصرة.

الصورة والكلمة

يتفق محترفو الإبداع على أنه عندما تكون العبارة أو الصورة هي النجمة في الإعلان، فينبغي أن تلعب الأخرى دوراً مساعداً. والإعلانات القائمة على الصورة هي التي تنقل فيها الصور ثقل الرسالة الإعلانية، فالصورة تأسر انتباه المشاهد أولاً، أما تلك القائمة على الكتابة قد لا تحتوي على أي صور باستثناء تصميم الخطوط والشعار أو المنتج المصور في الخاتمة.

ولتحديد النهج الإبداعي على أفضل وجه، يمكن طرح عدة أسئلة: هل الجمهور يفضل القراءة أم النظر إلى الصورة؟ وهل الكلمات تثير الانتباه بما يكفي لجعل الناس يقبلون على قراءتها؟ هل الصورة جذابة لدرجة تجعل الناس يتوقفون ويبدون اهتماماً؟ أما إذا كان الإعلان سيستخدم على النطاق الدولي، فمن الممكن أن يكون الاعتماد على الصور أكبر من الاعتماد على الكلمات. وهنا لا بدّ أن يعتمد الإعلان على الإيجاز، وأن يكون طول العنوان فيه مناسباً للنسق.

ويجب أن تكون الكتابة الإعلانية جديدة وغير متوقعة، وتبدو كما لو كانت في حوار طبيعي مع القارئ. وبما أن معظم القراء لا يهتمون بمحتوى الإعلان، فمن الحكمة عدم الاعتماد على المحتوى الإعلاني في نقل الرسالة الرئيسية بل تضمينها في العنوان.

توصيل الرسالة الإعلانية

في عام 1986 قدم "ويليام دي ويلس" نائب الرئيس التنفيذي السابق في وكالة "دي دي سي نيدهام شيكاغو" بحثاً يناقش فئتين واسعتين من فئات توصيل الرسالة الإعلانية وهما المحاضرات (تقوم على تقديم المعلومات إلى المشاهدين مباشرة، وهنا يتسم عرض البيع الترويجي بالصراحة)، والتمثيليات (تقوم على العرض، وهي إعلانات غير مباشرة تقدم بصورة قصص أو مسرحيات تغوي الجمهور بالمشاهدة). ويرى البعض أن الجمهور يكون أكثر تشكيكاً في المزاعم المقدمة في المحاضرات، في حين تجردهم التمثيليات من دفاعاتهم وتخفض مستوى التشكيك. في المقابل يرى آخرون أنه يمكن دمج المحاضرات والتمثيليات في نسق واحد، بحيث يتخلل التمثيلية محاضرة صغيرة أو العكس.

ونظراً لأن وسائل الإعلام التفاعلية غيرت المشهد، فهنا يمكن أن نضيف لوسائل توصيل الرسالة عنصر "المشاركة"، بحيث يلعب المشاهد دوراً فعالاً في الرسالة التسويقية، وهكذا يتم الانتقال من مرحلة تقديم الحوارات الفردية الشبيهة بالمحاضرات المفروضة على الناس إلى مرحلة إقامة الحوارات معهم.

الحملات الإعلانية

تقوم الحملات الإعلانية على مجموعة إعلانات منسقة قائمة على استراتيجية شاملة وأفكار شديدة الارتباط يجمع بينها المظهر والإحساس والصوت والجو والأسلوب والصور والشعار، كما يمكن لكل إعلان في الحملة أن يكون مستقلاً بذاته. أما الحملة الإعلانية متكاملة الوسائط، فهي حملة تعمل عبر قنوات مختلفة من الوسائل المعتمدة على الشاشات ووسائل الإعلام خارج المنزل والوسائل غير التقليدية، وكان "والتر جروبيوس" قد وضع لها شعار "الفن والتكنولوجيا.. وحدة جديدة"، وهي فكرة مناسبة للوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى كمحفز لحملة إعلانية، إذ لا بدّ أن تكون كل فكرة في الحملة مشكّلة استراتيجياً كي تناسب كل وسيلة.

وقد تتضمن الحملة الإعلانية تصميم هوية العلامة التجارة من خلال تطبيقات لوسائل مختلفة مثل الطباعة وموقع إنترنت أساسي ووسائل تواصل الشركة. وهناك حملات يكون منهجها أكثر اعتماداً على الموضوع، ولا بدّ أن يحظى فيها مظهر وإحساس التصميم الرسومي بالأهمية القصوى.

تصميم الإعلان

في الإعلانات المطبوعة لا بدّ من التضافر بين المكونات البصرية اللفظية، فالرسالة اللفظية "العنوان" والبصرية "الصورة" هما من سينقلان الإعلان ويعبران عنه، لذلك لا بدّ من مراعاة عدة أمور في هذا النوع من الإعلانات أهمها جذب الانتباه والملاءمة والحرص على توافق الفكرة مع الاستراتيجية، وتوليد فكرة لائقة اعتماداً على رؤى مستبصرة عن العلامة والجمهور، وتحقيق التعاون بين الكلمات والصورة.

أما في تصميم إعلانات التلفزيون والإنترنت، فيجب على الإعلان وفي غضون مدة تتراوح بين 15 إلى 30 ثانية تحقيق ما يلي: جذب انتباه المشاهد قبل أن يغير القناة، التحلي بالمظهر الجيد، الترفيه، العمل وفقاً لسياق البرنامج التلفزيوني، أن يجعل المشاهد محباً للعلامة التجارية، وخلق الوعي.

وفي تصميم الإعلانات المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا بدّ أن يكون الإعلان على قدر عالٍ من الكفاءة خاصة عندما يكون وثيق الصلة وحقيقياً وجذاباً وقابلاً للمشاركة.

----

الكتاب: الإعلانات والتصميم، ابتكار الأفكار الإبداعية في وسائل الإعلام

الكاتب: روبن لاندا

ترجمة: صفية مختار

الناشر: مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2019