يدخل التطور الحضاري جميع مناحي الحياة، ولم يعد يقتصر على الأدوات الإلكترونية التي سهلت الحياة على البشر، بل تعدى إلى مجالات أخرى كالتجارة التي أصبحت إلكترونية، والتي وفرت أيضاً على الشاري معاناة التنقل بين المحلات للحصول على ما يريد، وعلى البائع الذي أصبح يسوّق إلكترونياً لبضائعه بأقل التكاليف.

تعرف التجارة الإلكترونية بأنها ممارسة جميع الأنشطة التجارية التقليدية الممكنة عن طريق الشبكات الحاسوبية بتقنياتها المختلفة، وتتضمن عقد الصفقات وعمليات البيع والشراء إضافة للاستيراد والتصدير وغيرها من الأنشطة الأخرى.

وهناك ستة أنواع رئيسية للتجارة الإلكترونية وهي:

رسم بياني لمبيعات التجزئة عبر الانترنيت

1. التجارة الإلكترونية بين الشركات B2B "Business-to-Business"

تشمل جميع المعاملات الإلكترونية للسلع أو الخدمات التي تتم بين الشركات.

2. التجارة الإلكترونية من الشركات إلى المستهلك B2C "Business-to-Consumer"

وهي إقامة علاقات تجارية إلكترونية بين الشركات والمستهلكين النهائيين، وهو ما يشبه قسم البيع بالتجزئة في التجارة التقليدية، وتعتبر المتاجر الإلكترونية والمراكز التجارية الافتراضية على شبكة الإنترنيت خير مثال عليها.

3. التجارة الإلكترونية بين المستهلكين C2C "Consumer-to-Consumer"

وهي المعاملات الإلكترونية للسلع والخدمات بين المستهلكين عن طريق طرف ثالث كمنصة أو نظام إلكتروني يُساعد على إتمام هذه المعاملات.

4. التجارة الإلكترونية من المستهلك إلى الشركات C2B "Consumer-to-Business"

وفيه يقوم الأفراد بعرض خدماتهم ومنتجاتهم للبيع للشركات التي تبحث عن هذه الأنواع من الخدمات والمنتجات، وكمثال عليها مصممو الغرافيك الذين يعرضون خدماتهم لتصميم شعارات للشركات التجارية.

5. التجارة الإلكترونية من الشركات إلى الإدارة B2A "Business-to-Administration"

وهي التعاملات التي تتم بين الشركات المختلفة والمؤسسات الإدارية الحكومية كالخدمات الضريبية أو خدمات الضمان الاجتماعي.

6. التجارة الإلكترونية من المستهلك إلى الإدارة C2A "Consumer-to-Administration"، وهي جميع المعاملات الإلكترونية بين الأفراد والإدارات الحكومية كالتعليم عن بعد، أو حجز المواعيد الطبية.

محطات

مرت التجارة الإلكترونية بعدّة محطات وما زالت في تطور مستمر، ويتحدث الأستاذ الدكتور "باسم غدير" أستاذ في قسم إدارة الأعمال في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين عن هذه المحطات: "منذ ظهور التجارة الإلكترونية وحتى ستينات القرن الماضي، كانت تقتصر على تبادل البيانات الإلكترونية بين الشركات، وكانت في غالبها مرتبطة بعمليات نقل البضائع، لتأتي الموجة الأولى بين عامي 1995- 2003 وكانت مرحلة نمو سريع أطلق عليها وصف الانفجار "Boom" وتبعها انكماش سريع أطلق عليه اسم التراجع "Bust" بين عامي 1997 – 2000 وكان قد أنشئ ما يزيد عن 120 ألف مشروع أعمال مرتبط بالإنترنيت. وتعتبر هذه الموجة ظاهرة أمريكية بصفة رئيسية، لأن أغلب المواقع كانت باللغة الإنكليزية وخاصة المتعلقة بالأمور التجارية".

يتابع الدكتور غدير الحديث: "جاءت الموجة الثانية بين 2004 – 2009 ، فيما كانت الموجة الثالثة منذ عام 2010 وحتى الوقت الحالي، حيث تضافرت مجموعة من العوامل كالكتلة الضخمة من مستخدمي الخليوي والذين يمتلكون هواتف ذكية وحواسيب لوحية في انطلاق الموجة الثالثة وفي تطوير التجارة الإلكترونية".

ويعرض الدكتور غدير جدولاً صادراً عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" بتاريخ 3 آيار 2021 يظهر أن مبيعات التجارة الإلكترونية وصلت إلى 26.7 تريليون دولار بعد جائحة كورونا وهو ما يعادل 30% من الإنتاج المحلي الإجمالي العالمي لنفس العام.

التجارة الإلكترونية والتجارة التقليدية

وبالحديث عن التجارة الإلكترونية والاختلاف بينها وبين التجارة التقليدية، يقول الدكتور باسم غدير: »"ا تلغي التجارة الإلكترونية التجارة التقليدية، لكنها تدعم جزءاً مهماً من اللوجستيات الخاصة بالتجارة التقليدية كنظم الدفع والفوترة والطلبيات وخاصة مع المنتجات السلعية الملموسة، كما أنّ التجارة الإلكترونية تفتح آفاقاً جديدة في التجارة لم تكن معروفة في التجارة التقليدية وخاصة مع المنتجات المعرفية كالبرامج والتطبيقات الحاسوبية".

ويتابع الدكتور باسم الحديث عن أهم الأدوات التي تحتاجها التجارة الإلكترونية: "فيما يتعلق بالأدوات يصعب حصرها، لكن هناك تصنيفات عدة لما يعرف بالأدوات، فإذا كانت الأدوات تشير إلى المنصّات، فهذا يعني وجود مواقع الإنترنت العامة ومواقع المجتمعات الافتراضية وتطبيقات المويايل والأجهزة المحمولة عموماً، ومن جهة أخرى قد تصنف الأدوات على أنها تقنيات البنية التحتية اللازمة وخاصة فيما يتعلق بتقنيات الدفع والربط الشبكي بين أطراف التجارة الإلكترونية، وهناك تصنيف يشير للأدوات المستخدمة في المنصات كأدوات المواقع الإلكترونية ومحركات البحث".

وبالنسبة إلى التسويق الإلكتروني يقول الدكتور باسم: "يحظى التسويق بميزات استثنائية في التجارة الإلكترونية، وخاصة فيما يتعلق بعنصر الترويج، إذ تسمح البيئة الإلكترونية بممارسة أنشطة كثيرة جداً في الترويج كالإعلان والدعاية وتنشيط المبيعات، لكن لا يمكن للتجارة الإلكترونية أن تطغى على التجارة التقليدية، وخاصة مع وجود عامل حاسم فيها "الجغرافيا" مرتبط بالمنتجات السلعية الملموسة التي يمكن أن تسهم نظم التجارة الإلكترونية بتنفيذ كافة الإجراءات المتعلقة بالعرض والطلب والتعاقد، إلاّ أنّ التسليم حتماً سيدخل في نطاق التوزيع المادي عبر شركات النقل بأنواعها المختلفة، إذ إن اللوجستيات التي تبدأ من التعاقد عن بعد والتوقيع الإلكتروني وتدفق العمليات المرافقة لذلك والتي جميعها تتجاوز الجغرافيا، تسهم بشكل فائق في تسريع وجدولة أوامر الطلب والنقل على المستوى العالمي".

وكما كل المجالات هناك قوانين عالمية ضابطة للتجارة الإلكترونية يحدثنا عنها الدكتور باسم: "هناك قوانين عالمية تضبط التجارة الإلكترونية صادرة عن منظمات وهيئات أممية كقانون "اليونسترال" الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية عام 1996 والذي ينظم عمليات التجارة الإلكترونية حول العالم، وتمكين مزاولتها باستخدام وسائل إلكترونية وتيسير عمل تلك الأنشطة التجارية من خلال تزويد المشرعين الوطنيين بمجموعة قواعد مقبولة دولياً تساعد على تذليل العقبات القانونية وتعزيز القدرة على التنبؤ بالتطورات القانونية في مجال التجارة الإلكترونية، إضافة إلى وجود قوانين تخص كل بلد على حدة تنسجم مع القوانين الدولية للتجارة الإلكترونية".

التجارة الإلكترونية تمنح المنظمات عموماً والمنظمات الصغيرة خاصة فرصة ذهبية لم تكن لتحظى بها مع أنماط التجارة التقليدية وخاصة فيما يتعلق بالتسويق، فقد بات من الميسّر لأي مشروع جديد تجاوُز الكثير من تكاليف الترويج العالية بإنشاء صفحة على أحد مواقع التواصل الاجتماعية والتعلم على أدواتها الميسرة لينطلق باتجاه السوق والمستهدفين فيه.