يعتبر الباحث الأكاديمي الدكتور "وليد حديفة" أن خير الإداريين، من اجتمعت فيه سمات القيادة ومهاراتها، وتحلّى بالقيم الأخلاقية النبيلة، ويتوّج ذلك بقدرته على العمل ضمن فريق.

يذكر د. وليد حديفة في كتابه "فريق العمل.. ما بين السمات القيادية والأخلاقية" الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب، أن تعقيد بيئة العمل وتشعباتها الكثيرة في عصرنا الحالي، خلق صعوبات كبيرة أمام المنظمات في اتخاذ قراراتها، وحلّ مشكلاتها بشكل فردي، ما اقتضى التركيز على المشاركة الكاملة في تشخيص المشكلة بالشكل الدقيق، إذ توفر الإدارة عبر فرق العمل، شعوراً أكبر بالقدرة على تحديد الأعمال وتحليلها، واختيار الوسائل المساعدة على النجاح وتحقيق الأهداف، وتعتبر عملية بناء فريق العمل عنصراً مكملاً للإدارة، وذلك لأن الفرق توفر القيادة الضرورية، لتحقيق الأهداف التي تضعها المنظمة، والمحافظة على تلك الأهداف، لذلك يعدّ فريق العمل أنموذجاً متقدماً وفعالاً للمشاركة في اتخاذ القرار، وحل المشكلات وتطوير الأداء.

ويؤكد د. حديفة أنّ العمل كفريق واحد، هو الوسيلة الوحيدة لمضاعفة النتائج الإيجابية، بجهد أقل، لأن أعضاء الفريق يوحّدون جهودهم، ويرصّون صفوفهم، ويوفّقون ما بين كفاءاتهم ومواهبهم ومهاراتهم، ويسيرون في اتجاه واحد، برؤية واضحة المعالم، لتحقيق هدف مشترك، فيتناسى كل واحد منهم "الأنا"، ويتحدثون دوماً باستخدام "نحن"، فالهدف اتفقوا عليه جميعاً، ومعاً وضعوا خطة عملهم، والمسؤولية يحملونها معاً وبالتساوي فيما بينهم. فهل يصلح هذا الأنموذج للتطبيق؟ أم إنه أنموذج غربي، لا يتفق مع الشخصية العربية؟ وهل النجاح فيه يعود لأسباب مؤسساتية تنظيمية، أم أنها مسألة أخلاقية؟

القيم الأخلاقية

يشير حديفة إلى إن الإطار الأخلاقي للعمل يحدده القادة الإداريون في الإدارة العليا، وعليه فإن أخلاقيات القائد تؤثر في التابعين، لأنه سيكون القدوة لمن دونه، فإذا استطاع القائد أن يتحلى بالقيم الأخلاقية، ويعكسها في سلوكه داخل المنظمة، أو خارجها، أثّر ذلك على مرؤوسيه، وأثّر في البيئة المحيطة، والعكس صحيح، فالإخلاص والعدل والمساواة بين التابعين، والصدق والصبر وأداء الواجب، وإتقان العمل، والقدوة الحسنة، والتسامح، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، كلها قيم يستطيع القائد زراعتها في الآخرين، وذلك عبر العمل والسلوك، وليس بالقول وحده، وتبدو أهمية القيم الأخلاقية عندما يجد الشخص نفسه في مواجهة موقف لا تحكمه القوانين والأنظمة والتعليمات، وإنما يتحتم عليه إصدار قراره مستنداً إلى ما يعتقد أنه صحيح، أو اعتماداً على قيمه الأخلاقية.

يضع الباحث روائز للعمل منها القيادة التي عرفها أنها القدرة على تكوين فريق العمل الفعال، المتعاون والمبادر، المطوّر والمبدع، الحامل للقيم الأخلاقية والإنسانية العالية، ويسعى للوصول إلى هدف معين.

أما فريق العمل فهو: "مجموعة من الأفراد مرتبطة بالعمل لتحقيق هدف معين، تتكامل جهودهم وخبراتهم وقيمهم الأخلاقية، ويعملون سوياً بكل حماس ودافعية، ما يجعل مجموع أدائهم المشترك، أكبر من مجموع جهودهم الفردية في سبيل تحقيق النتيجة المنشودة".

المزايا:

يؤكد في دراسته أنه يساعد اعتماد مفهوم فرق العمل على ترسيخ مفاهيم العمل الجماعي، وإدراك عنصر التنظيم كعنصر هام في إنجازه. ومن هذه المزايا:

1ــ خلق بيئة تحفيز عالية، ومناخ مناسب للعمل.

2ــ الإحساس المشترك بالمسؤولية تجاه المنظمة، والمهام المطلوب إنجازها.

3ــ استجابة أسرع للتغيرات الطارئة في بيئة العمل.

4ــ تقليل الاعتماد على الوصف الوظيفي.

5ــ تفويض فعّال للمهام المطلوبة، مع زيادة في مرونة الأداء.

6ــ التزام تام بالعمل المطلوب إنجازه من كل عضو، مع المحافظة على القيم السائدة.

7ــ تحسين مستوى ونوعية القرارات.

8ــ زيادة فاعلية الاتصالات بين الأعضاء.

9ــ تحسين مستوى مهارات الأعضاء.

الأخلاق المهنية

لكل مهنة إنسانية مجموعة من الأخلاقيات والضوابط المجتمعية، تكون على شكل تعليمات، أو أنظمة وقوانين، أو أعراف راسخة متوارثة، وهذه الأخلاقيات ضرورية في المهن كلها، وخاصة التي يتمتع أصحابها بنفوذ وصلاحيات واسعة، ويمارسونها بعيداً عن أية رقابة مباشرة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الأوامر والقرارات والتعليمات، مهما علا شأنها، ومهما حملت في طياتها من تهديد ووعيد، لا يمكن لها أن تدفع بالجماعة لتصبح فريق عمل ناجح، بل إن القيم والمثل النبيلة، والأخلاق العالية، والمحبة السائدة بين الأعضاء هي التي تجعل منهم مزيجاً متجانساً، فاعلاً ومتفاعلاً مع ما يدور حولهم، بكل صدق وشفافية.

----

الكتاب: فريق العمل...ما بين السمات القيادية والأخلاقية

الكاتب: د. وليد حديفة

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2021