النظرية النقدية هي الكتابات التي تحاول فهم الظواهر الأدبية. إنها مفهوم يقترب اقتراباً شديداً من مفهوم نظرية الأدب، حتى إنه يكاد يتطابق معه.

"نظرية النقد" عنوان لسلسلة قام بتحريرها محمد كامل الخطيب، وجمع فيها مقالات ودراسات لمجموعة من النقاد والباحثين العرب، من أمثال أديب إسحق، أحمد أمين، رئيف خوري، أحمد حسن الزيات، أمين الخولي، لويس شيخو، أحمد فارس الشدياق، مصطفى لطفي المنفلوطي، وغيرهم.

يتناول أديب إسحق النثر والسجع، ويعرف النثر قائلاً: "هو الكلام المطلق المرسل عفو القريحة بلا كلفة ولا صنعة إلا ما يكون من وضع الكلام في مواضعه وإيثار ما يألفه السمع والطبع منه، فهو من هذا الوجه مقدم على سائر أنواع الكلام، بل هو الأصل في الإنشاء وما سواه منه فإنه طبيعي أصيل، وما دونه صناعي حادث، والأصل في الطبيعة لا محالة".

ويستشهد إسحق بابن خلدون في تعريف للسجع بأنه الكلام الذي يؤتى به قطعاً ويلتزم في كل كلمتين منه قافية واحدة. والمرسل هو الذي يطلق الكلام فيه إطلاقاً ولا يقطع أجزاء.

يرى أحمد ضيف أن القراءة والفهم والتفسير والحكم، هي أصول النقد، وهي حده أيضاً؛ إذ لا يمكن حد النقد حداً تاماً، لعدم اندماجه في قانون عام، لأنه ليس علماً من العلوم التي لها قواعد خاصة، وإنما هو فن من الفنون التي تضبط بالعلوم وتتقدم بتقدمها، فإنه مبني على قوة الذكاء وسلامة الذوق.

إن النقد الصحيح تحليل فكر شخص آخر غير القارئ نفسه، واندماج الإنسان في فكر غيره ليفهمه بفكره ويدرك عقله بعقله، والذوق تحليل نفس القارئ وفكره لمناسبة ما يقرأ، ورضاه عما يقرأ، وهو في الحقيقة ناشئ من أنه وجد ما يحبه وما يميل إليه.

إن النقد والذوق عند ذوي العقول السليمة، يستمد بعضها من بعض، ويساعد أحدهما الآخر ويعمل كل منهما على حفظ أثره في نفس القارئ، بحيث لا يضل بينهما، ولا يكون خاضعاً خضوعاً تاماً لأحدهما، فيبطل أثر الآخر. فالذوق الصحيح ينضج ويتربى بالنقد، والنقد يتهذب بالذوق، لأنه معين ومساعد على الفهم وتفضيل الشيء على الشيء.

ليس للنقد قواعد ثابتة، ولا قوانين عام، بحيث يتخذها كل إنسان لتكون عمدته في البحث. إنه فن يختلف باختلاف الذكاء والاستعداد.

عنون الخطيب القسم الثاني من الجزء الأول بعنوان "إلى النقد"، وقد جمع فيه أبحاثاً لعدد من الكتاب والنقاد، وكانت مواضيعه حول المخيلة والنقد البياني، والانتقاد والمقاييس الأدبية.

يتحدث ميخائيل نعيمة عن المقاييس العربية قائلاً: "بلاؤنا ليس بأن لا مقاييس عندنا، بل بأن ليس عندنا من يحسن استعمال هذه المقاييس وتطبيق الآداب عليها. فمن سوء طالعنا أننا وكّلنا شؤوننا الأدبية إلى جرائدنا ومجلاتنا في الغالب، وجرائدنا ومجلاتنا تقيس الأدب بعدد مشتركيها ومناصريها، وأعمدتها وحقولها، ومن كان ذلك شأنه، فحاجاته الروحية معدودة محدودة. فكثير من القصائد التي تزفها إلأينا الرائد والمجلات (درراً فريدة)، لو قسته بالمقاييس الأدبية الثابتة، لوجدناه عارياً عن كل شيء سوى الرنة. وإن كانت فيه حقيقة، فمبتذلة أو مشوهة".

----

نظرية النقد

تحرير وتقديم: محمد كامل الخطيب

الناشر: وزارة الثقافة، دمشق، 2002