يُعرف نقص الأكسجة بأنه الحالة التي ينخفض فيها مستوى الأكسجين في الدم عن المستوى الطبيعي تحديداً في الشرايين. ويُعتبر ذلك مؤشراً على مشكلة ترتبط بالتنفس أو بدوران الدم في الجسم، وقد ينتهي بظهور أعراض تتعلق بضيق التنفس.

يتم تحديد نقص الأكسجة عن طريق قياس مستوى الأكسجين في عينة الدم التي تؤخذ من أحد الشرايين ويطلق عليها قياس الغاز في الدم الشرياني. ويُمكن تحديد نقص الأكسجة أيضاً عن طريق قياس مستوى التشبع بالأكسجين في الدم باستخدام مقياس التأكسج النبضي، وهو عبارة عن جهاز صغير الحجم يُثبت بمشبك على الإصبع.

الأكسجين في الطب

الكثير من الأشخاص لا يعرفون ماذا تعني أكسجة وما هو الأكسجين المستخدم للحالات المرضية ومتى يجب استخدامه؟ لقد ظهرت هذه المشكلة جلية خلال جائحة كورونا؛ حيث ظهر للأطباء في المشافي الدور للكبير للأكسجة في تحسين الحياة أو رفع نسبة الوفيات خلال فترة كورونا، إذ يتراوح معدل الأكسجين الشرياني الطبيعي بين 75 إِلى 100 مليمتر زئبقي. وعادةً ما تدل القيم الأدنى من 60 مليمتر زئبقي على الحاجة إِلى الأكسجين الإضافي. وتتراوح قراءات مقياس التأكسج النبضي الطبيعية بين 95 و100 بالمائة. وتعتبر القيم الأقل من 90 بالمائة منخفضة.

المهندس عبد الفتاح نعامة

ولكن ما هو الأكسجين الطبي؟ يوضح المهندس عبد الفتاح نعامة مدير الدراسات في الشركة السورية للموارد الطبيعية في بحث خاص دور أنواع الأكسجين الطبي في إنقاذ حياة المريض أو الوصول به إلى وضع حرج. إذ لا يمكن التقليل من أهمية الأكسجين في مجال الرعاية الصحية وخاصة في قصور الجهاز التنفسي والإنعاش والحفاظ على الأنسجة البشرية والعينات البيولوجية، واستخدامه في التخدير وفي غرف العمليات، وفي غرف علاجات الأكسجين المتخصصة. وقال إن الأكسجين في شكله الأكثر شيوعاً هو غاز عديم اللون موجود في الهواء، وهو يستخدم في العديد من التطبيقات الصناعية والتجارية والطبية والعلمية، ويتكون الهواء الذي نتنفسه من 78% نيتروجين و21% أكسجين، 1% غازات أخرى مثل الأرغون. ويتم إنتاج معظم الأكسجين المستخدم لأغراض صناعية أو طبية عن طريق التقطير المبرد الذي تم تطويره عام 1895 ونتج عنه أكسجين نقي بنسبة 99%. وبالتالي الأكسجين الطبي هو أكسجين عالي النقاء، يوضع في أسطوانات بدرجة نقاء عالية، ولا يسمح لأي نوع آخر من الغازات بالتواجد معه، منعاً للتلوث.

الضغط العالي

يكون الأكسجين السائل أكثر تركيزاً، لذلك يمكن احتواء المزيد منه في خزان أصغر، بينما مكثفات الأكسجين هي أجهزة توضع في الغرف وتستخدم لإزالة الغازات الأخرى، وهناك طرق متعددة يصل فيها الأكسجين إلى المريض بحسب ما أورده الباحث عبد الفتاح نعامة، منها قنية الأنف التي تتكون من أنبوب يمر عبر فتحتي الأنف، وهناك القناع، والحاضنة للأطفال، وضغط مجرى الهواء الإيجابي. مبيناً أن الأكسجين السائل يتم شراؤه في خزانات تبريد وإدخاله إلى المراكز الصحية والمشافي عبر خطوط أنابيب خاصة به، ويسحب من الخزان حسب الحاجة بعد أن يحول إلى غاز قبل نقله إلى الغرف، حيث يشمل نظام الأكسجين في المشافي لوحات تحكم تبين نسبة تدفق الغاز ومؤشرات مستوياته.

ونظراً لأهمية الغاز السائل ذي الضغط العالي في تحقيق نتائج أفضل مع المرضى ونسب شفاء عالية، يؤكد نعامة في مجمل بحثه على أهمية أن تقوم وزارة الصحة بإلزام المشافي الخاصة والحكومية باستخدام وحدات الأكسجين السائل والأسطوانات ذات الضغط العالي والنقاوة العالية بشكل رئيسي في علاج المرضى، واعتماد وحدات البي إس آر كوحدة مساعدة في الحالات الطارئة التي قد يتوفر فيها الغاز السائل النقي، مثل حالات الحروب أو المناطق النائية أو استحالة الحصول عليها لسبب قاهر. وهنا يمكن استخدام وحدات توليد الأكسجين 93 أو البي اس آر كرديف مساعد وليس أساسي.

ويتابع الباحث أن العلاج بالأكسجين عالي الضغط يكون في ثلاث حالات أساسية لإنقاذ الحياة من المصابين بإنصمام هوائي أو غازي أو التسمم بالكربون، ومن الممكن أن يكون علاجاً فعالاً للجروح التي لا تلتئم لدى الأشخاص المعرضين لخطر فقدان أحد الأطراف أو الذين تعرضوا لحادث. وفي إنقاذ الأنسجة حيث يساعد في ترميم تلف الأنسجة الناتجة عن الحروق.

متوفر بكثرة

بالنسبة إلى موضوع تطبيق شروط الأكسجة الصحيحة للأكسجين السائل والأسطوانات ذات الضغط العالي، فهي محققة بنسبة 80% في المشافي الحكومية لدينا وفقاً لما أشار إليه الباحث، وهذا أمر جيد لكونها توفر الأمان للمرضى، بينما نجد عكس ذلك من حيث نسبة الاستخدام في المشافي الخاصة، حيث تستخدم هذه المشافي وحدات توليد الأكسجين 93 البي اس آر التي يفترض ألا يتم استخدامها إلا في حالات الضرورة القصوى وعدم التمكن من تأمين أسطوانات الضغط العالي. وخاصة أن الأكسجين السائل متوفر لدينا بكثرة وبكميات كبيرة، بل هناك إنتاج وفائض محلي كبير منه.

يتساءل الباحث لماذا تعمد وزارة الصحة إلى تركيب وحدات بي اس آر على الرغم من توفر الأكسجين السائل. وإن كان هذا التوجه ليس خطأ من حيث المبدأ، إذ يجب العمل به بشكل احتياطي وثانوي في حال عدم توفر الأكسجين ذي النقاوة العالية، إلا أن ما يحدث في الواقع هو العكس وتستخدم بشكل رئيسي، وخاصة بعد أن تم تركيب هذه الوحدات في معظم المشافي.

الأكسجين 93

إن الأكسجين 93 هو أكسجين طبي ضمن المواصفات وشروط تطبيقه المرافقة للعلاجات مثل الأمراض القلبية ونقص الأكسجة، وقد تم استخدامه خلال سنوات الحرب كحالة اضطرارية لرفع الأكسجة، وكانت له فعالية جيدة نوعاً ما، إلا أنه أقل نقاوة من الأكسجين السائل الذي تصل نسبة النقاوة فيه إلى 99.5 والذي يتم إنتاجه في معامل الغازات ونقله إلى المشافي عبر صناديق، وبواسطة المباخر يتم تبخير السائل وبالتالي يدخل بأنابيب التغذية بالمشافي ويتميز بنقاوته المرتفعة جداً.

وأوضح نعامة كيف أن المشافي التي تستخدم أكسجين 93 تكون فعاليتها في الشفاء ضئيلة برفع نسبة الأكسجة، بينما التي تستخدم الأكسجين السائل في الخزانات تتحسن لديها أكسجة المريض ويتجاوز الأزمة. ولفت الباحث إلى وجود فارق مهم بين النوعين بحسب دستور الأدوية الأوربية، فالأكسجين السائل أكثر نقاوة ونسبت الغازات الأخرى تكون ضئيلة جداً، وهو يستخدم في العمليات وفي غرف العناية المشددة وغرف الإنعاش وأجهزة المنافذ والتخدير. بينما الأكسجين 93 غير مسموح بغرف العمليات أو العناية المشددة والإنعاش، ويجب استخدامه في فقط في غرف المرضى، كما يتطلب استخدامه وجود محلل لثاني أكسيد الكربون وأبخرة الزيت. ولكن للأسف المشافي تستخدمه بدرجة عالية في كل الأماكن.

أنظمة وشروط

هناك شروط لاستخدام الأكسجين الأقل نقاوة وهناك أنظمة عالمية، فالهيئة الأوربية تؤكد على المشافي بضرورة أخبار الطبيب نوع الأكسجين الموجود بالمشفى، لأن هناك أمراض مثل نقص التروية والتسمم بثاني أكسيد الكربون تحتاج من الطبيب معرفة نوع الأكسجين هل هو 93 أو 99.5 لكي يعرف أن هذا النوع كاف لأكسجة المريض أم لا. كما أنه يجب معرفة كيفية معالجة التراكم المحتمل في أجهزة التخدير فعندما يستخدم جهاز تخدير بأكسجين 93 فإن ذلك يؤدي إلى تراكم في الأركون بشكل أكبر، وبالتالي يجب إخراجه من الجهاز لأنه عندما يصل نسبة التراكم إلى 40% فإن نسبة الأكسجين تنخفض إلى نسبة 60% وهي نسبة خطرة.

الأكسجين في المنزل

هناك ثلاثة طرق لإمداد الأكسجين في منزل الشخص. الأول هي الغاز المضغوط المخزن في أسطوانة يوجد على طرفها مُنظّم يسمح بالتحكم بتدفق الأكسجين. أما الطريق الثاني فهو الأكسجين السائل الذي يتم توفيره داخل حاوية أو أداة يشبه شكلها الترمس أو الوعاء العازل. يتحول السائل لدى تسريبه إلى غاز بحيث يستطيع الشخص أن يتنفس منه تماماً مثل أسطوانة الأكسجين. يتمثّل الخيار الثالث لإمداد الأكسجين في المنزل في مولد الأكسجين. وهو جهاز يعمل على الكهرباء، يستطيع أن يفصل الأكسجين عن الهواء في فضاء المنزل، وأن يجمّعه ويوفره للشخص وفقاً للجرعة اللازمة له.