يتناول جيروم روجي في كتابه "النقد الأدبي" التيارات النقدية والنقاد والمنظرين من أمثال رولان بارت، جينيت، باختين، غولدمان، لانسون، مورون، ريشار، وآخرين، وكذلك المناهج التي يجب الاعتماد عليها والمفاهيم التي ينبغي التزود بها أثناء قراءة وتحليل النصوص.

النقد ليس فقط محاولة إضاءة نص معين وشرحه، وإنما هو بناء وفكر معمق، والذي من دونه – كما يقول ميلان كونديرا – "يكون كل عمل عرضة للأحكام الاعتباطية وتطويه يد النسيان سريعاً". وبالتأكيد فإنه لولا النقد لما كان لدينا أدنى فكرة عن كتاب عظماء كدوستويفسكي وجويس وبروست وتولستوي وشكسبير وغيرهم. وكذلك فإن النقد يجب أن يتعرف على روائع الحاضر.

يعنون جيروم الفصل الأول "إرث القدامى"، وهو فحص للإرث من خلال التقليدين الكبيرين الفيلولوجيا والهرمينوطيقا. ويتعرض في الفصل الثاني إلى "النقد المعياري" الذي نشأ في العصر الكلاسيكي. أما الفصل الثالث فجاء تحت عنوان "النقد في مرآة العلوم" وهو يتحدث عن المنعطف الذي حدث في أبستيمولوجيا النقد الأدبي. بينما جاء الفصل الرابع بعنوان "نقود التأويل" والذي ينصب على خطوات التأويل الكبرى التي يتبعها النقد المعاصر. ويحمل الفصل الخامس عنوان "العمل بصفته حدثاً لغوياً" وهو يشدد على الإسهام الرئيسي لنظرية اللغة في قراءة النصوص. وأخيراً فإن الفصل السادس المعنون "النقد المقالي" يفسح المجال للتفكير في الدور الأساسي الذي لعبه النقد المقالي في القرن العشرين.

يعد كتاب "الشعرية" لأرسطوطاليس أول كتاب نقدي كتبه حين كان يدرّس في مدينة أثينا بين عامي 334 و323 قبل الميلاد. إنه عمل نظري ونقدي كبير الأثر، فيه يقوم أرسطو بوصف وتسمية "الأجناس"، وهو مفهوم استمر استعماله حتى أيامنا هذه، حيث يؤسس منهجاً يبتدئ بتحديد موضوعه مفهومياً. ومن خلال ذلك نرى الصلة بين النظرية والنقد. يقول أرسطو مميزاً بين فن الشعر والمؤلفات العلمية: "بالفعل، ما إن يطرق أحد موضوعاً في الطب أو في التاريخ الطبيعي، متوسلاً النظم والوزن، فإن الناس يعتادون تسميته بالشاعر، ومع ذلك ليس هناك ما يجمع بين هوميروس وأمبدوقليس، عدا النظم والوزن، وهكذا من الصواب نعت الأول بالشاعر والثاني بعالم الطبيعة وليس بالشاعر".

أرسطو هو أول من وضع معايير العمل الأدبي، وقام مسلكه على ملاحظة وإحصاء الممارسات اللغوية في اليونان الضاربة في القدم منذ هوميروس. وبهذا المعنى فإن كتاب "الشعرية" يعد أول جرد نقدي وأول تحديد مفهومي للظاهرة الأدبية. ومن غير الممكن الحديث عن نقد أدبي بالمعنى الحديث للكلمة، إلا أنه من الصحيح أيضاً أن "الشعرية" يشكل مرجعاً لكل تفكير نقدي، إذ إن التفكير الأدبي المعاصر يتمسك بإرث "الشعرية" كما يقول الفيلسوف بول ريكور مؤيداً: "إن العمل المتخيل يساهم في جعل العالم الإنساني قابلاً للعيش، وأكثر فهماً، رغم المحدودية الجذرية لكل فهم".

----

الكتاب: النقد الأدبي

الكاتب: جيروم روجي

ترجمة: شكير نصر الدين

الناشر: دار التكوين، دمشق، 2011