الألعاب الشعبية حاجة ضرورية من الفكاهة والسرور بالإضافة إلى المتعة الشخصية والجماعية بهدف التخفيف من ضغط العمل الجسدي والضغوط النفسية خلال النهار، وفيها تنمية الذكاء وتغذية الفكر وقضاء وقت ممتع خاصة في فصل الشتاء حيث الليل طويل.

ذكر الكاتب محمد خالد رمضان في كتابه "من الألعاب الذهنية في دمشق وريفها"، أن ألعاب التسلية الشعبية الدمشقية قامت بدور لا بأس فيه في تزجية وقت الناس، لم يقتصر عملها على ذلك، إنما خلالها يعمل الإنسان تفكيره في كيفية أن يكون الأفضل في اللعب، وأن يربح الجولات، فهي محفز على التفكير وأعمال الفكر وتشغيله، خاصة في القضايا الحسابية، والنشاط في رياضة العقل.

بدأ الكاتب بالتعريف بأن الألعاب الشعبية الدمشقية هي في الأصل مدنية وليست ريفية، وتمارس من قبل الكبار والشباب من الجنسين، وتضم فيها الكثير من ألعاب الورق أو الشدة والشطرنج والنرد أو الطاولة، وألعاب الإدريس وهي إدريس الستة وإدريس التسعة وإدريس الاثنا عشر ثم ألعاب المنقلة وألعاب البرجيس وغيرها.

لكل لعبة قوانينها الخاصة بها ولها شروطها، وهي تمارس من قبل الرجال والنساء للتسلية خاصة في فصل الشتاء، ولها أهداف كبيان إمكانيات الأفراد والمجموعات العقلية والفكرية، وتقريب الناس بعضهم من بعض.

نشأت كل هذه الألعاب مع نشأة الإنسان، وتطوره التاريخي، وإمكانياته العقلية والفكرية، ثم إمكانية توفر الوقت الكافي له لممارستها، وملء الفراغ الذي يخلفه زمن معين، كان بعضها يمارس من قبل الحكام والملوك والوزراء.

بقيت ألعاب التسلية حتى وقتنا الحاضر، ولكنها تراجعت وبعضها اندثر، أو اقتصرت على المقاهي في المدن الكبرى، ومن هذه الألعاب: لعبة البرسيس أو البرجيس

وهي لعبة شعبية سورية معروفة، وهي تقريباً لعبة نسائية، عبارة عن قطعة قماش ذات ألوان متعددة، على شكل صليب مربع، وكل ضلع من أضلعه هو على شكل مستطيل، ومقسم إلى ثلاثة أطوال، وكل طول منها ينقسم إلى مربعات صغيرة عددها في كل ذراع ثمانية مربعات في الطول وثلاثة في العرض، وبعد المربعين الأولين من كل جانب هناك مربع مغلق يطلق عليه اسم الشيرة.

إنها إحدى التسليات التي يمارسها الناس في فراغهم، تبعد عنهم الملل والضجر، ويكشفون عن مواهبهم في اللعب ويبينون ذكاءهم، ويستحضرون أنواعاً من الفرح والطرف، والتفكه، والتظرف، عند نهاية لعبة البرسيس حتماً هناك غالب ومغلوب، فالغالب يفرض على المغلوب أن يجهز فطوراً على نفقته أو أكلة "حراق إصبعو" أو يقلد بها أحد الحيوانات لإشاعة أجواء الضحك والمتعة.

لعبة الإدريس

لعبة تراثية شعبية سورية، هي قطعة مربعة من الخشب أو الكرتون أو الورق أو القماش، مقسمة إلى عدة مربعات متساوية، فإذا كان الإدريس ثلاثة تكون مقسمة إلى أربع مربعات متساوية، لكل من اللاعبَين ثلاث حصى صغيرة مغايرة في اللون لحصى اللاعب الآخر، ويمكن أن يكون الإدريس ستة والإدريس تسعة والإدريس اثنا عشر وهكذا.

لعبة الشدّة أو الورق

لعبة شعبية منتشرة في كل أنحاء سورية، وتكون الشدّة مؤلفة من اثنين وخمسين ورقة كعدد، وتنقسم إلى أربع أنواع: الكبّا، الديناري، البستوني، والسباتي، تلعب فيها ألعاب كثيرة كالباصرة، الديكا، الأربعمائة، الطرنيب، أبو الفول، التبصير، بنت الكبا، الكونكان، الرينز.

لعبة النرد أو الطاولة

هي عبارة عن صندوق من الخشب، ثلاثين حجراً مقسمة على اللاعبَين لكل منهما خمسة عشر حجراً، وفصان مكعبان صغيران من العظم، وهناك ألعاب كثيرة متداولة في هذه اللعبة، وأكثرها شيوعاً في دمشق: الفرنجية، المغربية، والمحبوسة.

لعبة خلي مخزنك عبك

هي لعبة بسيطة من ألعاب التسلية الجماعية، يشارك فيها أهل البيت والضيوف أيضاً، ينظم الجميع على شكل دائرة، وبالقرعة يختار أحدهم ليأخذ خاتماً من أي أحد لا على التعيين ويدور بسرعة على كل اللاعبين، ويضع يده في عبهم مفتعلاً أنه خبّأ الخاتم عند أحدهم، ثم يشير له الشخص أن الخاتم معه، فيختار أحد الحاضرين ليكتشف أين الخاتم وعند من؟

يتابع الكاتب أن معظم هذه الألعاب انتهت تماماً من حياة الدماشقة، لأن التطور العلمي والتقني الذي ألزم الإنسان بالعمل أكثر نهاره، هو السبب الأول لترك الإنسان لألعابه وتسلياته، خاصة أن الفراغ هو الذي أوجدها وطورها.

----

الكتاب: من الألعاب الذهنية في دمشق وريفها

الكاتب: محمد خالد رمضان

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2010