يشير الكاتب" ديمتري كراسيف" في كتابه "البنوك الفتاكة كيف سيطرت البنوك الدولية على أمريكا" الذي ترجمه للعربية مكسيم بيان صالحة، إلى عالم النقود الذي شمل روسيا منذ وقت قريب، إذ إن المصارف هي الدورة الدموية في الاقتصاد العالمي، فهي تساعد على إعادة تخصيص مدخرات المنظمات والأفراد في المجالات ذات الفعاليات الاقتصادية الكبيرة والتي تبشر بتحقيق مردود مالي عال، إذ لم يعد يخفى على أحد دور البنوك المركزية لأقوى دول العالم في هذه العملية، في الآونة الأخيرة.

نوه الكاتب ديمتري كراسيف إلى أنه وقع في يديه شريط مسجل لتحقيق خاص من قبل صحفي أميركي، الشريط باللغة الإنجليزية ونوعيته سيئة للغاية بسبب كثرة إعادة تسجيله، ومع ذلك أخذ بالعمل على فهم ذلك، بالنظر إلى دور رأس مال المصارف في تاريخ البشرية من زاوية خاصة تماماً، ومثل أي صيغة معقولة، لديها الحق في الوجود. النقطة المثيرة للاهتمام أكثر، جاءت من عرض أحد الأميركيين، الذين أصبحت عملتهم الوطنية وسيلة ادخار الروس والعالم بأسره، وقد تم الحفاظ على أسلوب الصحفي في تقديم المعلومات.

تمر الحقيقة عادة خلال ثلاث مراحل، المرحلة الأولى النقض التام والسخرية منها، المرحلة الثانية المقاومة والمعارضة لها، المرحلة الثالثة القبول بها باعتبارها فرضت نفسها، هذا ما أكده الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور. لعل قراء هذا الكتاب سينقسمون إلى ثلاث مجموعات، أول مجموعة ستنفي تماماً كل ما يقرؤونه، المجموعة الثانية ستحاول إنكار كافة المعلومات والتشكيك في المؤلف بدلاً من الإصغاء إلى الرسالة، والمجموعة الثالثة ستقول: كنت أعرف هذا منذ زمن طويل.

يطرح الكاتب مجموعة من الأسئلة:

ماذا يحدث في أميركا الآن؟

لماذا نسقط في الديون بشكل أعمق وأعمق مع مرور الزمن؟

لماذا لا يستطيع الساسة أن يضعوا الديون تحت السيطرة؟

لماذا يعمل معظم الناس في الوظائف ذات الأجور المتدنية ويسددون الديون باستمرار؟

ما هو مستقبل الاقتصاد وطريقة الحياة في أميركا؟

لماذا تقول الحكومة بأن التضخم قليل، حينما تنخفض القوة الشرائية للدولار في أميركا؟

من المعروف أن الدين العام الأميركي يزداد بمعدلات مثيرة للقلق، ومن أجل تمويله يجب على وزارة المالية كل سنة إطلاق سندات بقيمة أكبر من السنة السابقة لحجب الالتزامات القديمة وإصلاح الدين الوطني من دون إعادة هيكلة النظام المصرفي. والحل لا يكمن في مستوى الدين العام الداخلي فقط وإنما في كامل النظام المصرفي في الولايات المتحدة. الدين العام للولايات المتحدة حسب أرقام يوليو 2011 تخطى حاجز 14 تريليون دولار أمريكي وهو ما يناهز 98 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المعلوم أن الناتج المحلي الإجمالي هو أحد الطرق لقياس حجم الاقتصاد الناتج المحلي الإجمالي يحسب قيمة السلع والخدمات المنتجة من الموارد الموجودة محلياً في منطقة ما خلال فترة زمنية معينة.

أخيراً يختم المترجم أن كل بقدر معرفته وفهمه للأشياء والظواهر من حوله يعمل لصالح نفسه، "لم أعد أذكر الآن، أين قرأت هذه الفكرة، لكنني أظن أنها مناسبة جداً هنا، وأود أن أؤكد للقراء، أنه ليس عليكم أن تأخذوا بكل الأفكار التي وردت في هذا الكتاب وكأنها وقائع وقواعد لا جدال فيها، بالنسبة إلى الكثير من القراء ستكون الفكرة الرئيسية فيه غريبة، وسيتابعون حياتهم العادية، لكنني أتوجه إلى القليل منكم، وتحديداً الذين يريدون معرفة ما يجري والجاهزين لتكريس بعض من الوقت من أجل استكشاف الحقيقة أو على الأقل، الاقتراب منها. ابحثوا بأنفسكم ولا تقتصروا على ما ورد في الكتاب أو ما يرد في وسائل الإعلام، اربطوا الظواهر ببعضها، جميع الظواهر وليس السياسية منها فقط".

----

الكتاب: البنوك الفتاكة، كيف سيطرت البنوك على أمريكا

المؤلف: ديمتري كراسيف

ترجمة: مكسيم بيان صالحة

الناشر: دار البلد، 2022