هل جربت أن تعيش في حضن الطبيعة؟ هل جربت أن تتنفس هواء نقياً مشبعاً بالأوكسجين النظيف؟ هل نمت ليلة واحدة وأنت تشعر أن جسدك لا يقع تحت رحمة الإشعاعات وضغوط الحياة اليومية؟ يذكر كتاب "الحل في الطبيعة" أنه إذا أردنا العيش في جنة، فعلينا مقاطعة المربعات الإسمنتية التي حوّلت حياتنا إلى جحيم، وأبعدتنا عن الطبيعة البكر التي أورثتنا فضائلها. فالطبيعة ستشفيك من كل شيء، وتجعلك أكثر سعادة وصحة وإبداعاً.

في بداية كتاب "الحل في الطبيعة"، تتحدث الكاتبة فلورانس وليامز عن تطبيق (مابينس) الإلكتروني أو مقياس السعادة الذي يكشف أننا غير مرتبطين بالبيئة الخارجية (الهواء الطلق) على نحو كارثي، وهذه إدانة ليس لبنية وعادات المجتمع الحديث فحسب، بل لفهمنا لذواتنا، هل نحن منهمكون للغاية في متطلبات الحياة، بعيداً جداً عن المساحات الخضراء، أو أننا منجذبون إلى مباهج الأماكن المغلقة ولاسيما تلك الموصولين بها؟ الجواب: إلى حد ما، وليس تماماً.

انفصالنا عن الطبيعة

ويبين الكتاب خطورة التكنولوجيا على وجودنا، فإننا نشهد حالة من فقدان الذاكرة على مدى الأجيال والتي أتاحها التحضر والزحف الرقمي.

غلاف كتاب الحل

يبحث هذا الكتاب في علم الطبيعة وراء ما عرفه الشعراء والفلاسفة على مدى دهور، وأهمية المكان؛ حيث اعتقد أرسطو أن المشي في الهواء الطلق يصفي الذهن، كما بني المذهب الرومنطيقي على فكرة الطبيعة كخلاص للروح البشرية وخيالها، وتروي لنا الكاتبة نشأتها في مبنى سكني وانجذابها نحو المساحات الخضراء.

ترى الكاتبة أننا ابتعدنا عن الطبيعة أكثر من أي جيل سبقنا، وتتساءل حول طبيعة العلاقة بين الطبيعة والدماغ البشري. كما تروي لنا تجارب عديدة لها في تسلق الجبال وركوب الزورق وغيرها.

خمس أجزاء

يقسم الكتاب إلى خمسة أجزاء تساعد القارئ في فهم الموضوعات وجعلها مفيدة. يعرض الجزء الأول بعنوان (البحث في عصبونات الطبيعة) النظريتين السائدتين اللتين تحاولان تفسير سبب حاجة أدمغتنا إلى الطبيعة، وتقودنا إلى كثير من البحث. يأخذنا الفصل الأول إلى اليابان حيث يعمد الباحثون على تحديد دور الطبيعة في تقليل التوتر ودعم الصحة العقلية باستخدام بنية مستندة لفرضية البيوفيليا. وتنتقل في الفصل الثاني إلى يوتا بعنوان (الطبيعة القريبة الدقائق الخمسة الأولى) حيث يهتم علماء الأعصاب الأميركيون بكيفية مساعدة الطبيعة في استعادة أدمغتنا مشوشة الاهتمام إلى حالة إدراك أكثر حدة، ونظمت بقية الكتاب حسب جرعة الطبيعة.

في الجزء الثالث وعنوانه (خمس ساعات شهرياً) كشفت الآثار الفورية للاندفاعات السريعة إلى حواسنا الثلاث الرائحة والصوت والبصر. ثم ألقيت نظرة على ما يحدث لأدمغتنا وأجسادنا حين نتوقف خارجاً فترة أطول تقارب جرعة الطبيعة التي أوصت بها الفنلندية خمس ساعات في الشهر. وفي الجزء الرابع تغوص الكاتبة في أعماق أكثر في البرية، حيث تحدث أشياء مثيرة حقاً لأدمغتنا بعنوان (الدماغ البري) اهزم نفسك في البرية والإبداع وقوة الرعب. وفي الجزء الخامس بعنوان (مدينة في حديقة) فالطبيعة لنا.

----

الكتاب: الحل في الطبيعة… لماذا تجعلنا الطبيعة أكثر سعادة وصحة وإبداعاً؟!

تأليف: فلورانس وليامز

ترجمة: فاديا العوام

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب 2022.