الأندلس رسالة العرب الحضارية والإنسانية، كانت رمزاً للاهتمام بالعلم والفكر والمعرفة والمعاملة الطيبة، واحترام كل الناس بعيداً عن الطائفية والمذهبية والعرقية والإقليمية، وهي الأرض التي جرت فوقها أحداث ومواجهات تمّ القضاء عليها بوحدة الصف وفشلوا عندما تمزّقت وحدتهم.

تناول الكاتب علي أحمد في الفصل الأول: جغرافية الأندلس وحالتها العامة قبل الفتح العربي، فهي اليوم تعرف بدولتي إسبانية والبرتغال، وتقع في الزاوية الجنوبية الغربية من القارة الأوروبية، ومساحتها نحو 600 ألف كيلو متر مربع، وتعد من أجمل البلدان الأوربية، تتميز بمناخها المعتدل، وما خلفه العرب في العصور الوسطى من آثار عظيمة في فنها وعمارتها ساعد على تنشيط الحركة السياحية في إسبانيا.

تناول الفصل الثاني: فتح العرب الأندلس، وتعدّدت الروايات التي شجّعت العرب على البدء بعملية فتح الأندلس، أوّلها أن يوليان حاكم سبتة شجع العرب على غزو الأندلس بوازع شخصي من أجل الانتقام لشرفه الذي دنسه حاكم إسبانيا، عندما اعتدى على شرف ابنته عند تحصيلها العلم في طليطلة. أما الرواية الثانية التي تنكرها المصادر الإسبانية المعاصرة، وهي أن ملك إسبانيا "وقلة" حينما عزل عن الحكم، اتصل بـ "موسى بن نصير" والي المغرب واتفق معه، وبرأي الكاتب هي الرواية الأكثر قرباً إلى الواقع من الرواية السابقة، لأنها ارتبطت بأحداث واقعية، وبدأ بحملات استطلاعية، والتخطيط مع الخليفة الوليد بن عبد الملك في العاصمة المركزية للدولة الأموية بدمشق.

تناول الفصل الثالث: عصر الولاة في الأندلس، سمّي عصر الولاة لأن حالم الأندلس كان يسمّى والياً، لأنه يحكم ولاية من ولايات الدولة الأموية. وعصر الولاة هو الفترة المعاصرة لحكم الخلفاء الأمويين في فترة حكمهم الأخيرة. وتميز عصر الولاة في الأندلس الذي امتد لبضع سنوات، بالقلق والاضطراب والفشل في إحراز نجاحات في ميدان الفتح في شمال وشمال غرب الأندلس، وكذلك في الجبهة الأوروبية الأخرى، وأيضاً عدم التقدم في الميدان العلمي والثقافي. ولا بد أن الفتن التي حدثت في هذا العصر كانت السبب في كل ما حصل من فشل وإحباطات.

تناول الفصل الرابع: عصر الإمارة الأموية في الأندلس، سمّي بعصر الإمارة، لأن الأمويين الذين حكموا الأندلس لم يقبلوا أن يلقبوا أنفسهم بالألقاب الخلافية، لأن الخلافة العباسية كانت في أوج قوتها، ويعدّها الناس الخلافة الشرعية الوحيدة، فاكتفوا تبعاً لهذا الواقع بلقب الأمير. كان عصر الإمارة الأموية في الأندلس تطوراً مهماً للدولة العربية من النواحي كافة، فقد كان نقلة نوعية على صعيد الحكم والسياسة، وكذلك على صعيد تقدم العلوم والإدارة العامة بشكل خاص.

شكلت الأندلس كياناً مستقلاً في كل شيء عن الدولة العباسية، وباءت محاولات إعادتها إلى جسم الدولة العربية الواحدة بالفشل، والخلفاء الذين جاؤوا بعد المنصور العباسي لم يعنيهم أمر الأندلس.

تناول الفصل الخامس: عصر الخلافة الأموية في الأندلس، الذي يعد من أزهى عصور العرب في الأندلس، ذلك أن الدولة العربية كانت فيه من أقوى دول العالم حضارة وعلماً وقوة عسكرية وتماسكاً في وجه كل المعارضين والأعداء، وهدأت الثورات الداخلية والهجمات الخارجية. سمي عصر الخلافة، لأن الحكام فيه سموا أنفسهم خلفاء بعد أن تجرؤا على هذا الأمر، مستفيدين من حالة الانهيار التي سيطرت على الخلافة العباسية في الشرق، كما استفادوا من قضية إقدام الفاطميين على إعلان الخلافة التي حملت اسمهم، فأصبح في المنطقة العربية ثلاث خلافات: الخلافة العباسية المقهورة في بغداد، والخلافة الأموية في الأندلس، والخلافة الفاطمية في المغرب الكبير.

تناول الفصل السادس: عصر دويلات الطوائف في الأندلس. يعد عصر الطوائف من أسوأ العصور على الإطلاق، ذلك أن وحدة الأندلس قد ضُربت في العمق، وتجزّأت البلاد إلى عدد كبير من الدّويلات على أساس طائفي وعرقي وإقليمي وقبلي وما إلى ذلك، وعاد نشاط حركة الاسترداد الإسبانية بشكل لم يعهد في الفترات السابقة على الإطلاق.

تناول الفصل السابع: عصر المرابطين في الأندلس، وهو عصر الإنقاذ من سقوط كان محتماً للوجود العربي هناك، حيث بدأت حركة الاسترداد الإسبانية في عصر ألفونسو السادس من استرجاع طليطلة وما حولها ممهداً لاسترجاع باقي المناطق الأخرى، مما دفع المرابطين للقدوم إلى الأندلس، حتى لا تتحقق آمال الإسبان من استئصال الوجود العربي من إسبانيا. والمرابطون هم سكان موريتانيا الحالية، واشتهروا بوضع اللثام على وجوههم حسب عاداتهم وبيئتهم الصحراوية، وعرفوا بشدة البأس والشجاعة والإقدام وشدة التحمل.

ثم تناول الكاتب علي أحمد دور الموحدين في الأندلس، وعصر بني الأحمر في غرناطة، وظهور حركة الاسترداد في الأندلس وتطورها حتى نهاية القرن التاسع الهجري ودور المغاربة في كبح جماحها، وذكر العلوم التطبيقية والنظرية التي ازدهرت ومظاهر التطور العمراني، وختم بدور الحضارة العربية الأندلسية وتأثيرها على الغرب الأوروبي في العصور الوسطى.

----

الكتاب: تاريخ الأندلس السياسي والحضاري في العصور الوسطى

الكاتب: علي أحمد

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2022