يستخدم علماء الفلك بشكل روتيني موجات الجاذبية - تموجات متنقلة في بنية المكان والزمان نفسه، والتي تم اكتشافها لأول مرة في عام 2015 - لمشاهدة الأحداث الكارثية التي يصعب دراستها بالضوء وحده، مثل اندماج ثقبين أسودين.

يرصد رادار غرادا إشارات كرات من المادة المظلمة أو نجوم نيوترونية بعيدة جداً؛ حيث تظهر دراسة جديدة أنه يمكن إعادة توجيه موجات الجاذبية بواسطة أجسام ضخمة، والتي قد يستخدمها الباحثون يوماً ما كنوع من "رادار" الجاذبية لرسم خريطة لسكان الكون غير المرئيين.

يبدو الأمر وكأنه تحضير لمزحة. إذا كانت موجات الراديو راداراً وساعد الصوت كسونار، فما الذي تحصل عليه موجات الجاذبية؟

قد تكون الإجابة بأن موجات الجاذبية لهذا الـ "رادار" - وهي تقنية مستقبلية محتملة يمكن أن تستخدم انعكاسات موجات الجاذبية لرسم خريطة للكون غير المرئي، كما يقول الباحثون في ورقة بحث تم قبولها في مجلة مراجعة الأقران؛ حيث يمكن للعلماء أن يتمكنوا من العثور على المادة المظلمة أو النجوم القاتمة الغريبة والتعرف على دواخلها العميقة من خلال البحث عن هذه الإشارات.

لكن علماء الفيزياء يعرفون أيضاً عن خاصية تبدو عديمة الفائدة لموجات الجاذبية والتي يمكنها تغيير المسار. تقول نظرية الجاذبية لآينشتاين أن الزمكان يمكن كسره، وأي موجة تمر عبر هذه الانكسارات ستغير مسارها. والمحصلة هي أنه عندما يصدر شيء من موجات الجاذبية، يأتي جزء من الإشارة مباشرة إلى الأرض، لكن البعض قد يصل لاحقاً - مثل الصدى - بعد اتخاذ مسارات أطول تلتف حول نجم أو أي شيء ثقيل آخر.

لطالما اعتقد العلماء أن هذه الإشارات اللاحقة، المسماة "ومضات الجاذبية"، يجب أن تكون أضعف من أن يتم اكتشافها. لكن الفيزيائيين غريغ كوبي وغرين ستاركمان قفزا بالعمل على نظرية آينشتاين، قاموا بحساب مدى قوة الإشارة عندما تنتشر الموجات عبر حقل الجاذبية داخل النجم نفسه.

يقول كوبي: "الشيء الصادم هو أنه يبدو أنك تحصل على نتيجة أكبر بكثير مما كنت تتوقعه. إنه شيء ما زلنا نحاول فهمه، من أين يأتي ذلك.. حتى لكأنه يبدو جيداً جداً لدرجة يصعب تصديقها".

يقول الفريق إنه إذا كانت الومضات الثقالية قوية جداً، فيمكن لعلماء الفلك استخدامها لتتبع ما بداخل النجوم. يمكن للباحثين حتى البحث عن أجسام ضخمة في الفضاء كان من المستحيل اكتشافها، مثل كرات من المادة المظلمة أو نجوم نيوترونية وحيدة على الجانب الآخر من الكون المرئي.

تقول مايا فيشباخ، عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة نورث ويسترن في إيفانستون، إلينوي، والتي لم تشارك في الدراسة: "سيكون هذا مسباراً مثيراً للغاية".

ومع ذلك، لا تزال هناك أسباب لتوخي الحذر. تقول فيشباخ إنه إذا واجهت هذه الظاهرة مزيداً من التدقيق، فسيتعين على العلماء فهمها بشكل أفضل قبل أن يتمكنوا من استخدامها - وربما يكون ذلك صعباً.

يقول كوبي: "إنها عملية حسابية صعبة للغاية". ولكن تم التغلب على تحديات مماثلة من قبل. في حين تقول فيشباخ: "وهكذا كانت القصة الكاملة لاكتشاف موجات الجاذبية. لقد كانت الصعوبة بالقيام بكل العمليات الحسابية اللازمة لفهم قياساتهم، ولكن يبدو أنه حان الوقت المناسب لتكون مبدعاً حقاً باستخدام موجات الجاذبية".

----

ترجمة عن موقع: Science News