اشتهر كشاعر وروائي ومؤرخ ومترجم، واهتم بالفنون والآثار والبيئة والمسرح، وله دور في إنشاء قسم اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية في بكين، وتدريب كادره التدريسي ووضع عدد من الكتب الجامعية للقسم، إضافة لتأليفه المعجم الصيني- العربي.

قالت الكاتبة ضحى عبيد في كتابها "سلامة عبيد" إنه شخص هادئ مثقف بعيد عن التعصب الديني أو العرقي، مساعد للطلاب السوريين والعرب، يناقشهم في أمور ثقافية، ويستشيرونه في حل مشكلاتهم الشخصية، إذ كان محدّثاً لبقاً، متقناً اللغتين الإنكليزية والفرنسية، كان شخصاً محبوباً يحترمه الجميع.

"من ذكريات الطفولة" هو عنوان كتاب له، ويضم أربع عشرة ذكرى كتبها سلامة عبيد في عمر الستين، ففي الذكرى الأولى (العودة من المعركة) يصوّر عودة والده من المعركة على فرسه الحديدية مخضّباً بالدماء. أمّا الذكرى الثانية فكانت أواخر الثورة ربيع 1926 عندما بدأ الجيش الفرنسي يطارد المجموعات الثورية، فحرص الرجال على أن يبقى الأطفال والنسوة بعيدين عن القوات الزاحفة، فالتجؤوا إلى مغارة جبلية، وعندما عسكر الجيش الفرنسي قربهم، اجتاحت المغارة موجة من الذعر، وأخذ الأطفال يبكون، وقد صوّر الشاعر سلامة هذه الذكريات المؤلمة في قصيدة (ذكريات):

حملتني أمّي مع النسوة الثكلى/ وهامت مذعورة في الشّعاب

في كهوف الذؤبان ترجو ملاذاً/ لبنيها من الطّغاة الذئاب

والحفاة الأيتام حولي جياع/ والأيامى في غصّةٍ وانتحاب

بعد استشهاد أخوه الأكبر في معركة السويداء، واغتيال أخيه الثاني بدس السم له من قبل المستعمرين الفرنسيين، سافر الشاعر عبيد إلى لبنان في منحة مقدّمة لأبناء المجاهدين لمتابعة دراسته وهو في عمر الثامنة. أمّا الذكرى الثالثة فهي فدعان الطفل الذي ضاع في صحراء السعودية، حيث صمد الثوار عامين 1925-1927 ثم اضطروا للجوء إلى الأردن. لذلك فقد علمت الطفولة القاسية الشاعر الصبر والتواضع والإباء والشجاعة. كتب مارون عبود في مقدمة ديوان الشاعر(لهيب وطيب): لو لم يحترق سلامة في جحيم الألم ولهيبه، لما خرج من رأسه ذاك الطّيب.

تم تصوير فيلم وثائقي بعنوان (عناد السنديان) عن حياة الأديب عبيد إخراج رياض هاني رعد عرض في التلفزيون، وعدد من المراكز الثقافية ودور النشر.

تتابع الكاتبة أن عبيد حصل على شهادة الماجستير في التاريخ بدرجة شرف عام 1951 من الجامعة الأمريكية في بيروت، ومن أعماله: قصيدة (إلى ابنتي) وهي من الشعر الحديث ونشرت في مجلة القيثارة عدد نيسان 1947، وألف مسرحية شعرية وهو في عمر الحادية والعشرين من عمره، وكان يقوم بالأدوار النسائية حين لا يجدون من تقبل بالظهور على المسرح، وله ترجمات في أدب الرحلات (رحلات في جبل حوران للقس بورتر) وكان مديراً للتربية، ومديراً لنادي الفنون، وبيت اليتيم، وعضواً في مجلس الأمة أيام الوحدة بين سورية ومصر، له رواية "أبو صابر الثائر المنسي مرتين"، ونشرت له في مجلة أسامة قصصاً للأطفال، وكتب أغنيات لهم.

يعد "كتاب الثورة السورية الكبرى على ضوء وثائق لم تنشر 1925-1927" مرجعاً عمل الكاتب عبيد عليه مدة ربع قرن، حيث كان يجمع الوثائق ورسائل، وساعده الناس لثقتهم به ومحبتهم له، فقدموا له ما لديهم من صور ووثائق ومراسلات، فكان الكتاب مرجعاً يتميز بالدقة والموضوعية.

الأمثال الشعبية

تتابع الكاتبة اهتم عبيد بالأمثال وجمعها على مدى عشرات الأعوام، ويعد كتابه "الأمثال الشعبية" مرجعاً يأخذ منه الكثيرون، فهو يذكر المثل ويشرحه ويحكي مناسبته إذا وجدت، مثل: (الضيف أوّل يوم بدر مدوّر، وثاني يوم رغيف مقوّر، وثالث يوم قرد مصوّر) ويقابله في المثل الصيني: (الضيف مثل السمكة تفسد في اليوم الثالث) وكذلك ترجم العديد من الأمثال الصينية مثل: (الكلمة إذا خرجت، مئة حصان لا يرجعها).

في الصين

عمل في الصين مدرّساً للغة العربية، وله دور في إنشاء قسم اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية في بكين، ودرّب كادره التدريسي، ووضع عدداً من الكتب الجامعية للقسم، وأنشأ القاموس الصيني–العربي الكبير، القاموس المبوّب، وقاموس الأمثال الصينية مع شرحها وما قد يقابلها في العربية.

----

الكتاب: سلامة عبيد

الكاتب: ضحى سلامة عبيد

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2021