يتحدث الكاتب نصر اليوسف في كتابه "مسرح الأعماق، المسرح المدرسي" عن أهمية هذا المسرح، فهو ليس قسماً تابعاً للمسرح العام أو إحدى جزئياته الصغيرة المتفرعة عنه، بل هو المكون الأهم والداعم الرئيس لبقائه. يتأثر الجمهور المسرحي سلباً بسبب انشغال الناس بلقمة العيش أو بسبب التلفاز والسينما، إضافة لسبب آخر رئيس هو إغلاق جسر التواصل بين المسرح ورواده الصغار المتجددين كل ساعة.

يقسم الكاتب كتابه إلى فصلين، يتناول الفصل الأول التعريف بالمسرح المدرسي انطلاقاً من بيئته ومن تسميته، وضروريات الاهتمام به، وأهم مفاصله العمل على النص المسرحي من اختيار النص إلى العرض؛ حيث بدأ الكاتب هذا الفصل بتعريف المسرح المدرسي بأنه ذلك المسرح البسيط (بما فيه من خيال الظل ومسرح الأطفال) الذي ينطلق من المدرسة هموماً واهتمامات، ويجعلها هدفه النهائي ابتداء من إنشاء الفرقة وانتهاء بجمهور العرض، ويعمل بشكل موازٍ لمهام المدرسة في التربية والتنشئة، ويختار موضوعاته من احتياجاتها، ليزرع وعياً لاصفياً يصعب تحديد آفاقه.

ثم يعرف الكاتب المنشط المسرحي (المخرج): هو مؤلف ثانٍ للنص، بمعنى أن المؤلف كتب نصه وفق تصوره للقيم والأهداف المخبوءة، ليستلمه المخرج ويعيد تأليفه من خلال رؤيته الخاصة لتلك القيم المكتوبة، ويحدد تصوره عن كيفية تحويلها إلى قيم ملموسة، منطوقة ومسموعة بالصوت والحركة والموسيقا والزي فوق خشبة المسرح، فهو يستعين بالقدرات والوسائل الإبداعية التي تحوّله إلى قيمة فنية ملموسة فوق الخشبة.

مكان تدريب الفرقة: هو مكان محبب للطلبة لا علاقة له بإملاءات الإداريين، مكان يشعرهم بالفرح ويحفز شفاههم على الابتسام كلّما تذكّروه، هو صالة العرض المسرحي التي تقدم فيها عروض مسرحية تقاطع رغباتهم وأفكارهم، وتحقق لهم ما يريدون قوله بحرية في حدود الاستقامة التربوية.

اختيار عناصر الفرقة المسرحية (إنشاء الفريق)، عمل جماعي، فالفشل في أي عنصر من عناصر المسرح، سيقود حتماً إلى فشل في بقية العناصر.

تدريبات ضرورية: يجب كلما دخلوا قاعة التدريب إجراء بعض التمارين الرياضية، التي تدعم اللياقة البدنية وإبعاد الكسل والخمول عن أجسادهم، وتحريض ثقتهم بأنفسهم، ومنها تمارين إرخاء العضلات والاستعداد، تمارين تركيز الانتباه، تمارين الإحساس والذاكرة.

الديكور: في المسرح المدرسي يعتبر الديكور جزءاً من رسالة العرض، وهو تلك الإضافات الحسية التي نبنيها على الخشبة حسب مقتضيات النص، كواجهات بيوت الحي أو حواف الغابة، أو عيادة طبيب وغيرها، وبالتالي لا يوجد عرض من غير ديكور.

أما الفصل الثاني فقد تم تخصيصه للنص المسرحي المدرسي من حيث طبيعته والبيئة التي ينطلق منها، والهدف النهائي منه، بدأ بخصائص النص المسرحي في المسرح المدرسي الذي في الأصل يجب أن يكون جديداً ومعاصراً، وهذا يدل على أنه حيٌّ بقلب ينبض يعبر عن واقع الناس ويطرح مشاكلهم الحياتية والمحلية. وتقديم مسرحيات شكسبير يزهر مع نضوج الفتيات والفتيان، فنصوصه خالدة ومصدرها القص الشعبي المعبر عن ميراث الشعوب في الحضارة، فالموضوعات التي يطرحها عن طبائع الناس لا تغيرها الأيام، بينما يرى المربُّون أن اختيار النص المسرحي المدرسي يحتاج إلى حساسية عالية لأنه يعزز سلوكيات بعينها. أما المسرح العام فهو يختار نصوصه من المعاصر إلى القديم بحرية أكبر بمئات المرات مما هي عليه في المسرح المدرسي.

ثم تناول الكاتب مصادر موضوعات المسرح المدرسي الذي يفترض بالمنشّط (المخرج) أن يقوم باختيار موضوع العرض وأن يكون نشيطاً جيد العلاقات مع محيطه وكثير الاهتمام بمشاكل الجيل ودائم التواصل مع مستجدات التربية، فهو يستقي موضوعاته من المنشطين النفسيين ومن المناهج المدرسية ومؤسسات المجتمع المدني ومن الطلبة أنفسهم ومن مسرحة المناهج. ثم ختم الكتاب بنص مسرحية تاريخية اسمها (الإعدام حتى الموت فقط).

----

الكتاب: المسرح المدرسي، مسرح الأعماق

الكاتب: نصر اليوسف

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2022