"الموسيقا في سورية" كتاب يرصد الحياة الموسيقية في سورية من خلال الأعلام الذين عبدوا الطريق بجهودهم الفردية، ومواهبهم الفذة، وتفانيهم في العطاء، فكانوا شعلة للأجيال لمتابعة رسالتهم الفنية من التراث الذي خلفوا، ومن النقطة التي انتهوا إليها في فنهم.

بدأ الكاتب صميم الشريف الجزء الأول من كتابه "الموسيقا في سورية" بالحديث عن الموسيقا والغناء منذ أواخر القرن التاسع عشر ولغاية النصف الأول من القرن العشرين، وتناول قوالب الموسيقا الشرقية التي تقوم على فرعين أساسيين، الأول: هو الفن الغنائي، وينحصر التأليف فيه في القوالب الفنية التي أبدعها العرب في عصورهم الزاهية كالقصيدة، والأغنية الدينية، والموشح والغناء بكلمة يا ليل والموليا، والأغنية الشعبية، والابتهالات الدينية، والأهزوجة، وفي القوالب الموسيقية الموروثة من التركة العثمانية مثل البشرف والسماعي والدولاب الذي يستخدم كتمهيد للغناء.

أما الفن الحديث الذي دخل الغناء العربي منذ ثلاثينيات هذا القرن، فتندرج فيه القصيدة الغنائية، والأغنية الدارجة، والأغنية الشعبية المطورة عن مثيلتها التراثية والأغنية المستقاة قوالبها من الغرب كالمونولوغ بأنواعه، والأغنية الراقصة التي تعتمد على الإيقاعات الغربية ذات المنشأ الفولوكلوري، والموسيقا التعبيرية التي لا تعتمد على قالب محدد وإنما ما تجود به قريحة المؤلف الموسيقي. ثم تناول الكاتب بإيجاز حياة ستة وثلاثين علماً من أعلام الموسيقا والتلحين والغناء الذين يقع تاريخ ولاداتهم بين عامي (1885 و1930) وبحث في الوقت ذاته في قوالب التأليف الموسيقي وقوالب الغناء العربي، والاتجاهات المختلفة التي سادت الموسيقا والغناء في زمن الرواد وورثة الرواد الذين تعايشوا معها.

في الجزء الثاني من الكتاب، قدم الكاتب لمحة تاريخية عن الموسيقا في سورية. ففي تل حريري عثر على نتف من أناشيد وقصائد غنائية هي من أقدم ما هو معروف في التراث الثقافي الإنساني، وتتطابق مع أقدم لوحة موسيقية أكادية وجدت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وجوقات من الموسيقيين منحوتة على القدود وعلى آثار تدل على مدرسة لتعليم الموسيقا يبرهن على عمق اهتمام الإنسان السوري بالغناء والموسيقا من عهد السومريين، وحتى اليوم.

ثم تناول الكاتب بناء الأغنية العربية الذي يعتمد على ثلاثة عناصر: النص الشعري أو الزجلي والتلحين والأداء. وكل عنصر من هذه العناصر متمم للعنصرين الآخرين، فإذا اختل واحد من هذه العناصر، اختلت الأغنية كلها. ويجمع النقّاد أن الكلمة أو نص الأغنية يأتي أولاً ثم التلحين فالأداء. والأغنية العربية كفن، تناولت مختلف الأغراض العاطفية والوطنية والقومية والاجتماعية والانتقادية والسياسية والإنسانية وما إليها.

في الجزء الثالث استعرض الكاتب أعلام الموسيقا في سورية مثل توفيق الصباغ، وصباح فخري، وعدنان أبو الشامات، وسهيل عرفة، وأمين الخياط، وحسين نازك، وعمر سرميني، وغيرهم، ذاكراً ولادة كل منهم ودراستهم وتخصصهم في الموسيقا ومؤلفاتهم وأعمالهم في المجال الفني، ثم ذكر دور المرأة في حياة دمشق الموسيقية عزفاً وغناءً وتلحيناً ولا سيما عند العائلات العريقة والأسر الثرية التي ظهرت إبان الحرب العالمية الثانية، واستعرض المطربات السوريات اللاتي شغلن الحياة الفنية في دمشق في النصف الثاني من القرن العشرين، مثل: تغريد محمد، زكية حمدان، وسحر وكروان، وفايزة أحمد، وفاتن حناوي، وميادة حناوي، وغيرهن.

في الجزء الرابع تناول الكاتب أعلام الموسيقا الغربية مثل مدرسة البارون بللينغ، وصلحي الوادي، ورعد خلف، وحسام الدين بريمو، وغيرهم، واستعرض عازفات ومغنيات الموسيقا الغربية والفرق الموسيقية النسائية، بعدها انتقل إلى ذكر مغنيات الأوبرا مثل وأراكس تشيكجيان وسوزان حداد وغيرهم.

----

الكتاب: الموسيقا في سورية (أعلام وتاريخ)

الكاتب: صميم الشريف

الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب، 2011