توفر مواقع الغابات القديمة الموطن الوحيد لأنواع عديدة من الحيوانات والنباتات، وبالنسبة إلى العديد من الحيوانات والنباتات الأخرى، تكون ظروف هذه المواقع مناسبة أكثر بكثير من مواقع أخرى. ويستوطن الغابات القديمة في المملكة المتحدة، مثل الغابة المطيرة في المناطق الاستوائية، أنواع نادرة ومهددة بالانقراض أكثر من أي موطن آخر في المملكة المتحدة.

كثيرًا ما توصف الغابة القديمة بأنها مصدر لا يعوض، أو "رأس مال طبيعي حرج". وهو مصطلح يستخدم في المملكة المتحدة "old forest" للإشارة بشكل خاص إلى الغابة التي وجدت بشكل دائم منذ عام 1600 أو قبله في إنجلترا وويلز (أو 1750 في اسكتلندا). قبل هذه التواريخ، لم تكن زراعة غابات جديدة أمراً منتشراً، ولذلك فإن الغابات التي كانت موجودة في عام 1600 من المحتمل أنها نبتت بصورة طبيعية. والمصطلح الأمريكي المقابل هو "غابة بكر". كانت تحدد الغابات القديمة رسمياً على الخرائط من قِبل هيئة ناتشرال إنجلاند (Natural England) والهيئات المماثلة. وتحظى العديد من الغابات القديمة بأنواع مختلفة من الحماية القانونية، ولكن ليس الوضع التلقائي أن تحظى أي غابة قديمة بالحماية.

وقد أثر النشاط البشري على مدى القرون الماضية على كمية الغابات المطيرة المعتدلة في المملكة المتحدة، ولكنها لم تختف تماماً إذ لا يزال بعضها موجوداً في أماكن قليلة، مثل بريكون بيكونز في ويلز.

غابة مطيرة

يدعو النشطاء اليوم إلى حماية ما بقي من هذه الغابات وغرس الأشجار بعناية للمساعدة على استعادة الغابات المطيرة المعتدلة التي كانت تغطي مساحات شاسعة من البلاد.

كشفت خريطة جديدة أن الغابات المطيرة المعتدلة، التي دمرت على مدى آلاف السنين، لديها القدرة على استعادة خمس مساحة بريطانيا العظمى.

غطت الغابات المطيرة الأطلسية المعتدلة ذات يوم معظم السواحل الغربية لبريطانيا وإيرلندا، حيث كانت مزدهرة في الظروف الرطبة والمعتدلة في الأرخبيل، والتي كانت تدعم الأنواع البيولوجية والحيوية التي تتشارك المكان مع الغابات المطيرة مثل الأشنات والطحالب وحشيشة الكبد. اليوم، تغطي هذه الغابات أقل من 1% من الأرض، بعد أن تم تطهيرها من قبل البشر على مدى آلاف السنين ولا توجد إلا في جيوب معزولة، مثل منطقة الشلالات في بريكون بيكونز وأوزويل وود في دارتمور.

تُظهر خريطتان أصدرتهما منظمة استعادة الغابات البريطانية المطيرة Lost Rainforests of Britain، وتم مشاركتهما حصرياً مع الغارديان، ما هو موجود اليوم وما يمكن إحياؤه في المستقبل. تم تجميع الخريطة التي تُظهر الأجزاء المتبقية من الغابات المطيرة في إنجلترا وويلز واسكتلندا بمساعدة الجمهور والعلماء ومجموعة من المتخصصين في تحديد المواقع الجغرافية.

قال جاي شروبسول، الناشط البيئي الذي يدير حملة "Lost Rainforests of Britain" إن مساحة 18،870 هكتاراً (46،628 فداناً) التي تعيش في إنجلترا يمكن أن تتضاعف في غضون جيل واحد إذا سُمح لها بالتجدد بشكل طبيعي، وساعد في انتشارها مهندسو النظام الإيكولوجي مثل جايز، التي ثبت أنها تدعم إعادة نمو الغابات.

قال شروبسول: أعتقد أن الخريطة تعطي شعوراً بالأمل في أن 20% من بريطانيا لديها المناخ المناسب للغابات المطيرة المعتدلة. من المحتمل جداً أن تكون هذه المنطقة قد غُطيت ذات مرة بالغابات المطيرة منذ آلاف السنين. في النهاية، أعتقد أن هذا شيء نحتاج إلى الإلهام منه والتطلع إلى الماضي للتفكير فيما نحتاج إلى استعادته في المستقبل.

وأضاف: لا أعتقد بالضرورة أنه يمكننا تغطية كل الـ 20%. لكنني أعتقد أنه يمكننا السماح لتلك الأجزاء الموجودة التي حددناها بالتوسع في الحجم.

قامت منظمة YouGov غير الربحية بإجراء استطلاع للرأي في بريطانيا، وقد وجد أن 93% من الجمهور البريطاني يؤيدون حماية الغابات المطيرة في البلاد، بينما يؤيد 85% توسعها ويعتقد 80% أن التمويل العام يجب أن يدعم ترميمها.

يقول علماء البيئة إن الأنواع الغازية والتلوث والرعي من قبل الماشية قد أضرت بالغابات المطيرة المعتدلة في المملكة المتحدة، لكن الحماية الجوهرية والغرس الدقيق للأشجار يمكن أن يؤدي إلى توليد النظم البيئية النادرة بشكل طبيعي. وعلى سبيل المثال فإن غابة سلتيك المطيرة بالقرب من سنودونيا تعطي الأمل الكبير بإمكانية نجاح محاولات استعادة بقية الغابات المطيرة في مناطق أخرى من بريطانيا.

وجد التحليل السابق الذي أجرته منظمة Lost Rainforests of Britain أن 73% من الأجزاء المتبقية من الغابات المطيرة المعتدلة في إنجلترا لم يتم تصنيفها كمواقع ذات أهمية علمية خاصة، على الرغم من أهميتها للتنوع البيولوجي. كان شروبسول يشجع أفراد الجمهور على مساعدته في تحديد الأجزاء المتبقية من الغابات المطيرة ورسم خرائط لها.

قامت منظمات أخرى غير ربحية تعنى بموضوع حماية البيئة مثل: RSPB و Wildlife Trusts و National Trust و Woodland Trust بدعم حملة شروبسول، حيث كتبوا رسالة إلى وزير البيئة الجديد رانيل جيواردين الشهر الماضي لحثه على حماية ما تبقى بشكل أفضل وتوسيع الموائل النادرة، والتي يوجد مثلها أيضاً في باتاغونيا التشيلية وألاسكا واليابان.

في الرسالة، التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان، حثت المنظمات غير الحكومية الرائدة في مجال الحياة البرية الحكومة على ضمان وضع جميع الغابات المطيرة في إنجلترا تحت الحماية للمساعدة في دعم التزامها بحماية 30 % من البلاد، وهو هدف رئيسي لمشروع اتفاقية دولية بشأن حماية التنوع البيولوجي سيتم التفاوض عليها في ديسمبر في Cop15 في مونتريال.

كما تدعو هذه الرسالة الحكومة إلى اعتماد استراتيجية محددة للغابات المطيرة لحماية الغابات القديمة في إنجلترا، والعمل مع ملاك الأراضي والمزارعين للمساعدة في تجديد المناطق بشكل طبيعي وفقاً لأحدث العلوم.

بالإضافة إلى شروبسول، وقع الخطاب إيان دن، الرئيس التنفيذي لشركة بلانت لايف؛ كاتي جو لوكستون، مديرة الحفظ العالمي في SPB ؛ روزي هيلز، مديرة الطبيعة والعلوم في الصندوق الوطني؛ كريج بينيت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Wildlife Trusts؛ والسير تيم سميت، المؤسس المشارك لمشروع عدن.

قالت الحكومة سابقاً إن الكثير من الغابات المطيرة المعتدلة في البلاد محمية وأنها مستمرة بالالتزام بحمايتها.

----

بقلم باتريك غرينفيلد

مترجم عن موقع: The Guardian