يتوغل روبرت غرين في هذا الكتاب "قوانين الطبيعة البشرية" في واقع الإنسان الحالي وما تفرضه التكنولوجيا والأفكار القبلية على طريقة التعامل بين البشر. إنه كتاب لفك التشفير عن سلوكيات البشر المألوفة والغريبة والمدمرة. وكل قانون من هذه القوانين الثمانية عشرة، يعالج جانباً محدداً من الطبيعة البشرية.

يقول غرين: "الطبيعة البشرية أقوى من أي فرد، وأقوى من أي مؤسسة، وأقوى من أي اختراع تكنولوجي. إنها تحركنا هنا وهناك، وكأننا بيادق بين أصابعها. وإذا تجاهلنا قوانينها، فنحن نعرض أنفسنا للخطر. إن رفضنا الانصياع للطبيعة البشرية، يعني ببساطة أننا نلقي بأنفسنا في مشكلات لا قِبل لنا بها، بالإضافة إلى ما سنعانيه من مشاعر الضيق والارتباك".

ويرى غرين أن من يتبع هذه القوانين يمكن أن يتحول إلى شخص أكثر هدوءاً وبُعد نظر. وسيتمكن من إتقان تفسير الإشارات التي يصدرها الناس باستمرار، وبهذا يصبح قادراً على الحكم على شخصياتهم. وعندما يواجه المرء أصحاب الأنماط السامة، فإن اتباعه لهذه القوانين، سوف يخلصه من هؤلاء ويتفوق عليهم. فالعدوانيون، والحساد، وأصحاب المكر من الناس، لا يعلنون عادةً عن أنفسهم كغيرهم. بل هم تعلموا الظهور بمظهر آسر في اللقاءات الأولى؛ فنراهم يستخدمون الإطراء ووسائل أخرى لتجريدنا من أسلحتنا. وعندما يفاجئوننا بالسلوك القبيح، نشعر بخيانتهم، وغضبنا وعجزنا.

إننا نمتلك نفسين متضادتين داخلنا، واحدة دنيئة، والأخرى سامية. النفس الدنيئة أقرب إلى الجانب الحيواني وجانب الاستجابة برد الفعل في طبيعتنا، وهي النفس التي ننزلق إليها بسهولة. أما النفس السامية فهي أقرب إلى الجانب الإنساني حقّاً في طبيعتنا، وهو الجانب الذي يجعلنا نكثر التفكير، ونعي ذاتنا. وبما أن دوافع النفس السامية هي الأضعف، فالاتصال بها يتطلب منا جهداً وبصيرة. وإخراج هذه النفس المثالية التي تعيش داخلنا هو ما نريده جميعاً بالفعل؛ لأننا بمجرد تطويرنا هذا الجانب من أنفسنا نشعر بأننا بشرٌ بحق.

يقول قانون اللاعقلانية: "يظن أحدنا بأنه إنسان عقلاني، لكنه ليس عقلانياً. فالعقلانية ليست قوة مجبولة فينا ولدنا بها، بل هي قوة نكتسبها بالتدريب والممارسة. أنت تستجيب باستمرار لما يعطيك الناس إياه، فتعاني موجات من الانفعال، وانعدام الأمان، والقلق؛ فيصبح من الصعب عليك إمعان الفكر. وينصرف انتباهك بطريقة أو بأخرى، وإذا غاب عنك المعيار العقلاني الذي يوجه قراراتك، فلن تصل مطلقاً إلى ما رسمته من أهداف. ويمكن لكل ذلك أن يتغير في لحظة بقرار بسيط منك – هو أن تنمي الحكمة التي في داخلك. حينئذ ستكون العقلانية أكثر ما تجلُّه، وستكون دليلك في طريق حياتك".

أما قانون النرجسية، فإنه ينطلق من فكرة حب الذات، والتي يجب أن نكبح جماحها وتحويلها إلى معنى أسمى.

ويتحدث قانون السلوك القهري، عن السلوكيات والأنماط القهرية التي يجب التخلص منها. ويتحدث القانون عن تكرار السلوك والأنماط عند الشخصيات بفعل النشأة والبيئة، وكيفية تحديد الطرق الأمثل لمعاملة الناس بعد اكتشاف أنماطهم الشخصية، وتجنب الشخصيات السامة، والاقتراب من الشخصيات التي تنتهج سلوكيات إيجابية.

كل القوانين الأخرى تدعو إلى الإيجابية والانفتاح والتسامح مع الآخرين والتعلم من الشدائد وخلق الفرص من العدم واستكشاف حدود قوة الإرادة.

----

الكتاب: قوانين الطبيعة البشرية

الكاتب: روبرت غرين

المترجمة: إبراهيم محمد المالكي، محمد الإدريسي

الناشر: دار المالكي، 2020