في جبلة آثار فينيقية ورومانية وإسلامية قديمة كالجوامع والحمامات والمسرح الأثري أو مدرج جبلة الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الأول الميلادي، ويعتبر المسرح الأثري الخامس في العالم، كما أنه من أجمل المعالم الأثرية في العالم على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط?، بالإضافة إلى غناها على مر العصور بآبارها الغنية وينابيعها الصافية ومناخها المعتدل.

أشار الكاتب إبراهيم خير بك في كتابه "تاريخ جبلة وآثارها" إلى إن مدينة جبلة حافظت على اسمها المشرقي الأصيل مع تحريف بسيط منذ ثلاثة آلاف عام ونيف، كما أنها ذكرت في النصوص الأوغاريتية باسم "جبعلا"، حيث يعني اسمها "الجب العالي أو البئر العميقة" نظراً لما هو معروف عنها من انخفاض سوية الوسادة المائية تحتها وعمق آبارها. وأصبح اسمها في العصور الهلينستية والرومانية والبيزنطية يلفظ على شكل "غابالا" لانعدام حرف العين في اللغتين اليونانية واللاتينية، ويرجح ذلك كونها مدينة فينيقية، حيث جاء ذكرها في آثار أوغاريت ورأس شمرا، كما إنها خضعت لفتح الآشوريين لفترة طويلة، ثم أصبحت تابعة لمملكة أرواد الفينيقية وشاركتها بالحروب والتجارة.

مساحتها

كما تحدث الكتاب عن مساحة مدينة جبلة التي تبلغ حوالي ستمائة كيلو متر مربع، فهي تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة اللاذقية على شاطئ البحر المتوسط تحدها شمالاً اللاذقية وغرباً البحر المتوسط وشرقاً الجبال الساحلية وجنوباً محافظة طرطوس، كما تنتمي لإقليم الساحل السوري الذي يميزه المناخ المعتدل فشتاءه لطيف البرودة وصيفه معتدل الحرارة نسبياً.

الصروح الأثرية

أوضح الكاتب في كتابه وجود المسرح الروماني الذي يقع وسط مدينة جبلة وفي الجهة الشرقية من المدينة القديمة بمجاورة السور الروماني الذي يعود تاريخ بنائه إلى عهد الإمبراطور البيزنطي جوستنيان حسب رأي بعض المؤرخين، ويتسع المسرح لثمانية آلاف متفرج. وهذا يدل على أن مدينة جبلة في العصر الروماني كانت من المدن الأكثر أهمية بين المدن الأخرى المعاصرة لها، وتدل طريقة بنائه على مهارة معمارية تشير الى عبقرية مهندسي ذلك العصر، إضافة إلى إحداث متحف وطني يغني تراث المدينة ويجسد الإرث الثقافي والمخزون التاريخي لها، بالإضافة إلى المتحف المقترح الذي كان يسمى "السرايا" حيث منح المدينة تواصلاً تاريخياً يجذب السياح إلى المدينة. وخلق الاهتمام بمركز المدينة الأثري فراغاً وسطها وتحويلها إلى ساحة رئيسية تتضمن ممرات المشاة والحدائق مع تحويل حركة السيارات الى حركة محيطية بهدف إظهار المباني الأثرية المطلة على الساحة المركزية بالشكل اللائق والحضاري والتي شكلت فراغاً عمرانياً وبصرياً انتقالياً بين المدينة القديمة والحديثة.

كما تناول الكتاب دراسة أغلب آثار المدينة وصروحها التاريخية وقلاعها التي تعود إلى الفترة الزنكية والأيوبية والمملوكية والعثمانية والفرنسية، إضافة الى دراسة لقلعة "بنى قحطان" وبعض التلال الأثرية ذات القيمة التاريخية والحضارية، وتناول الحمامات والمدافن التي تشتهر بها المدينة، الصناعات الفخارية عبر العصور

حرفها وصناعاتها

ذكر الكاتب الحرف التقليدية القديمة التي اشتهرت بها المدينة عبر العصور كالصناعات الفخارية، وبناء مراكب الصيد وصناعة السكاكين والصابون، إضافة إلى صناعة الحلويات وأشهرها الكنافة الجبلاوية المشهورة. كما تعد مدينة جبلة سوقاً تجارياً مهماً تتنوع بضائعها المختلفة، فهناك سوق الذهب والخضار والسمك إضافة إلى وجود تجمع للخياطين واللحامين وتجار الأقمشة ومهن تجارية أخرى.

امتازت مدينة جبلة على مر العصور بآبارها وينابيعها الغنية بالماء الصافي، كما يعتبر نهر السن مصدر ماء شرب للمدينة ويغذي ريفها القريب ينابيع عدة كنبع الفوار ونبع الدبس وعدد من الأنهار كنهر أم برغل والرميلة، كما إن تربتها متنوعة من الصخرية القاسية الجيدة والتربة الزراعية الجيدة الملائمة لزراعة المحاصيل الزراعية كالحمضيات والزيتون والقطن والدخان والأشجار المثمرة المتنوعة.

البعد الثقافي

يتحدث الكتاب عن الحياة الثقافية والفنية لمدينة جبلة، حيث يقام فيها العديد من المهرجانات الفنية والمعارض كمهرجان "طريق الحرير" ومهرجان "جبلة" الثقافي ومهرجان "المحبة" ومعارض متنوعة للكتاب العربي والفن التشكيلي، كما ذكر الكاتب الشخصيات اللامعة والأبطال في مدينة جبلة كالشيخ عز الدين القسام، وفي الأدب أدونيس وندبم محمد، وفي الفن شيخ النحاتين سعيد مخلوف، وفي السباحة الطويلة محمد زيتون، ومن أبطال العالم ماهر صالح ومروان صالح وأحمد الحسين.

----

الكتاب: ‏تاريخ جبلة وآثارها

الكاتب: إبراهيم يونس خير بك

الناشر:: الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2018